ماذا وراء الجدال العازل في الكاظمية ؟ أسئلة برسم الاجابة
الأيام القليلة الماضية انتشر خبر قيام كتيبة أمريكية بالشروع في تشييد جدار طوله 3 اميال حول مدينة الأعظمية من العاصمة العراقية بغداد، هذا الأمر كان قد سبقه مشروع حفر خندق لتطويق العاصمة بغداد عن باقي المدن العراقية، وكان المشروع يتجه نحو التنفيذ لولا أنه قوبل بمعارضة شعبية وسياسية وعسكرية عراقية. في هذا السياق تدعي القوات الامريكية المحتلة أن مشروع عزل المناطق يأتي بهدف منع التفجيرات التي تشهدها الأحياء العراقية بين الحين والآخر، في هذا المقال سنعرض بعضاً من الأهداف الرئيسية الحقيقية التي تقف خلف المشروع الأمريكي من انشاء الجدار.
أهداف ما وراء الجدار
أولاً: ما قبل الإحتلال الأمريكي للعراق يتفق الجميع على أنه لم يكن بين الشعب العراقي أي خلافات مذهبية وطائفية، بل كانت كلمة الإجماع بين كافة المذاهب والأطياف على أن الشعب العراقي يعيش في ظل سلطة ظالمة تفقد الشرعية وتعمل لمصالح خارجية، ومع مجيء الإحتلال أيضاً ومن بعدها جماعات الفكر الظلامي التي أنشأها الإحتلال وأعوانه من الأنظمة اللاشرعية، عمل الشعب العراقي على توحيد جهوده أولاً في طرد المحتل وثانياً على التكاتف في مواجهة الجماعات الارهابية وطردها، وبالتالي فما قبل الإحتلال كما خلاله وبعده لم يظهر أي مظهر للفتنة والإختلاف المذهبي والطائفي بفضل النسيج العراقي المتآلف والموحد والمتصاهر فيما بينه.
لكن الإحتلال الأمريكي وبعد أن وجد نفسه عاجزاً على الإستمرار في احتلاله العراق أولاً ومن ثم فشل جماعاته الإرهابية في تحقيق الهدف، وجد من اسلوب تزكية الصراعات والخلافات ملجأه الوحيد، وحينما فشل في ذلك أيضاً خلال فترة الإحتلال، يعمل اليوم على الذهاب إلى المرحلة الثانية من مخططه وهو اجراء واقع على الأرض بالقوة كما لو أن الصراعات والخلافات موجودة، ولذلك يريد إنشاء جدار فاصل بين المناطق ويعتزم بدءه في الأعظمية ومن ثم تعميمه على باقي المناطق. وبالتالي تفكيك العراق الذي من شأنه أن يقضي على هذه الإرادة المشتركة والموحدة بنظر المحتل بالإضافة الى اهدف أخرى.
ثانياً: هناك مخطط أمريكي واضح وفق بعض التحليلات تؤكدها الوقائع من تقسيم العراق بالإنطلاق من بغداد، فأمريكا تريد تقسيم العراق إلى ثلاثة أقسام، قسم سني وآخر شيعي وثالث كردي، هذا المخطط يراد له أن يبدأ من تقسيم بغداد أولاً ما بين الرصافة والكرخ بجعل الرصافة والإمتداد إلى القسم الجنوبي من العراق قسماً للشيعة، وجعل الكرخ بالإمتداد إلى القسم الغربي سنياً وترك القسم الشمالي من العراق كردياً مع المحافظة على مخطط تأجيج النعرات والحساسيات بينهمم. الجدير ذكره أن المشكلة العراقية بما فيها السيارات المفخخة مصدرها الإستخبارات الأمريكية وبعض الأنظمة العميلة لها التي تمول وتدعم، وجماعات الفكر الظلامي الإرهابي، ولا علاقة للشعب العراقي بها لا عن قريب ولا بعيد.
اسئلة برسم الاجابة، والجدار إلى أين؟
هناك سؤال وعلامة استفهام كبيرة حول رؤية أمريكا في علاقتها مع الشعب العراقي والقوى السياسية فيه، فأمريكا تقرر انشاء جدار فاصل حول مدينة الأعظمية ليتبع الإعلان عن الخبر من خلال وسائل الإعلام رفض سياسي وشعبي كما حدث فيما سبق بخصوص مشروع حفر خندق لتطويق العاصمة بغداد عن باقي المدن العراقية، فقد بلغت حدة الإعتراضات الغاضبة على لسان رئيس الوزراء العراقي نور المالكي بتنصله من المشروع وإعلانه أنه أمر بوقف بنائها. خاصة وأن حديث وتعليق القوات الأمريكية حول المشروع ذهب إلى حد بعيد إذ وصل إلى الوعد بإنشاء جدران عازلة أخرى في باقي المناطق من العاصمة بغداد.
التحليلات تذهب أيضاً إلى مصير الجدار العازل، هل ستوقفه التحركات الشعبية والسياسية الغاضبة، مع الإشارة إلى أن التحركات الغاضبة بوجه المشروع الأمريكي بإنشاء الجدار لم يخرج من طرف واحد فقط، بل من أهالي الأعظمية كما جيرانها وهو ما يدل بوضوح على تناغم الموقف واتحاد المطلب. فهل ستنجح القوات الامريكية المحتلة في بسط ارادتها التدميرية التقسيمية على الشعب العراقي، أم أن مشروعها الجديد بوجهه الجديد سيقابل كما سابقه بالفشل؟
أكثر من عشر سنوات على التدخل الأمريكي المباشر في العراق، وما رافقه من مخططات حاقدة تدميرية لم تفلح في تحقيق أي من أهدافها، ولا شك أن مشروع الجدران العازلة بين مناطق العاصمة سيكون مصيره كما سابقه من المخططات خاصة وأن أمريكا لم تعد تعوّل على مشروع جماعات الإرهاب، فأي مخطط جديد بإنتظار العراق وشعبه؟
المصدر / الوقت