العلاقة التاريخية للسعودية بانتشار الإرهاب في الشرق الأوسط
منذ تأسيس السعودية، لعب آل سعود دوراً رئيسياً في تشكيل الجماعات الإرهابية، وأول ظهور لذلك کان في أواخر الثمانينات من القرن الماضي، حيث استفادت السعودية من تقارب أمريكا مع طالبان، وأنفقت مليارات الدولارات لنشر أفكار تمهّد السبيل لتشكيل الجماعات الإرهابية في المستقبل. وبلغت أنشطة “بندر بن سلطان” والسعودية ذروتها مع أحداث 11 سبتمبر. والتحريات في هذا المجال أثبتت العلاقة العميقة للمسؤولين السعوديين مع تنظيم القاعدة وحركة طالبان، بحيث کان هناك 15 سعودياً من بين الإرهابيين الـ 19 الذين نفذوا هجمات 11 سبتمبر.
تصدير الإرهاب في السعودية يمکن تسميته بأنه النشاط التصديري الثاني في هذا البلد بعد صادرات النفط، وتعدّ السعودية واحدة من أكبر المؤيدين والمروّجين للأفكار الإرهابية في العالم، وإن نظرةً على أنشطة هذا البلد علی الصعيدين الداخلي والخارجي تُظهر أن أغلب الإرهابيين الإقليميين والدوليين يتحدّرون إلی السعودية، أو متأثرين بالميول الوهابية لهذا البلد، أو يتلقون الدعم والتمويل والأسلحة منه.
تشويه صورة الإسلام نتيجة نشر الوهابية
إن دعم النظام السعودي للمنظمات الإرهابية في المنطقة، بالإضافة إلى أنه يمکن أن ينفّذ الإستراتيجية الأمريكية والصهاينة والدول الأوروبية في المنطقة، فإنه من جهة أخری ومن خلال الترويج للادعاء بأن السعودية هي حاضرة العالم الإسلامي، فإن الآلة الإعلامية الغربية ستستخدم هذا التماثل المشؤوم، وتُلصق مفهوم الإرهاب بالإسلام، مستفيدةً من هذا التماثل لنشر الإسلاموفوبيا في البلدان الأوروبية والغربية.
ومع بدء وتشديد موجة الصحوة الإسلامية في المنطقة، تكثّفت تحرکات التيارات الوهابية والتكفيرية في البلدان الإسلامية، والتي خطّط لها الغرب لإحداث الانحراف في هذه العملية. في هذا المجال، فإن عملية العنف التي تمت في البلدان الإسلامية تحت غطاء المذهب الوهابي المتطرف، أخذت في ازدياد بشكل كبير، وفي ظل هذه الأوضاع، قُتل كثيرٌ من الناس والمدنيين الأبرياء وخاصةً في سوريا واليمن والعراق وأفغانستان، وبأبشع حالة ممکنة، علی يد العناصر الإرهابية والتكفيرية، الذين کانوا يرون في قتل الشيعة والطوائف الأخرى غير الوهابية سلّماً للوصول إلی الجنة.
الترابط التاريخي بين آل سعود وآل الشيخ
في السعودية، إن المؤسسة الحکومية لآل سعود، أو المؤسسة الملكية وتنظيم الوهابية، هما حلقتان لسلسلة واحدة. حيث أقام آل سعود منذ محمد بن سعود، علاقةً أساسيةً مع محمد بن عبد الوهاب. وآل الشيخ، أي أبناء “محمد بن عبد الوهاب”، يتولون حالياً الشؤون الدينية في السعودية. والارتباط مع السلطة، أدى إلی ظهور النهج التكفيري في السعودية، وتوسّع العلاقات بين السعودية والغرب فيما بعد، وفّر الأرضية لاستخدام هذا النمط الفكري الخطير من أجل تحقيق أهداف الاستعمار.
لقد بذل السعوديون وخاصةً في السنوات الخمسين الماضية الكثير من الجهود لتوسيع نفوذهم من خلال انتشار الأفكار الوهابية. وعندما أُعدم السيد قطب في مصر، حاولوا کثيراً وعبر اجتذاب أخيه، استمالة السلفية في مصر نحوهم، وذلك في الواقع ليغيّروا إستراتيجيتهم من الجهاد إلی التکفير، ولكنه رفض. ومع ذلك، فإن احتلال أفغانستان من قبل الاتحاد السوفياتي السابق قد أوجد مجالاً جديداً لأنشطة السعوديين. إذ واصل السعوديون دعم الجماعات المتطرفة في العالم، وخاصةً في منطقة الشرق الأوسط بما فيها تنظيم داعش الإرهابي، وكان تشكيل هذا التنظيم نتيجةً لنشر الأفكار المتطرفة من قبل السعودية.
بندر بن سلطان يحقّق وعده
الخطة السعودية قد تواصلت، ولعب الأمير بندر بن سلطان دوراً أساسياً في الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003. واحتلال العراق قد وفّر الأرضية لتشكيل تنظيم داعش الإرهابي في مراحله الأولى، والسعودية واصلت دعم هذا التنظيم وغيره من الجماعات الإرهابية، لدرجة أن عدد الإرهابيين السعوديين الذين قتلوا في العراق منذ عام 2003 إلى الآن، قد بلغ ألفي شخص. وسوريا هي المکان الأبرز للدعم السعودي للإرهاب. وسبق أن وعد “بندر بن سلطان” بأنه سيُغرق الشرق الأوسط في الدم، ولهذا السبب جال في عواصم العالم من أجل جرّ الدول إلی خططه المدمرة، وفي نهاية المطاف وصل إلى هدفه، حيث أغرق سوريا والمنطقة في بحور من الدم.
شهد شاهدٌ من أهلها …
جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي قال: إن مشكلتنا هي حلفاؤنا في المنطقة. السعوديون والإماراتيون وغيرهم، قرروا إشعال حروبٍ بالوكالة بين السنة والشيعة في المنطقة، ويقدّمون الملايين من الدولارات وأطناناً من الأسلحة إلى أولئك الذين کانوا أعضاءً في جبهة النصرة، تنظيم القاعدة وجماعات أخرى. بعد العراق وسوريا، توجّهت السعودية إلی اليمن، البلد الذي يسيطر تنظيم القاعدة وداعش على مساحات شاسعة منه، والسعودية تساعدهم في السيطرة علی هذه المناطق. وهكذا، ففي حين يدعي آل سعود مكافحة الإرهاب، فلم يلقوا حتى قنبلة واحدة علی المناطق التي تسيطر عليها هاتان المجموعتان.
المصدر / الوقت