التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

أفكار ومواقف (حديث عن المازوخية) 

بقلم رباب سعيد

 

السادية…هو مذهب غريب يتلذذ صاحبه بإنزال الألم بالأخرين واشتق اسمه من الكاتب الفرنسي غريب الأطوار( الماركيز دي ساد) وإذا كان هذا المذهب هو القطب الإيجابي الفاعل الذي تقوم فيه( الأنا ) بتعذيب الأخر وتشعره باللذة والسعادة من هذا الفعل فهناك القطب المضاد للسادية وهو مذهب( الماذوخية ) أو يكتب أحيانا الماسوشية أو(المازوكية)الذي يعبر عن حالة الفرد في تقبلة لما يمكن ان يقع عليه من الم أو إيذاء جسمي أو نفسي من شخص أخر واستمتاعه بهذا الألم وينسب هذا المصطلح إ لي الكاتب الروائي النمساوي الذي ارتبطتبأسمه هذه الظاهرة وهو ليبولد زاخرمازوخ,(1836-1895-

الذي الف الرواية الشهيرة فينوس في الفراء وهي تعبر في بعض أجزائها عن فترات وتجارب من حياة المؤلف نفسه وخاصة في طفولته, والحادث التي استرعت اهتمام المحللين النفسيين, هي أن مازوخ كان في طفولته يعيش مع عمته التي كانت تعاشر عشيقا لها بين الحين والأخر وقد دفعه حب الاستطلاع ذات مرة إلي الاختفاء في دولاب الملابس, ليشاهد ما يحدث بالفعل بينما كان مازوخ يرصد كل ذلك بحماس واهتمام بدت منه حركة جلبت الاهتمام إليه واكتشف امره .. وعاقبته عمته بضرب مؤلم وهكذا يفسر المحللون قيام ارتباط وثيق بين الألم الذي وقع عليه بين لذة الإثارة الجنسية التي كان مازوخ يستمتع بها وبان هذا الارتباط قد أثر في نفسه إلي حد جعل من الممكن قيام اعتماد متبادل بين الشعور بالألم واللذة ويبدو أن هذه التجربة قد تكررت مع مازوخ لدرجة أن المازوخي عموما قد أصبح مهيأ بطبيعته النفسية إلي مثل هذا الإنحراف.

وهكذا ظهر مصطلح جديد أو نظرية جديدة يطلق عليها اسم النظريةالسادومازوخية  تعبر عن العلاقة الوثيقة بين السادية التي هي إيقاع الألم بالأخر والطرف الأخر وهو المازوخية التي هي علي العكس –تقبل إيقاع الألم علي الذات والاستمتاع به, وقد يقصد بهذا المصطلح احيانا- من باب التوسع تلذذ المرء بما يقع عليه من اضطهاد.

وعلينا أن نسوق هنا ثلاث ملاحظات مهمة

الملاحظة الأولي

هي انه علي الرغم من ان هذين المصطلحين قد ارتبطا في البدايةبالجنس واستخدامتهما مدرسة التحليل النفسي في التفسير الكثير من مظاهر السلوك البشري فإنهما قد انتقلا بعد ذلك إلي علم النفس الاجتماعي, ثم إلي علم الاجتماع, واخيرا إلي ميدان الفلسفة السياسية وهي التي تعنينا هنا بالدرجة الاولي

الملاحظة الثانية هي أنهناك ارتباطا وثيقا بين المصطلحين أو بين النزعة السادية المتسلطة التي تفرض سيطرتها علي شخص أو مجموعة من الاشخاص, وبين النزعة المازوخية التي تستسلم بل وتستبعذ ب الألمالذي يقع عليها مما يبرز جمعهما في مصطلح واحد هو ما يقع عليها مما يبرر جميعهما في مصطلح واحد هوما نسميه بالعلاقة السادومازوخية وهي العلاقة التي يكون فيها الطرف الأول قوة مسيطرة متسلطة تفرض غرادتهافي حين يكون الطرف الثاني شخصية مستسلمة خاضعة.

الملاحظة الثالثة

هي أنه غذا كان علم النفس قد نظر في البداية إلي هذه العلاقة علي أنها تمثل انحرافا عن الطريق السوي فإن معظم علماء النفس يعتبرونها الأن نزعات طبيعية عند البشر رغم أنها قد توجد بصورة منحرفة عند بعضهم يقول (اريك فرم) 1900- 1980

ان النزعات السدو مازوخية موجودة عند البشر بدرجات متفاوتة في الأشخاص الاسوياء والمنحرفين علي حد سواء والعامل الخفي في هذه العلاقة وهو تبعية كل طرف للأخر واعتماده عليه . وقد يبدو ذلك وضحا في الشخص المازوخي الذي يمثل الجانب الضعيف الخانع المستسلم وقد نتوقع أن تكون الشخصية السادية هي علي العكس قوية ومستقلة ويصعب اعتمادها علي الشخصية الضعيفة أو تمسكها بها ومع ذلك فالتحليل الدقيق يكشف عن وجود هذه التبعية بين الطرفين أو ما يسمي في الفلسفة بجدل العلاقة بين الطرفين فالشخص السادي يحتاج إلي الذي يتحكم فيه ويسيطر عليه إنه يحتاج إليه بشدة مادام شعوره بالقوة كامنا في واقعة أنه سيد لشخص ما وهو قد لا يعي هذه التبعية علي الأطلاق ومن هنا فقد يعامل الرجل زوجته علي نحو سادي تماما وقد يكرر علي مسامعها انها تستطيع ان تترك المنزل في أي وقت وانه سيكون سعيدا للغاية لو أنها فعلت ذلك وكثيرا ما يعتصر ها الألم حتي أنها لا تجرؤ علي مغادرة المنزل وهكذا يستمر كل منهما في الاعتقاد بان موقفه  هو الموقف الصحيح غير ان الزوجة لو انتابتها شجاعة مفاجئة جعلتها تجرؤ علي القول بأنها ستتركه فقد يحدث شيء غير متوقع تماما بالنسبة لهما معا, إذ يصبح الزوج بائسا نهارا يتوسل إلي زوجته ألا تتركه وسوف يعلن كم هو يحبها…!

وربما كانت هذه العلاقة أوضح ما يكون في حقل السياسة وقد صورها الأديب الأمريكي هيمنجواي بالحاكم الظالم الجبار علي شعبه فيقرر الشعب ترك المدينة له والذهاب للعيش في غاية ويستيقظ الحاكم ليجد نفسه وحيدا ويعلم ان شعبه يعيش في الغابة فيذهب إليهم ويلح عليهم في العودة واعداد الا يعود ابدا إلي الظلم مرة أخري فهو بدونهم لا يكون ملكا ولا حاكما. وهي كلها افكار ماخوزة من فكر هيجل عن جدل السيد والعبد طوال التاريخ وهو صراع انحل مع اندلاع الثورة الفرنسية عندما اصبح الكل سادة وتم إلغاء نظام الرق من المستعمرات الفرنسية اولا ثم من العالم كله بعد ذلك اما بالنسبة لاحساس المازوخي بالألم علي انه لذة فليس ثمة رأي قاطع بالنسبة للشخص الذي يقع عليه الألم انه يشعر به كالم أمان الألم يتحول في احساسه إلي شعور با للذة إذ يذهب بعض العلماء إلي أن احساس الألم في نفس المازوخي يتحول بطريقة ما إلي  لذة وهناك أخرون لا ينفقون مع هذا الرأي وعلي أية حال فليس ثمة شك في ان المازوخي  يشعر مع الألم بشيء  من الراحة وان الاحساس بالألم  في نفس المازوخي يتحول بطريقة ما لذة وهناك اخرون لا يتفقون مع هذا الرأي وعلي أية حال فليس ثمة شك في وان استك الإحساس بالألم إذا استمر فقد يصبح احسا سا مرغوبا فيه وهكذا فإن ما يبدو في الأصل شعورا بالطاعة أو خضوعا ضروريا فإنه قد ينتهي اخيرا بتوفير اللذة لصاحبه ومن شأنه أن يدفع بالفرد إلي البحث عن هذه اللذة حتي ولو كانت عن طريق الألم وتقبله وقد يدعمهذاالرأي أن الألم كلما زاد كانت اللذة الناتجة عنة أكثر متعة لصاحبها وهي ملاحظة معروفة مذ القدم ولها وما يؤيدها في مفهوم العلم المعاصر ولكن سبق ان اشرنا إلي أن السيادية من ناحية والمازوخية من ناحية اخري يمثلان ضربا من ضروب الحكم السياسييقوم علي اساس المتسلط  وهو الحاكم والخاضع وهو المحكوم وقد تستمر فترات طويلة من التاريخ لكن ذلك يحتاج إلي تفسير طويل وهو ما سوف نعالجه في مقالي القادم

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق