لماذا استدار العرب نحو بوتين؟
تشير الارقام الموجودة ان عدد الزيارات التي قام بها القادة والمسؤولون العرب الى روسيا خلال فترة الـ 14 شهرا الماضية هو اكبر من عدد هذه الزيارات خلال الـ 20 سنة التي سبقتها، وقد بدأت هذه الزيارات مع اقتراب موعد الاتفاق النووي مع ايران ومن ثم تحولت من شهرية الى اسبوعية والآن نرى ان في كل اسبوعين على الاقل يزور وزير خارجية دولة عربية موسكو.
ان هذه الزيارات العلنية والسرية بدأت في وقت كانت موسكو تحت ضغط غربي هائل بسبب استيلائها على شبه جزيرة القرم وكان الغربيون يتوقعون من اصدقائهم العرب ان يساهموا في فرض المزيد من العزلة على روسيا تماما كما فعلت السعودية وزادت انتاج النفط لكسر ظهر الاقتصاد الروسي بغية منع موسكو من التدخل في الازمات التي تشهدها منطقة الشرق الاوسط.
روسيا .. من العزلة الحادة الى الحضور النشط على الساحة الدولية
لقد دخل الروس في فترة من الفترات في حالة انطواء على الذات وتركوا الساحة الدولية لمنافسيهم الدوليين وقد وصلت التحركات الاوروبية والامريكية الى الحدود الغربية والجنوبية لروسيا والفناء الخلفي لهذا البلد كما غفل الروس تماما عما جرى في ليبيا، وهنا وقف الروس امام لحظة تاريخية ليقرروا استعادة نفوذهم الدولي المفقود وكان هذا امرا حيويا بالنسبة لهم وقد دخل الروس مباشرة الى القوقاز في الجنوب ومن ثم دعموا الانفصاليين في شبه جزيرة القرم في اوكرانيا اي في الغرب ومن ثم دخلوا الحرب السورية ليدافعوا عن منطقة نفوذ تابعة لهم كما لعب الروس دورا بارزا في التوصل الى الاتفاق النووي مع ايران وهكذا اصبحت روسيا مرة اخرى لاعبة دولية هامة.
العلاقات العربية الروسية في ظل الاتفاق النووي
لقد زاد الاتفاق النووي مع ايران اهمية الدور الروسي الدولي وتسارعت وتيرة زيارات المسؤولين العرب الى موسكو للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وباقي المسؤولين السياسيين والامنيين الروس لكن هناك سؤال يطرح نفسه بقوة وهو حول اسباب هذه الاستدارة العربية نحو بوتين، وللاجابة يمكن القول ان الاسباب تتلخص فيما يلي:
– الحيلولة دون توثيق العلاقات بين موسكو وطهران اكثر مما هي عليه الآن.
– منع ابرام صفقات اسلحة بين روسيا وايران عبر عرض صفقات مغرية بشكل اكبر مع الروس.
– تطميع واغراء روسيا والاقتراب منها بهدف التأثير على رأي روسيا وسياساتها في الملفات الاقليمية.
– ارسال اشارة سلبية الى امريكا
لأن العرب وخاصة السعوديين يشعرون باليأس والاحباط إلى جانب الكيان الاسرائيلي بعد نجاح الصفقة النووية مع ايران، ويعتقد هؤلاء ان امريكا لم تعد حليفة يمكن الوثوق بها في الاوقات الصعبة.
– التخوف الشديد من اداء امريكا فيما يتعلق بمشروع الشرق الاوسط الجديد
تخوف العرب كثيرا من مشروع امريكا المسمى بالشرق الاوسط الجديد والذي طرحته كوندوليزا رايس اثناء حرب تموز في عام 2006 لأنه مشروع سايكس بيكو جديد يهدف لتغيير جغرافيا الدول العربية والآن يتخوف العرب من “الربيع العربي” والمآرب الامريكية والغربية في هذا المجال.
– تخبط امريكا وضعفها في الملفات الاقليمية
هناك غموض يلف الان الاداء الامريكي فيما يخص ملفات المنطقة ومنها سوريا والعراق وشمال افريقيا وظاهرة “داعش” حيث يشعر الجميع بأن هناك خلافات حتى داخل الادارة الامريكية حول كيفية التعامل مع هذه الازمات، كما يشعر البعض ان هناك بعضا من الفوضى التي كانت امريكا تحن اليها في الماضي وهذا تسبب بفوضى في علاقات امريكا مع اصدقائها.
– انخفاض التوتر بين روسيا وتركيا
لقد راهنت الدول العربية وخاصة السعودية على القوة العسكرية التركية لايجاد توازن ونوع من الردع في الملفين السوري والعراقي ولذلك تعتبر هذه الدول العربية ان ازدياد التوتر بين روسيا وتركيا يضر المحور التركي السعودي الاسرائيلي ولذلك تسعى هذه الدول العربية الى خفض التوتر بين روسيا وتركيا.
المصدر / الوقت