التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

صناعة السلاح وتوليد الأزمات … امريكا أولى عالميا 

يشير التقرير الذي أوردته المؤسسة الدولية للأبحاث حول السلام والتي مقرها العاصمة السويدية ستوكهولم، إلى أنه ما بين العام 2011 و 2015، احتفظت امريكا بالمرتبة الأولى عالمياً للدول المصدرة للسلاح مع ارتفاع في حصتها لتصل إلى الثلث من مبيعات السلاح في العالم، ويقول التقرير إن منطقة الشرق الأوسط كانت المستهلك لـ 43 بالمائة من الصادرات الأمريكية ومن ثم آسيا وبالتحديد الوسطى منها ثم أوروبا. وقد أورد التقرير سلسلة من اسماء الشركات الأمريكية التي تحتل المرتبة الأولى كشركة “لوكهيد مارتن” التي تصدرت المرتبة الأولى بحجم مبيعات 35 دولار، تليها الشركة الأمريكية “بوينج” بمبيعات وصلت إلى 30 مليار دولار، بالإضافة إلى شركة “رايثيون” في المرتبة الرابعة وشركة “نورثروب جومان” في المرتبة الخامسة. السؤال الذي ينبغي الإجابة عليه يتعلق بالترابط بين صناعة الأسلحة وبالخصوص الأمريكية منها وبين الأزمات المفتعلة عالمياً، والمكاسب المجنيّة من وراءها. وفي هذا الصدد نقول ما يلي:

أولاً: يُعتبر الجانب الإقتصادي السبب الحقيقي والأول الذي يقف خلف صناعة الأسلحة، فالتوجه الأمريكي لتحريك العجلة الإقتصادية من بوابة صناعة الأسلحة يدفع بها إلى فتح أسواق لشراء هذه الأسلحة، ولأن مظاهر السلم والأمن العالمي يتناقض ومبدأ فتح الأسواق فلا بدّ من وجهة النظر الأمريكية أن تذهب إلى خلق المشكلات وتزكية الصراعات، وايجاد نعرات تحت عناوين مختلفة طائفية ومذهبية وقومية لا أساس لوجودها، وخلق أعداء وهميين للدول بين بعضها البعض، ولهذا فإن الإقتصاد الأمريكي خلال السنوات الأخيرة الماضية انتعش بأكثر من 154 مليار دولار. كما ويأتي الدور الأمريكي بالمرتبة الثانية بعد خلق الأزمات بممارسة الرقابة على الدول المصدرة للسلاح من جهة والمستوردة له من جهة اخرى لضمان انتفاعها الأكبر والحصة الأمثل من تصدير السلاح.

ومن أحد مصاديق التوجه الأمريكي بخصوص توليد الحروب والنزاعات وتصدير السلاح هو ما يحدث اليوم في اليمن على سبيل المثال، فقد أقنع الأمريكيين الطرف السعودي بضرورة شن عدوان على اليمن. في هذا السياق بالرغم من وجود منافع أخرى أيضاً، فالسعودية تستخدم في عدوانها أكثر من 2500 طائرة حربية وما يقارب 21 ألف دبابة متنوعة و461 مروحية حربية وأكثر من 44 ألف عربة قتالية مصفحة، وكلها صناعات أمريكية.

ثانياً: الرابط الثاني بين خلق الأزمات وصناعة السلاح هو أن التوجه الأمريكي يرى أن البُلدان التي تشهد صراعات وحروباً واعتداءات تنتقل فيها رؤوس الأموال التي كانت موجودة ما قبل الأزمات إلى مصانع السلاح الأمريكي حيث تصبح الفائدة في استثمار رؤوس الأموال من جهة وزيادة الإنتاج العسكري من جهة اخرى. وتجدر الإشارة إلى أن الطاقم السياسي الأمريكي في الأغلب هو من ملكة شركات تصنيع السلاح والإستثمار النفطي، وبالتالي فإن هذه الشركات تزداد فعاليتها وإنتاجها مع المداومة على الحروب، فعلى سبيل المثال إحتلال العراق جاء بحثّ أصحاب رؤوس الأموال والشركات النفطية وصناعة السلاح في كل من بريطانيا وأمريكا والتي لم يكن آنذاك طوني بلير وبوش الابن في معزل عنه.

ثالثاً: ترى أمريكا أن الترابط في استمرار النزاعات من جهة وتصدير السلاح من جهة أخرى يحفظ لها أداة السياسية الخارجية والأمن، فهو من شأنه أن يحفظ دورها كلاعب على الساحة الدولية من خلال قدرتها على إدارة الأزمات من جهة والتدخل في شؤون البلدان من جهة اخرى من منطلق كونها الممول للسلاح لأطراف النزاع، كما انه يخضع الجيوش التي تبيعها أمريكا السلاح لإدارتها، وتلك الخاضعة لسيطرتها وتجهيزاتها وتدريباتها وبالتالي الإلمام بنقاط قوتها ومنافذ الدخول إليها ومن ثم جعلها مرهونة للقرار والإدارة التي تنسجم والمخطط الأمريكي.

رابعاً: هناك ترابط وثيق بين ادارة الأزمات وصناعة السلاح الذي من شأنه أن يطيل أمدها من جهة وبالتالي يُحدث انخفاضاً في أسعار برميل النفط كما حدث مؤخراً والناتج عن سياسة أمريكية بدفع بعض الأنظمة الخليجية وبالخصوص السعودية منها لدعم النزاعات وتغذيتها مادياً ومن ثم تحمل النفقات المترتبة على محاربة الجماعات الإرهابية بحسب الإدعاء الأمريكي وبالتالي اغراق اقتصاد هذه الدول بالصراعات وتحمل تبعاتها ليأتي الأمريكي فيما بعد وينشأ صفقات شراء النفط طويلة الأمد مع الدول المصدرة، وعليه يبقى سريان مفعول عقود الشراء حتى ما بعد انتهاء الأزمة على سعره المنخفض.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق