الأسطوانة المشروخة .. تهديدات الكيان الاسرائيلي بشن عدوان جديد على غزة
رغم إعتراف الكيان الإسرائيلي بالتزام حركة (حماس) بشروط الهدنة ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، إلاّ أن القادة العسكريين والسياسيين لهذا الكيان لا زالوا يكررون تهديداتهم بين الحين والآخر بشنّ عدوان جديد على القطاع بحجج وأعذارٍ واهية بينها أن حركة (حماس) لازالت تواصل حفر الأنفاق في المناطق القريبة مما يسمى “غلاف غزة”.
ففي آخر تصريح له أعلن وزير الحرب الإسرائيلي “موشيه يعلون” خلال المناورة العسكرية المشتركة بين جيش الكيان الإسرائيلي والجيش الأمريكي في ميناء “حيفا” والتي حملت إسم “الكوبرا جونيبر 16” بهدف رفع مستوى التعاون في مجال مواجهة الصواريخ الباليستية؛ أعلن أن (حماس) إلتزمت بالهدنة ولم تطلق رصاصة واحدة منذ إنتهاء ما يسمى عملية “الجرف الصامد” التي شنّها الكيان الإسرائيلي على قطاع غزة في صيف عام 2014 والتي دامت 51 يوماً، مضيفاً أن تل أبيب لا تكتفي بذلك، وهي تستعد للتعامل مع أيّ تطورات عسكرية محتملة في القطاع.
وإعترف يعلون بأن (حماس) تمكنت من تطوير قدراتها العسكرية بشكل كبير خلال العامين الماضيين، مشيراً إلى أن عملية حفر الأنفاق بين قطاع غزة والمناطق المجاورة له لازالت تتواصل من قبل (حماس) بهدف رفع مستوى إستعدادها لمواجهة أيّ تحرك من قبل القطعات الإسرائيلية في المستقبل.
وكان يعلون بتصريحاته يقدم تطمينات لسكان مناطق ما يسمى “غلاف غزة” الذين يعيشون حالة من الخوف والهلع الشديد من إمكانية إندلاع مواجهة جديدة بين الجيش الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية في القطاع.
وجاءت تصريحات يعلون في وقت يعتقد فيه الكثير من المراقبين بأن الكيان الإسرائيلي غير قادر على شنّ عدوان جديد على غزة في الوقت الحاضر لعدّة أسباب يمكن إجمالها على النحو التالي :
1 – خشية تل أبيب من عواقب مثل هذا العدوان مستدلين على ذلك بتصريحات يعلون الأخيرة التي إعترف فيها بقوة حركة (حماس) والفصائل الفلسطينية الأخرى في القطاع.
2 – إنشغال الكيان الإسرائيلي بالتصدي للإنتفاضة الفلسطينية الثالثة التي إندلعت منذ أكتوبر/تشرين الأول 2015 في الأراضي المحتلة لاسيّما في مدينة القدس والضفة الغربية والتي عُرفت أيضاً بإنتفاضة السكاكين وتمكنت حتى الآن من إلحاق خسائر جسيمة بالقوات الإسرائيلية والمستوطنين الصهاينة رغم الإجراءات الأمنية المشددة التي يتخذها الكيان الإسرائيلي ومن بينها إخفاء جثامين الشهداء الفلسطينيين وسرقة أعضائهم وهدم منازل أسر منفذي عمليات المقاومة، والإعتقال الإداري للنشطاء في الميادين أو على مواقع التواصل الإجتماعي، بالإضافة إلى السجن وإطلاق الرصاص الحيّ على كل من يقذف قوات الإحتلال بالحجارة، وكذلك تشجيع المستوطنين على مهاجمة منازل الفلسطينيين وإستباحة المسجد الأقصى.
3 – يواجه الكيان الإسرائيلي في الوقت الحاضر أوضاعاً سياسية وإقتصادية حرجة على الصعيدين الداخلي والخارجي لا تسمح له بشنّ عدوان جديد على غزة، ومن ضمنها الضغوط التي يتعرض لها هذا الكيان من قبل بعض الدول الأوروبية ومن بينها فرنسا والتي تطالبه بإستئناف مفاوضات التسوية المتعثرة مع السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس، بالإضافة إلى مقاطعة العديد من دول الاتحاد الأوروبي لبضائع ومنتجات المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة إحتجاجاً على مواصلة تل أبيب لسياسة توسيع بناء هذه المستوطنات والتي تواجه رفضاً دولياً باعتبارها تتعارض مع مقررات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي المتعلقة بالمستوطنات.
4 – يخشى الكيان الإسرائيلي من وقوف حزب الله لبنان إلى جانب الشعب الفلسطيني وحركة (حماس) في حال شنّ عدوان جديد على قطاع غزة، خصوصاً وأن تل أبيب تعلم جيداً مدى القوة العسكرية الكبيرة التي يمتلكها حزب الله لاسيّما في المجال الصاروخي وقدرته على دك معاقل ومقرات الكيان الإسرائيلي في أيّ نقطة داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة بالإضافة إلى الخبرة القتالية العالية التي يتمتع بها مقاتلو حزب الله والتي أرعبت الكيان الإسرائيلي وألحقت بقواته هزائم منكرة خلال عدوانه على لبنان في عامي 2000 و2006.
5 – تأكيد قيادات الفصائل الفلسطينية المقاومة لاسيّما كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة (حماس) وسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي على إستعدادهم التام لمواجهة أيّ عدوان إسرائيلي محتمل على قطاع غزة، في وقت يدرك فيه الكيان الإسرائيلي مدى قدرة هذه الفصائل على إلحاق خسائر جسيمة بماكنته العسكرية ودك مواقعه بالصواريخ سواء في تل أبيب أو غيرها من المدن التي يحتلها هذا الكيان.
لهذه الأسباب وغيرها يعتقد المراقبون بأن الكيان الإسرائيلي لا يمكنه إرتكاب حماقة جديدة ضد قطاع غزة، واصفين تهديداته بهذا الشأن بأنها أشبه بفقاعة فارغة أو أسطوانة مشروخة لاتصدر سوى الأصوات النشاز لاسيّما مع عودة التحذيرات من إمكانية حدوث إنفجار في قطاع غزة، بسبب تردي الأوضاع الإنسانية والإقتصادية للسكان المحاصرين منذ نحو عشر سنوات، وهو ما دفع جيش الكيان الإسرائيلي إلى الطلب من حكومة بنيامين نتنياهو بالسماح لسكان غزة بإنشاء ميناء بحري وعقد “هدنة طويلة الأمد” مع حركة (حماس)، لتفادي وقوع مواجهة عسكرية في القطاع في المستقبل القريب.
المصدر / الوقت