اللاجئون السوريين بين سندان الاٍرهاب ومطرقة العنصرية
علی مايبدو فانه ليس من الوارد أن تنتهي أزمات اللاجئين السوريين الذين اختاروا ركوب سفن الموت، وصارعوا بكل شراسة أمواج المحيطات للوصول الی أرض الاحلام في الدول الأوربية!. آلاف من هؤلاء اللاجئين المساکين والذي لم يعد بامکانهم البقاء في بلادهم بسبب الممارسات الوحشية التي أقدمت عليها الجماعات الإرهابية ضدهم، وبعد أن نجوا من الموت شبه المحتوم عند إجتيازهم البحار والمحيطات، باتوا يتعرضون الیوم الی شتی صنوف الاهانات والتحقير من قبل مواطني الدول الاوروبية، ناهيك عن أنهم مروا بأسوء الظروف المعيشية والنفسية خلال الشهور الماضية. العديد من هؤلاء اللاجئين يقولون أن الغرب تساهل في البداية مع هجرتهم نحو الدول الغربية ومن ثم أغلقت هذه الدول الابواب بوجوههم عند وصولهم سواحل الدول الغربية.
وعلی عكس الوعود التي قطعتها ألمانيا علی نفسها في مجال مساعدة اللاجئين خاصة الذين هاجروا اليها من سوريا بسبب الحرب الطاحنة في البلاد، جرت هنالك العديد من المظاهرات الرافضة لاستقبال اللاجئين السوريين من قبل النازيين الجدد وغيرهم من الحرکات العنصرية. وليست هي المنظمات العنصرية الالمانية لوحدها من ترفض قدوم اللاجئين الی ألمانيا بل أن حتی السيدة “انغيلا ميركل” متهمة من قبل القيادات السياسية الالمانية بانها تتبع سياسة مزدوجة في التعاطي مع المهاجرين.
فبحسب ما نشره موقع ” germanyinarabic»” صرح “زيغمار غابريل” رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي وهو شريك في الائتلاف الحاكم في المانيا، أن المستشارة الألمانية “أنغيلا ميركل” تعتمد سياسة مزدوجة تتسم بالرياء في مايخص أزمة اللاجئين، وقال في هذا السياق: “لا يمكن الاحتفاء في الصباح بجلب مليون لاجئ في ألمانيا، وفي المساء عند انعقاد لجنة الائتلاف الحاكم يتم التقدم كل مرة بمقترح جديد لمعاملة أسواء لهم”. هذه التسريبات التي كشف عنها “زيغمار غابريل” حول التعامل السئ مع اللاجئين من قبل ألمانيا، ليست إتهامات للسيدة “ميركل” وحزبها الحاكم في المانيا من قبل شخص عادي، إنما هي حقيقة يكشفها مسؤول ألمانيا علی هذا المستوي الرفيع.
اضافة الی ذلك فقد يواجه الكثير من اللاجئين الذين سمح لهم بالدخول الی ألمانيا، مشاكل تتعلق بحرمان عوائلهم من الالتحاق بهم خلال السنتين المقبلتين. وأنهم لم يحصلوا إلا علی “حماية محدودة”، وهذه الحماية هي بعبارة ليست سوی منح اللاجئ حق البقاء في ألمانيا لمدة سنة يمكن تمديدها تلقائيا لثلاث سنوات، وبعد ذلك فان مصير اللاجئ يصبح غير معروف.
هذه المعاملة السيئة من قبل ألمانيا، هي بالطبع أهون بكثير مما واجهه اللاجئون في دول أوروبية اخری. حيث تصوروا كيف حاولت بعض المجموعات المعادية للاجئين الضغط علیهم من خلال رميهم باتهامات باطلة وعلی رأسها، “التحرش الجنسي”. كما يشكل تعلم اللغة الالمانية أحد المشاكل الاخری التي يواجهها اللاجئين في المانيا. حيث لابد علیهم بعد أن توافق الحكومة علی منحهم حق اللجوء، تعلم اللغة قبل السماح لهم بالبحث عن فرصة عمل في البلاد، وبالطبع فان تعلم اللغة يستغرق وقتا طويلا.
وتقول “كارتباور” رئيسة حكومة منطقة “سارلاند” الالمانية أن اللاجئين يحتاجون الی مئتي الف (200.000) مقعد دراسي لغرض تعلم اللغة الالمانية، وهو ما يتوفر فهو نصف هذه المقاعد، وهذا ما يجعل الآلاف من اللاجئين ينتظرون فترة طويلة حتی يحصلوا علی مقعد شاغر من أجل تعلم اللغة.
وبالاضافة الی جميع المشاكل التي واجهها اللاجئون وخاصة السوريون منهم منذ خروجهم من البلاد، مرورا بالحدود التركية، وصولا الی الدول الاوروبية، فان الكثير منهم دفع كل ما كان لديه من أموال خلال هذه الرحلة الطويلة للمهربين، بأمل وصوله سالما الی أحدی الدول الاوروبية. وفي هذه الاثناء نشرت العديد من وسائل الاعلام الألمانية صورا لعدد من رجال الأمن وهم يوجهون الركلات لاحد اللاجئين الذي قدم من الجزائر بينما كان مكبل الايدي.
وفي شريط آخر يجبر هؤلاء الحراس الامنيين، عدد من اللاجئين علی الجلوس علی مكان تم تغطيته بالقيء. هذه المعاملة غير الحسنة والمشينة تجاه اللاجئين، جعلت بعض المراقبين يتحدثون عن أن اللاجئين باتوا يواجهون في ألمانيا ودول اوروبية اخری معاملة سيئة كما واجهها سجناء سجن “أبو غريب” سيئه السمعة في العراق، علی يد القوات الأمريكية عند احتلالها لهذا البلد عام 2003. هذه المعاملات السيئة من قبل الدول الغربية في معاملة اللاجئين، جعلت الامم المتحدة، تعتبر هذا التعامل “دون مستوی الكرامة البشرية”.
و وصلت هذه المعاملة غير الإنسانية تجاه اللاجئين الی اقدام العديد منهم علی الانتحار، وتعرضت العديد من الفتيات اللاجئات الی الإعتداء الجنسي من قبل أفراد الحراسة. هنالك الكثير من الشركات الخاصة ومن بينها الشركات التي تعمل في المجال الأمني وكذلك شركات الطيران، حققت أرباحا طائلة تصل الی مئات الملاين من الدولارات خلال الفترة الاخيرة من خلال استغلال ملف اللاجئين السوريين في ألمانيا وفق ما نشرته وكالة “DW” الالمانية.
إذن فان اللاجئين الذين وصلوا الی الدول الاوروبية ومن بينها ألمانيا، هم خير من لمس العنصرية الموجودة في اوروبا تجاه الاجانب، خاصة تلك العنصرية التي صدرت عن الاحزاب الیمينية المتطرفة، بعد ما استضافت بلادهم اللاجئين مكرهة. إذن لابد من مطالبة الدول الاوروبية من قبل المنظمات الدولية باحترام کرامة وحرمة اللاجئين والحفاظ علی حقوقهم الإنسانية، خاصة أن معظم هذه الدول ومن بينها فرنسا هي التي تسببت في معاناة هؤلاء اللاجئين وفي مقدمتهم السوريين وذلك من خلال دعم الجماعات الإرهابية المسلحة في سوريا والتي شردت ملایين السوريين من اوطانهم، وأصبحوا لاجئين مساکين لدی الدول الاوروبية.
المصدر / الوقت