ما هي الأسباب التي تكمن وراء القصف التركي لأكراد سوريا؟
بعد 5 سنوات على الحرب السورية، تبدو سوريا ولأول مرّة قريبة من الانتصار، وها هي مفوضة الاتحاد الأوروبي لشؤون السياسة الخارجية والأمن “فيديريكا موغيريني” تعلن أن المجتمع الدولي يقف اليوم وجها لوجه أمام “لحظة الحقيقة” بخصوص الأزمة السورية. كلام موغيريني لا يعني أنه هناك جدالاً بين دمشق ومخالفيها، بل يعني أن الحكومة السورية استطاعت أن تقلب المعايير الدولية لصالحها، وذلك بفضل الانجازات العسكرية التي حققها الجيش السوري وحلفاؤه في الأشهر القليلة الماضية، وخصوصاً في شمال حلب، مما يعني أيضاً أن اللعبة شارفة على النهاية. كلام موغيريني يعني أيضاً أن اللاعبين الكبار في سوريا وصلوا الى حائط مسدود، ولا يريدون للحرب في سوريا أن تأخذ وجهاً أخطر من التي هي عليها.
لقد رأينا أن انتهاء اللعبة لصالح الحكومة السورية أزعج الكثيرين، منهم السعودية وتركيا، مما دفع بهما الى التهديد بتدخل عسكري. السعودي ينتطر الأوامر الأمريكية، أما الأتراك فعلى ما يبدو أنهم بدأوا بحربهم على الأكراد الذين يقاتلون بشراسة ويربحون. فما الذي دفع الأتراك الى اعلان الحرب على الأكراد؟ وهل من الممكن أن تتطور الأحداث ونشهد تدخلات برية وجوية تركية في الشمال السوري؟
الأسباب التي أدت الى التموضع الجديد للقوات التركية على الحدود السورية الشمالية واعلان حربهم على الأكراد هي على الشكل التالي:
1- جبهة أعزاز وجرابلس، حيث تحولت هاتان المدينتان إلى نقطة تجمع، وشريان حياة للارهابيين والجماعات المسلحة في سوريا، فمنها يدخل الدعم من شتى بقاع العالم، وقبل أسبوعين تغير كل شيء، وذلك عندما حاولت قوات حماية الشعب الكردي التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي التقدم نحوها والسيطرة عليها، فعندها أصبحت “اعزاز” ساحة الحرب الرئيسية. هذا التقدم الكردي أثار قلق المسؤولين الأتراك. وينقل عن مسؤول غربي قوله: “القلق لا حد له، وتركيا غاضبة جدا، ويقولون لنا أنتم سبب كل هذا من خلال التحالف مع الأكراد في الحرب ضد داعش والتغاضي عما تفعله روسيا”. وفي حال سيطرة الأكراد على أعزاز وجرابلس فيعني ذلك قطع الشريان الحيوي الذي يربط بين تركيا ومناطق المعارضة المسلحة في كل من حلب وريفها وفرض حصار قوي عليها مما سيؤدي الى سقوطها فوراً في أيدي قوات الجيش السوري. وبذلك تكون تركيا برئاسة أردوغان قد تلقت ضربة قوية.
2- اذا استطاع الأكراد السيطرة على أعزاز وجرابلس، يصبح كل الشريط الحدودي مع تركيا بيد الأكراد المدعومين من أمريكا، ويكون تحت سيطرة وادارة جماعة البي كي كي. وبذلك يكون الحلم التركي بانشاء منطقة عازلة خالية من الأكراد قد ذهب أدراج الرياح.
3- أيضاً اذا استطاع الأكراد السيطرة على أعزاز وجرابلس، ستبدد الأحلام التركية في فصل غربي الفرات عن شرقه، وفي هذه الحالة سوف تكسب القوّات السورية والروسية والكردية منفعة كبيرة، مما سيؤدي الى تهديد المصالح التركية.
4- هذه الأحداث ان وقعت، خلال فترة زمنية قليلة ستتعرض الأراضي التركية الى هجمة لجوء كبيرة، حيث تضم مدينة أعزاز أكثر من 400 ألف سوري، وفي الوضع الراهن تعاني تركيا من وضع اقتصادي وأمني صعب، حيث شهدت تركيا في الأيام الماضية تفجيرات مدوية، ذهب ضحيتها العشرات من الجنود الأتراك.
5- يدعي بعض المسؤولين العسكريين الأتراك أن جماعة البي كي كي تستفيد من السلاح المقدم لها من أمريكا وألمانيا من أجل محاربة تنظيم داعش الإرهابي، وتنفّذ هجمات ضد المواقع التركية في الجنوب التركي خصوصاً في مدينة دياربكر وغيرها من المدن التركية.
اذاً وفي ظل هذه المعطيات، يعتبر الدخول الى سوريا امراً معقداً للغاية نظرا الى التغييرات السريعة التي تشهدها مجريات الامور في هذا البلد فتركيا لايمكنها ان تتكهن بكيفية بقائها في سوريا وكيفية الخروج منها حتى اذا خططت جيدا للدخول العسكري في سوريا كما يجب ان لا ننسى ان اي تحرك عسكري في سوريا يكلف الاقتصاد التركي باهظا مثلها مثل اي بلد يشن عمليات حربية وعسكرية ولهذا يمكن القول ان اتخاذ قرار بالتدخل البري في سوريا يعتبر امرا خطيرا ومعقدا للغاية بالنسبة للساسة الاتراك.
المصدر / الوقت