الخلافات في صفوف داعش تضع الخلافة في مهب الريح
بعد ان كان داعش يعتبر نفسه تنظيما حديديا دبت الخلافات بين صفوف عناصره وانقسم هؤلاء الدواعش الى من ظل وفيا لتنظيم القاعدة ومن لم يظل، ومع بدء الغارات الامريكية والروسية على مواقع الجماعات السلفية التكفيرية كانت التوقعات تشير الى احتمال حدوث نوع من الوئام بين داعش والقاعدة لكن “ابوبكر البغدادي” زعيم داعش صعد الموقف وبذلك اشتد الصراع بين جيلي القاعدة اي جيل “البغدادي” وجيل “الزرقاوي”.
ويعتقد الكثير من الباحثين ان داعش يعتمد في هيكليته التنظيمية على العناصر المتبقية من حزب البعث رغم عدم وجود اي صلة قرابة بين افكار البعث وافكار السلفيين ولذلك يمكن تفسير التقارب الحاصل بين البعثيين والدواعش وقيام البعثيين بتبوء مناصب في داخل تنظيم داعش بحيث بات مقتل كل واحد من هؤلاء مثل “حجي بكر” و”البيلاوي” و”التركماني” و”الحمدوني” مصيبة كبرى لتنظيم داعش.
ان داعش يعاني اليوم من فقدان عدد كبير من قادته والبعثيين منهم على وجه الخصوص فالتقارير تشير ان 32 قائدا من اصل 43 قائدا من القادة الرئيسيين في داعش قد قتلوا في الغارات الامريكية وفي هجمات القوات العراقية كما قتل 98 قائدا ميدانيا لداعش ايضا، والسؤال المطروح هو هل ان داعش يستطيع ايجاد بدائل لهؤلاء وهل ان البدائل سيكونون اوفياء “للخلافة”؟
ان تنظيم داعش خسر الكثير من قادته حتى في تصفيات داخلية وهذا يدل بأن هذا التنظيم هو ايضا فاشل في مواجهة الازمات ولايمكنه ان يقول انه يقدم نموذجا ناجحا “للخلافة” المزعومة.
ومن اسباب وجود الخلافات العميقة بين عناصر داعش هو بقاء الدواعش العراقيين اوفياء لنهج “ابومصعب الزرقاوي” حيث يرفض هؤلاء نهج “ابوبكر البغدادي” في اجتذاب البعثيين العلمانيين الى صفوف داعش، والان وفي مستهل عام 2016 يبدو ان التحدي الرئيسي المطروح امام كبار قادة داعش هو وجود التيار البعثي، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو الى متى يجب ان يمتثل القادة البعثيون بنهج “بن لادن” و”الزرقاوي”؟ وما هي صلاحيات هؤلاء القادة والى متى يمكنهم اظهار انفسهم كممثلين للسلفيين وهل يمكن ان يتولى هؤلاء قيادة تنظيم داعش ام لا؟
هناك من الدواعش من يعتقد بأن “جيل الزرقاوي” لايقبل بقيادة هؤلاء البعثيين الذين لايمكنهم ان يدعوا بانهم يسيرون على نهج “الزرقاوي”، ويقول هؤلاء الدواعش ان البعثيين حتى وإن تابوا فانهم ليسوا مؤهلين لتبوء المناصب العليا في داعش ويمكنهم فقط ان يكونوا قادة ميدانيين، والجدير بالذكر ان معظم عناصر داعش هم من انصار هذا التفكير.
وهناك حقيقة اخرى وهي ان معظم منتسبي داعش قد انضموا الى هذا التنظيم بعد ابريل عام 2013 وهؤلاء لايفرقون بين الزرقاويين والبغداديين وحلفائهم البعثيين ولايهتمون اذا كانوا يسيرون في درب “بن لادن” او “الظواري” او نهج “البغدادي” او اي نمط فكري سلفي داعشي او غير داعشي.
وهناك وجه آخر لهذه العملة، فأبوبكر البغدادي لديه ايضا تيار مؤيد متعصب يعتقد ان كل من لايبايع “البغدادي” قد خرج عن الاسلام ويعتبر دمه مهدورا، وان معظم هؤلاء الاشخاص هم من المهاجرين غير العرب وخاصة من الشيشانيين والافغان.
ان الصراعات الموجودة بين عناصر داعش على شبكات التواصل الاجتماعي تشير ان العلاقات بين الدواعش المهاجرين والدواعش المحليين وخاصة في العراق لم تعد علاقات حميمة ولذلك نجد ان الدواعش المهاجرين باتوا يرغبون في الذهاب الى سوريا ويعتبرون البقاء في العراق غير ممكنا.
وتشير الحقائق ان داعش وبعد مرور عام على اعلان الخلافة بات يعاني من صراعات داخلية وشرخ كبير و ان تنوع الاجناس والاعراق في هذا التنظيم الارهابي ادى الى وجود تحديات وخلافات ثقافية وقومية وايديولوجية في داخله.
المصدر / الوقت