أسباب تفوق محور المقاومة على التحالف ” العربي – العربي ” في مواجهة الاٍرهاب
بعد مرور أكثر من خمس سنوات على إندلاع الأزمة السورية تبلورت جملة من الحقائق المهمة التي تستحق التأمل وتسليط الضوء عليها لمعرفة أبعادها وتأثيراتها على المستويين الإقليمي والدولي.
ومن أبرز هذه الحقائق التفوّق الذي أحرزته قوى المقاومة في المنطقة على ما يسمى “التحالف الغربي – العربي” لمواجهة الإرهاب في عموم المنطقة وفي سوريا والعراق على وجه الخصوص. فما هي الأسباب التي أدت إلى هذا التفوّق؟ وما هي الدروس المستخلصة من هذه الحقيقة؟
قبل الإجابة عن هذه التساؤلات لابد من الإشارة إلى بعض الشواهد التي تدل على حقيقة تفوّق محور المقاومة على ما يسمى “التحالف الغربي – العربي”:
1- الإنتصارات الكبيرة التي حققها مقاتلو حزب الله لبنان على الجماعات الإرهابية في سوريا لاسيّما في حلب ونبل والزهراء والقلمون وعرسال والزبداني وغيرها من المناطق.
2- الإنتصارات الباهرة التي حققها الحشد الشعبي في العراق على الجماعات الإرهابية لاسيّما في مناطق جرف الصخر (جرف النصر ) وآمرلي والصقلاوية والكثير من مدن وبلدات محافظات ديالى وصلاح الدين والأنبار وغيرها من المناطق.
3- فشل التحالف “الغربي – العربي” الذي تقوده أمريكا في دحر الجماعات الإرهابية في سوريا والعراق رغم إشتراك أكثر من 40 دولة في هذا التحالف ورغم مرور أكثر من عام ونصف العام على تشكيله.
تجدر الإشارة هنا إلى أن التحالف الدولي إتخذ قضية محاربة الإرهاب ذريعة للتدخل في شؤون سوريا من أجل إسقاط حكومة الرئيس “بشار الأسد”، وكذلك التدخل في شؤون العراق من أجل تقسيم هذا البلد في إطار المشروع الصهيوأمريكي المسمى “الشرق الأوسط الكبير أو الجديد” والرامي إلى تمزيق دول المنطقة ونهب ثرواتها والسيطرة على مقدراتها.
كما تجدر الإشارة إلى أن الدول الإقليمية المشاركة في “التحالف الدولي” وفي مقدمتها قطر وتركيا والسعودية دعمت ولازالت تدعم الجماعات الإرهابية في سوريا والعراق من أجل توسيع نفوذها في المنطقة من جهة، وإضعاف محور المقاومة الذي يتصدى للمشروع الصهيوأمريكي في المنطقة من جهة أخرى.
من هنا يمكن القول إن أحد أسباب إطالة الأزمة في سوريا يكمن في الخلاف الآيديولوجي بين التحالف الدولي من جهة، ومحور المقاومة والدول الداعمة له وفي مقدمتها إيران من جهة أخرى، والذي تبلور بشكل واضح في الخلاف حول مصير الرئيس السوري “بشار الأسد” الذي يطالب التحالف برحيله، فيما يصر محور المقاومة على دعم حكومته بإعتبارها تمثل حلقة مهمة من حلقات هذا المحور، وببقائها وإستمرارها تقوى وتستمر المقاومة وبضعفها أو زوالها تضعف المقاومة.
ورغم الأخطار الجسيمة التي تسببها الجماعات الإرهابية على الأمن والإستقرار الإقليمي والدولي ومن بينها التهديدات التي وصلت إلى عمق الدول الغربية لاسيّما الدول الأوروبية والتي تجلت بوضوح في التفجيرات التي إستهدفت فرنسا ودول أخرى في الآونة الأخيرة، لازالت أمريكا وحلفاءها الغربيين والإقليميين يراوحون في مكانهم ولم يقدموا أيّ إنجاز حقيقي على أرض الواقع لضرب أو إضعاف الجماعات الإرهابية رغم التطبيل الإعلامي الهائل والإدعاءات الفارغة التي تطلقها هذه الدول بأنها تحارب الإرهاب.
