التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

الجماعات الاسلامية في طاجيكستان والخطر السعودي 

تتميز التيارات والجماعات الاسلامية في آسيا الوسطى بأن معظمها تشكلت بدعم الدول الاجنبية وانها تروج لايديولوجيا مستوردة تختلف مع المفاهيم الاسلامية التقليدية لدى شعوب تلك المنطقة، وليست طاجيكستان استثناء في هذا المجال خاصة وانها لديها حدود مشتركة مع افغانستان كما انها تعتبر بوابة العبور نحو آسيا الوسطى ولذلك نرى ان طاجيكستان كانت مسرحا لتنافس اللاعبين الدوليين.

ان الصلات القوية التاريخية والثقافية والحضارية بين ايران وطاجيكستان قد اثارت حفيظة السعودية التي باتت تسعى الى تصدير الوهابية السلفية الى طاجيكستان للتضييق على ايران.

وفي طاجيكستان جماعات اسلامية تقليدية مثل حزب النهضة الاسلامي كما ان هناك جماعات متطرفة متأثرة بالمتطرفين الموجودين في العالم العربي وخاصة السعودية وقد نشطت هذه الجماعات في طاجيكستان بكثافة في بداية التسعينيات في وادي “فرغانة” الواقعة بين جمهوريات آسيا الوسطة مثل اوزبكستان وطاجيكستان وقرغيزستان وتعتبر هذه الجماعات داعمة لطالبان والقاعدة في افغانستان.

وقد سعت الحكومة الطاجيكية منذ البداية الى تقديم قراءتها الخاصة عن الاسلام وحاربت الاسلاميين المعتدلين والجماعات المتطرفة على حد سواء وحاولت قمعهم وعلى سبيل المثال حظرت حزب النهضة الاسلامي الذي كان يريد المشاركة القانونية في السلطة.

وفيما يتعلق بالتأثير الايراني والسعودي في طاجيكستان فيجب القول ان طبيعة حضور كلا الدولتين هناك تختلف عن بعضهما البعض لان ايران دعمت الجماعات المعتدلة القانونية مثل حزب النهضة لترويج الاسلام الحقيقي لكن السعودية استخدمت كل الادوات لترويج السلفية الوهابية.

وتستغل السعودية ضعف مستوى الفهم الاسلامي لدى شعوب آسيا الوسطى التي كانت لعقود تحت سيطرة الحكم الشيوعي كما ان تصاعد قوة طالبان في افغانستان اثر ايضا على الاوضاع في طاجيكستان ونشر النظرة المتطرفة عن الدين هناك.

وقام السعوديون بطبع ونشر الكتب الوهابية والسلفية في طاجيكستان واستخدموا الاموال لدعم مؤيديهم وبنوا مساجد لنشر الفكر الوهابي وفتحوا مدارس لتربية الشباب وارسلوا دعاة وهابيين الى جميع انحاء طاجيكستان واستغلوا فقر الشعب الطاجيكي لاجتذابه نحو التطرف.

وفي فترة من الفترات اعلن الوهابيون ان عديدهم في طاجيكستان وصل الى 20 الف شخص وبعد اندلاع الازمة السورية انضم الكثيرون من الطاجيك الى داعش والجماعات الارهابية الاخرى في سوريا والعراق ما اثار حفيظة السلطات.

طاجيكستان بين ايران والسعودية

لقد زار الرئيس الطاجيكي، السعودية بعد اعدام الشيخ “نمر باقر النمر” لكن يجب القول ان هذه الزيارة كانت مقررة منذ فترة وان الامر لم يكن مقصودا ومن جهة اخرى توترت العلاقات بين طاجيكستان وايران بعد مشاركة رئيس حزب النهضة الاسلامي الطاجيكي “محي الدين كبيري” في مؤتمر دولي في ايران وانتشار صورة له الى جانب قائد الثورة الاسلامية وهذا تسبب باعتقاد البعض ان طاجيكستان غيرت وجهتها من ايران نحو السعودية لكن الحقيقة هي ان احتمال وقوع مثل هذا الامر يبدو ضئيلا نظرا للعلاقات التاريخية بين الشعبين الايراني والطاجيكي ومساهمة ايران في اعمار طاجيكستان خلال السنين الماضية واسباب هامة اخرى ولذلك فإن العلاقات بين البلدين لن تتأثر بالعنصر السعودي.

ان السعودية تسعى حاليا الى اظهار نفسها كدولة رائدة في محاربة ومكافحة الارهاب ولذلك قامت بتشكيل حلف دولي بمشاركة دول اسلامية ولذلك دعت دولا مثل طاجيكستان للانضمام الى هذا الحلف لكن طاجيكستان رفضت ذلك وهذا يدل ان العلاقات بين الطرفين ليست متجذرة.

والحقيقة هي ان الاجهزة الامنية الطاجيكية تعلم جيدا دور الجماعات التكفيرية التابعة للسعوديين في اجتذاب الشباب الطاجيكيين وتجنيدهم للحرب في العراق وسوريا كما يعلم المسؤولون الطاجيك جيدا الدور السعودي في ترويج الاسلام التكفيري الوهابي في داخل بلادهم ولذلك فانهم لايستطيعون الوثوق بالسعودية التي تدعي مكافحة الارهاب والتطرف.

ان المسؤولين الطاجيك يعلمون جيدا بان ايران هي الدولة التي ترفع لواء محاربة الارهاب والتطرف في المنطقة وهي قلعة حصينة تمنع نفوذ الجماعات المتطرفة الى منطقة آسيا الوسطى كما يدرك المسؤولون الطاجيك ان ايران لم تتدخل ابدا في الشؤون الداخلية لطاجيكستان وقد دعت دوما الى ارساء السلام والاستقرار في هذا البلد.

وكان الدعم الايراني لحزب النهضة الاسلامي في طاجيكستان ايضا دعما قانونيا وفي اطار الدستور الطاجيكي لأن هذا الحزب كان حزبا رسميا ومسموح له النشاط بشكل رسمي في الهيكلية السياسية الطاجيكية وهو حزب مسالم لايمكن حذفه عن الساحة السياسية الطاجيكية.

وفي الحقيقة ان السلطات الطاجيكية هي التي نقضت معاهدة السلام في هذا البلد بحظرها حزب النهضة الاسلامي ما يؤدي الى تزايد نشاط المتطرفين وتهديد امن طاجيكستان، واذا لم تكف السلطات الطاجيكية عن ممارسة هذه السياسة فإن البلاد ستصبح مفتوحة ومهيأة لنشاط المتطرفين الذين تدعمهم السعودية.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق