أسباب الأزمة الإقتصادية لإقليم كردستان العراقي وارتباطها بالإضطراب الأمني
يشهد الوضع الإقتصادي لأقليم كردستان العراقي أزمة اقتصادية حادة برزت بوضوح منذ نحو عامين تقريباً، فعلى مستوى المواطن هناك تأخير في دفع الرواتب يصل في بعض الأحيان إلى الأربع أشهر، إلى الحاجة لعمل المواطن بدوامين لسد الحاجات العائلية اليومية الأولية، إلى لجوء قسم لا بأس من المواطنين لبيع أغراضهم ووسائلهم الشخصية بهدف تأمين مردود أضافي، ناهيك عن انتشار ظاهرة الشراء بالدين، وارتفاع ملحوظ في أسعار السلع. على المستوى الإقتصادي العام فمن افلاس الشركات إلى ارتفاع أسعار النفط كلها وقائع جعلت من الوضع الإقتصادي في الإقليم العراقي في مهب الريح. في هذا المقال سنعرض بعضاً من الأسباب الإقتصادية التي أدت إلى الواقع الإقتصادي الحالي للأقليم، وما نتج عنه والإرتباط في بعض من جوانبه بدخول الجماعات الإرهابية للأراضي العراقية.
أولاً: هناك اتفاق على أن أحد العوامل الأساساية للمشكلة الإقتصادية للإقليم تعود إلى الهدر الكبير جداً في صرف الموازنة عبر الوزارات والمؤسسات الحكومية، بحيث تقدر النفقات التشغيلية في إدارة الإقليم ب 75%، إلى الفساد الإداري والذي يستهلك الميزانية والإيرادات هذا الفساد والذي ينتج من خلال ابرام صفقات وعقود وهمية أو واقعية مخلة للشروط يتخللها الرشوة والإختلاس وتهريب رؤوس الأموال الى تشريع و تقنين القوانين والتعليمات من اجل نهب جانب كبير من اموال الدولة وتهريبها إلى الخارج ويتم إيداعها في البنوك الأجنبية لحساب أصحاب النفوذ والسلطة ورجال الأعمال القريبين منهم.
ثانياً: وجود خلل كبير في النظام الإقتصادي للإقليم والذي أدى إلى ضعف البنية الإقتصادية واعتمادها على حركة سوق العقارات والإيراد النفطي في مقابل اهمال كافة الجوانب الإقتصادية الأخرى، كما أن المضاربة في السوق العقاري والتي أدت إلى ارتفاع السعر السوقي لأي عقار أعلى بعشرات المرات من قيمته الحقيقية ما أدى إلى تكوين فقاعة عقارية انفجرت مؤخراً ونجم عنها توقف المضاربات وزيادة الأسعار وبالتالي أدى إلى جمود في حركة الأسواق.
ثالثاً: هبوط اسعار النفط مؤخراً ليصل سعر البرميل إلى 30 دولاراً في حين تشير التوقعات إلى احتمالية تراجعه إلى العشرين دولار خلال بضعة أشهر بعد أن كان 100 دولار، ولأن إعتماد الأقليم قائم على انتاج النفط دون ركيزة اقتصادية أخرى، فإن التقديرات ليست بعيدة عن ما يرشح من اقتراب الإقليم من حافة الإفلاس. ومن بوادر ذلك أن اعلنت 30 شركة محلية في اقليم كردستان افلاسها خلال عام فيما تراجع تسجيل الشركات المحلية الجديدة والأجنبية بفعل الوضع الأمني المضطرب الذي يشهده العراق. فيما أكثر الشركات قلصت كادرها العملي، هذه الشركات أغلبها من العامل في مجال البناء والإنشاءات والخدمات النفطية. ففي العام 2014 كان عدد الشركات قد بلغ 64 شركة في حين كان في العام 2013 قد بلغ 434 شركة، فيما نسبة الشركات الأجنبية تصل إلى 39% و 40% للشركات الوطنية.
لا شك أن هبوط أسعار النفط مرتبط بشكل أو بأخر بوجود جماعات الغرب الإستعماري التي دخلت العراق وسوريا بدعم من الأنظمة الخليجية الحاكمة وبالتحديد السعودية، فالسياسة الأمريكية ألزمت الأنظمة الحاكمة بتحمل تكلفة دعم الجماعات ومن ثم تكلفة محاربتها، هذا كان له تأثير بشكل أو بأخر على هبوط سعر برميل النفط وبالتالي التأثير على إقتصاد الإقليم القائم على صادرات النفط.
رابعاً: الواقع الأمني الذي خلفته الجماعات الإرهابية بلا شك له تأثير كبير على الإقتصاد في الإقليم العراقي بل وعلى كل العراق، لأن الإضطراب الأمني يؤدي إلى قلق لدى المستثمرين الأجانب وتخوف من وضع رؤوس أموالهم في مشاريع اقتصادية يحيطها جو من القلق والإضطراب، هذا يؤدي تدريجيا إلى تتباطأ عجلة الاقتصاد مؤدياً الى ركود مستمر. بل وشهدت الأيام الأولى لدخول جماعات الفكر التدميري العراق واقترابها من اربيل إلى توقف تدفق الاستثمارت الأجنبية، بل وخروج من كان موجودا منهم من الاقليم، مما ادى الى خلق بلبلة وفوضى في الاقتصاد و توقف نموه و تراجعه الى مستويات متدنية جدا.
خامساً: السياسة المتبعة من قبل بعض الدول حيال اقليم كردستان العراقي بل والعراق ككل والقائمة على جعله سوقاً لتصريف منتجاتها، وبالتالي أدت هذه السياسات إلى القضاء على أي انتاج صناعي محلي أو زراعي خاصة أن المنتجات الخارجية المصدرة عادةً أقل جودة وبالتالي أقل تكلفة من الإنتاج المحلي. وبذلك اصبح انتاج اي مادة داخل الإقليم العراقي شبه مستحيل بسبب عدم قدرته لمنافسة المستورد. لا شك أن سياسة الأحزاب الحاكمة داخل الإقليم ساهمت بشكل كبير على تفعيل هذه السياسات وتنميتها.
المصدر / الوقت