وهناك أدلة كثيرة تثبت تورط أمريكا في دعم الجماعات الإرهابية لاسيّما تنظيم “داعش”، بينها ما أكدته الأجهزة الأمنية العراقية بالوثائق والصور والأفلام، بالإضافة إلى إعتراف العديد من المسؤولين الأمريكيين بدعم هذه الجماعات ومن بينهم وزيرة الخاجية السابقة والمرشحة للإنتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة “هيلاري كلينتون” بأن واشنطن هي التي أوجدت “داعش”، إلى جانب إعتراف الكثير من الإرهابيين بتلقي الدعم من السعودية لتنفيذ عمليات إجرامية ضد الشعبين السوري والعراقي.
وبالعودة إلى الأسباب التي أدت إلى تفوّق محور المقاومة على التحالف “الغربي – العربي” في مواجهة الإرهاب في عموم المنطقة وفي سوريا والعراق على وجه التحديد يمكن إجمال هذه الأسباب بما يلي:
1- إمتلاك محور المقاومة إستراتيجية واضحة المعالم في مواجة الإرهاب تهدف إلى القضاء على الجماعات الإرهابية وإعادة الأمن والإستقرار إلى عموم المنطقة على خلاف التحالف “الغربي-العربي” الذي لايمتلك إستراتيجية واضحة ومحددة المعالم، وما يطلقه مسؤولو هذا التحالف من تصريحات بين الحين والآخر في هذه المجال ليس سوى إدعاءات فارغة لاتحظى بتأييد المراقبين والخبراء العسكريين والمهتمين بشؤون الشرق الأوسط.
2- العمليات التي تنفذها المقاومة ضد الجماعات الإرهابية في سوريا والعراق وعموم المنطقة تنطلق من دوافع دينية وعقائدية ووطنية وإنسانية بخلاف عمليات التحالف “الغربي – العربي” الذي يتهمه المراقبون بالمماطلة والتسويف وعدم الجديّة في ضرب الجماعات الإرهابية، ليس هذا فحسب؛ بل يعتقد هؤلاء المراقبون إن الجماعات الإرهابية لازالت تتلقى الدعم التسليحي والمالي واللوجستي من الكثير من أطراف هذا التحالف لتنفيذ عمليات إرهابية ضد شعوب ودول المنطقة.
3- الدعم الذي تلقاه و يتلقاه محور المقاومة في المنطقة من قبل إيران و روسيا لعب دوراً كبيراً في تقوية هذا المحور، وقد ثبت للقاصي والداني مصداقية وجديّة هذا الدعم ووضوح مقاصده المتمثلة بدفع الإرهاب وإعادة الأمن والإستقرار إلى المنطقة والعالم بخلاف الدعم الذي يقدمه التحالف “الغربي – العربي” الذي يرمي إلى تقوية جبهة الإرهاب وليس محاربتها كما يدّعي مسؤولو هذا التحالف.
4 – رغم إتفاق أمريكا والدول الغربية والإقليمية الحليفة لها على هدف إسقاط حكومة الرئيس السوري “بشار الأسد”، إلاّ أن هذه الأطراف غير متفقة فيما بينها بشأن الآلية التي يراد إعتمادها لتحقيق هذا الهدف والمصالح التي يراد تحقيقها من وراء ذلك، بخلاف محور المقاومة والدول الداعمة له، فليس هناك تضارب في وجهات النظر بشأن موقفهم الداعم للأسد؛ بل هناك تنسيق واضح ومتكامل بين أطراف هذا المحور في هذا المجال.
هذه الأسباب وغيرها هي التي جعلت المراقبين يعتقدون بأن المقاومة والدول الداعمة لها في المنطقة هي التي ستقرر مصير الأزمة السورية وليس التحالف “الغربي-العربي”، كما ستقرر المقاومة مصير الجماعات الإرهابية بالقضاء عليها أو تحجيم خطرها، وليس التحالف “الغربي – العربي” الذي لا يعوّل عليه في إحراز أيّ تقدم في هذا المجال، ليس هذا فحسب؛ بل يخشى من هذا التحالف أن يستمر في المماطلة ودعم تلك الجماعات لإطالة عمر الأزمة السورية وإطالة عمر الإرهاب في المنطقة والعالم.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق