جنيف 3 .. بداية انكسار الجبهة الاٍرهاب في سوريا
عادة ما تسمى المفاوضات في الادبيات السياسية بانها استمرار للحرب كما تسمى الحرب ايضا بانها استمرار للمعركة الدبلوماسية، وفيما يخص الازمة السورية فانها شهدت صعودا وهبوطا خلال الاعوام الخمسة الماضية لكن الـ 4 أشهر الاخيرة اثبتت بأن دعاة الحرب في سوريا قد وصلوا الى الطريق المسدود ولذلك يمكن القول ان قبول هؤلاء بمفاوضات جنيف 3 كان خيارا اجباريا ومريرا لكي يمنعوا تسارع انهيار الارهابيين، فهؤلاء يريدون الان كسب الوقت لخلق ادوات جديدة لهم.
ان امريكا التي يئست من حلفائها باتت تساوم اليوم روسيا، و السعودية التي كانت تريد ادخال الارهابيين الى المفاوضات جوبهت برفض سوري وايراني وروسي و”ديميستورا” الذي استحقر بات راضخا للقرار الدولي رقم 2245 في قضية الفصل بين الارهابيين والمعارضين السوريين.
وقد اسفرت آخر المشاورات بين امريكا وروسيا عن قبول الرؤية الروسية فيما يخص مفاوضات جنيف فازداد عدد المعارضين في الفريق المفاوض واستبدل الكلام عن الحكومة الانتقالية بحكومة الوحدة الوطنية وباتت روسيا تدعم فريقا شكل من العلمانيين وهم “قدري جميل” و”هيثم مناع” و”الهام احمد” و”رندة قسيس” و”صالح مسلم” (رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي) للتفاوض مع الحكومة السورية في مقابل الفريق المعارض الذي شكلته السعودية والمؤلف من 15 جهة ايضا، ويأتي هذا رغم الموقف التركي باعتبار الاكراد ارهابيين.
وهكذا يمكن القول ان امريكا قد قبلت بالموقف الروسي القاضي بحذف ارهابيي جيش الاسلام واحرار الشام من الفريق التفاوضي الذي شكلته الرياض واسطنبول والدوحة، اما “ديميستورا” فقد بدا مفاوضاته مع الوفد الحكومي السوري مساء الجمعة لكن الفريق الذي اقترحه الرياض يريد التنصل من المفاوضات عبر فرض شرط وقف اطلاق النار لبدء المفاوضات وهذا يعني ان الجماعات المسلحة وحماتهم لايمتلكون اوراقا للعب ولايستطيعون فرض قضية “الارهابي الجيد” و”الارهابي السيء” على محور المقاومة لأن الارهابيين وشذاذ الآفاق العملاء للاستخبارات الغربية والاسرائيلية والانظمة الدكتاتورية وتركيا، قد لفظهم الشعب السوري.
ان برنامج مفاوضات جنيف 3 لايحل ايضا مشكلة الجماعات الارهابية لأن القتال مع ارهابيي داعش والنصرة وجيش الاسلام واحرار الشام وكافة حلفائهم في الجماعات الارهابية الاصغر سيستمر وان الوقف المحتمل لاطلاق النار لايشمل هؤلاء الارهابيين، ومن جهة اخرى سيؤدي تضييق الخناق على هؤلاء ميدانيا وقطع خطوط امداداتهم ومواصلاتهم الى احتدام المعارك الداخلية بينهم فهناك الان اشتباكات ومعارك وعمليات انتحارية بين النصرة واحرار الشام في شمال حلب وفي ادلب ومناطق اخرى.
ان قضية تشكيل حكومة انتقالية في سوريا لم تعد مطروحة في اجتماعات جنيف 3 وان المطروح الان هو حكومة الوحدة الوطنية وان ضعف وعجز الارهابيين وحماتهم الغربيين دفع “جون كيري” الى ابلاغ الارهابيين المجتمعين في الرياض بأنهم سيخسرون الدعم الامريكي اذا لم يشاركوا في جنيف 3.
ويجب القول ان على حماة الجماعات المسلحة والارهابيين ان يكتبوا في سجلاتهم ايضا كلمة “الهزيمة السياسية” ويخرجوا من مؤتمر جنيف 3 صفر اليدين.
ورغم علم الجميع بأنه لايمكن عقد الآمال على جنيف 3 لكن اقل انجاز لهذا المؤتمر هو التأكيد على ان الارهابيين لايحق لهم المشاركة في العملية السياسية ولايكافؤون، ان الفريق التفاوضي المتشكل في الرياض يفتقد للمشروعية ويجب عليه ان يحذف ممثلي احرار الشام وجيش الاسلام ويستبدلهم بجماعات اخرى وفي النهاية ستؤول الامور الى تشكيل حكومة الوحدة الوطنية وهذا ما كان النظام السوري يقترحه منذ البداية.
ان المشاكل الموجودة في تنظيم اعمال مؤتمر جنيف 3 والخلافات الجذرية بين الاطراف الرئيسية المؤثرة سيؤدي الى تأجيل المحادثات الى مؤتمر ميونيخ الامني الذي سيعقد في شهر فبراير الحالي في المانيا وستسعى الاطراف المؤثرة الى تنسيق مواقفهم هناك وتذليل الخلافات حول حل الازمة السورية، لكن جنيف 3 سيتحول الى بداية لفصل سياسي جديد في الازمة السورية يشهد هزائم ميدانية للارهابيين وحماتهم.
المصدر / الوقت