التحديث الاخير بتاريخ|الأربعاء, نوفمبر 27, 2024

قرار وقت إطلاق النار في حلب : امريكا تنقذ جماعات الإرهابية على حساب الشعب السوري 

تسعى واشنطن جاهدةً لتحقيق وقفٍ لإطلاق النار في سوريا وتحديداً في حلب، في ظل نقاشٍ يدور حول إمكانية نجاح ذلك. لكن وبعيداً عن تكهنات المستقبل، فإن السعي الأمريكي المشبوه بحججٍ إنسانية، تشوبه العديد من الأسئلة. في حين ما تزال فرص نجاح وقف إطلاق النار محلَّ نقاشٍ وتساؤل. لكن الأمر الواضح هو حجم السعي الأمريكي لإعادة لمِّ شتات الإرهابيين. فماذا في وقف إطلاق النار المُتفق عليه؟ ولماذا سعت أمريكا لإنجازه؟

على الرغم من أن الجانبين الروسي والأمريكي توصَّلا لوقفٍ لإطلاق النار في غضون أسبوع، فإن السعي الأمريكي لإنجاح ذلك ما يزال محلَّ تساؤل العديد من المحللين. ففي وقتٍ يمكن القول فيه بأن الطرف الروسي يمكن أن يكون أصدق لناحية مُبرر وقف إطلاق النار، أي سعياً لإيصال المساعدات الإنسانية الى المدنيين، يبدو أن الطرف الأمريكي عاد لسياسة النفاق الإعلامي والسياسي، من أجل الترويج لمخططاته. وهنا نشير للتالي:

يُعتبر الميدان السوري مساحة صراع قوىً كبرى، مالت فيها كفة الصراع مؤخراً الى الحلف الروسي الإيراني. وهو ما جعل رهانات واشنطن القديمة الجديدة وتحديداً على الإرهاب تسقط. ولعل نقطة التحول الأخيرة في الشمال السوري، ومنذ إنتصار محور المقاومة الى جانب روسيا في معركة نبل والزهراء، ظهرت علامات الإنهيار الكبيرة في المنظومة الإرهابية، والتي أدت لتأجيل مؤتمر جنيف، الى جانب إعلان كلٍ من السعودية وتركيا نيَّتهم التدخل عسكرياً في سوريا.
أمام هذا المشهد المُحتدم، وجدت واشنطن نفسها في موقفٍ تتصارع فيه أدواتها في الميدان السوري أي الجماعات الإرهابية، في معركة استنزافٍ من الواضح أنها ستؤدي لنهايتهم. الى جانب ذلك، فقد وجدت واشنطن بأن الطرفين التركي والسعودي، يهددان بالقيام بالتدخل عسكريا في سوريا، وهو المحظور حتى الساعة بالنسبة للإدارة الأمريكية، الأمر الذي دفع واشنطن للطلب من حلفائها الترث.
ولأن الطرفين الروسي والإيراني، كانا واضحين فيما يخص مسألة التدخل العسكري في سوريا، فالمسؤولون الإيرانيون أعلنوا بأن هذا يُمثل انتحاراً بالنسبة للسعودية، كما أن روسيا حذرت من أي حماقةٍ تقوم بها الرياض. ولأن الأمريكي يمكن أن يكون عقلانياً أكثر في فهم معاني الرسائل من كلا الطرفين، وجد نفسه أمام واقعٍ، أدواته الإقليمية ضعيفة فيه، والجماعات الإرهابية تتجه نحو الإنهيار. فكان السعي الحثيث لوقف إطلاق النار.
بناءاً للمشهد الذي صورناه، يمكننا استنتاج التالي:

يبدو واضحاً بأن الهاجس الأمريكي الغربي الوحيد، هو إنقاذ الجماعات الإرهابية في سوريا. ففي الوقت الذي كانت فيه القوى الكبرى تلتزم الصمت على جرائم العصابات الإرهابية خصوصاً خلال محاصرتها لمدن في الشمال السوري، تراها اليوم تسعى جاهدةً لوقف إطلاق النار بين الأطراف، وذلك في محاولةٍ لإفساح المجال من أجل لملمة الجماعات الإرهابية لقواها.
وهنا فمن الواضح بأن أمريكا عادت لسياسة التموضع الميداني، لكن مُجبرة على ذلك هذه المرة. فالمشهد الإقليمي ليس لصالح واشنطن وحلفائها، بل إن الطرفين الإيراني والروسي، أعادا الإعتبار لأنفسهم كقوتين بارزتين في المنطقة. وهو الوجه الآخر لما تكشفه المساعي الأمريكية لوقف إطلاق النار.
وهنا فلا بد من الإشارة الى أن المخطط الأمريكي الإستراتيجي للإستفادة من القوى الإرهابية، ليس إلا جزءاً من الإستراتيجية الأمريكية طويلة المدى، والتي تنص على إستخدام جيوش المنطقة في سوريا بدلاً من ارسال قواتها الى هناك. لتبقى دول المنطقة بحاجة الى السلاح الأمريكي، وبالتالي تجني واشنطن ارباحا خيالية.
الى جانب كل ذلك، تسعى واشنطن لإبقاء أرضية الصراع في سوريا قائمة. وإلا فلماذا لم تتخذ واشنطن قراراً جدياً بدعم روسيا في حربها ضد الإرهاب، والتي كان واضحاً أنها ستُنهي الجماعات الإرهابية؟ لكن الإبقاء على الصراع قائماً في سوريا، يُحقق بالنسبة لواشنطن عدداً من الإهداف. أولاً، الإبقاء على العدو البديل عن الكيان الإسرائيلي بالنسبة لمحور المقاومة وهو ما تسعى واشنطن لترسيخه عبر معركة إستنزافٍ طويلة. أما الهدف الثاني فالإبقاء على ورقةٍ سياسية، تتعاطى معها واشنطن بحسب الميدان، وتعتمد البراغماتية الأمريكية آليةً عملية لها. الى جانب كل تلك الأهداف، فإن واشنطن تحاول اليوم إغراق روسيا في حربٍ تظن أنها قد تستنزفها عسكرياً وإقتصادياً.
إذن على الرغم من أن الحرب على الإرهاب في سوريا، عنوانٌ يتفق عليه جميع المتقاتلين في الميدان السوري. تبقى واشنطن وأدواتها، الطرف الذي يتخذ من هذا العنوان، وسيلةً لتحقيق مآرب أخرى. كلُّ ذلك، والشعب السوري يدفع الثمن. في وقتٍ أصبحت فيه الأمور واضحة المعالم. لكن الأوضح، بأن سوريا أضحت ميدان تنازُع القوى الكبرى. فيما يبقى السؤال الأبرز اليوم، هل سينجح وقف إطلاق النار في ظل إصرارٍ روسيٍ على المضي قُدماً في ضرب الإرهاب؟ وكيف يُمكن ضمان وقف الجماعات الإرهابية لأعمالهم العسكرية؟ وماذا ستستفيد واشنطن في الميدان السوري نتيجة ذلك؟
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق