التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

سياسة كيل التهم الأمريكية تجاه ايران 

عادت واشنطن مرة جديدة لكيل التهم ضد طهران، في محاولةٍ لإعادة فتح مجال الإبتزاز السياسي والمالي، لا سيما بعد أن دخلت إيران باب الإنفتاح الدولي وتعاظم القدرات العسكرية والسياسية. في حين جاءت المحاولات هذه المرة، عبر المحكمة الفيدرالية الأمريكية، والتي اتهمت إيران بالتورط في دعم منفذي أحداث 11 أيلول 2001. فيما يجري الحديث عن دلالات وأهداف هكذا قرار. فكيف يمكن تحليل ذلك؟

قرار المحكمة

قررت المحكمة الفيدرالية الأمريكية تغريم إيران 10 مليارات ونصف المليار دولار بسبب تورطها في دعم منفذي اعتداءات 11 ايلول 2001 بحسب ادعاءات المحكمة. وبناءاً للقرار الصادر عن المحكمة الفيدرالية، يترتّب على إيران دفع غرامة لتعويض ذوي الضحايا والشركات المتضررة من الهجمات. من جهةٍ أخرى، فهي المرة الثانية التي تُصدر فيها محكمة أمريكية قراراً ضد إيران بتهمة التعاون مع تنظيم القاعدة في هجمات سبتمبر. حيث قضت محكمة أمريكية عام 2012 على إيران بدفع 6 مليارات دولار كتعويض لأُسر ضحايا 11 سبتمبر، وذلك بعدما وجَّهت الإدارة الأمريكية اتهامات إلى إيران في 2011 بإبرام اتفاق سري مع مجموعة تابعة للقاعدة، تُسهل مهمتها في استقطاب أعضاء جدد، وتجميع الأموال لصالح التنظيم، وتسهيل تنفيذ هجمات في باكستان وأفغانستان.

قراءةٌ وتوصيف

ليس مُستغرباً أن تلجأ واشنطن من جديد لسياسة الإتهام ضد طهران. في حين يبدو من الواضح ضعف الإدعاء الأمريكي الفاقد للدلائل والبراهين. وهنا لا بد من ذكر التالي:

تؤكد الإدارة الأمريكية مرة أخرى بأنها ليست أهلاً للثقة في كافة المجالات. وهو الأمر الذي يأتي ضمن سياقٍ طبيعيٍ من المحاولات الأمريكية الدائمة، للنيل من سمعة ومكانة إيران. في وقتٍ يجب القول فيه، بأن العالم أصبح أكثر معرفةً بحقيقة السياسة الأمريكية، والتي تقوم على تبرئة الحليف واتهام العدو. وهنا فإن هذه الإدعاءات تُبرز عدم استقلال المحكمة الفيدرالية الأمريكية. كما يؤكد تغلغل اللوبي الصهيوني المُمسك بزمام الأمور في أكثر المؤسسات الحقوقية العالمية والتي منها الأمريكية.
من جهةٍ أخرى، تُعطي الإدعاءات الأمريكية، الحق لإيران في المضي قُدماً في بناء مكانتها على الصعيدين العسكري والإقتصادي والسياسي. وهو الأمر الذي يرتبط مباشرةً في مسألة ضرورة بناء وتحصين مكامن القوة الخاصة للشعوب، خصوصاً في عالمٍ تتداخل فيه مصالح السياسة مع مصالح الإقتصاد، حيث تُبحر المؤسسات الحقوقية العالمية في البحر الأمريكي الذي يتحكم فيه اللوبي الصهيوني. الأمر الذي يجعل السعي الإيراني لبناء القدرات، من الأمور التي تُعتبر حقاً للشعب الإيراني كما لغيره من شعوب المنطقة، للوقوف في وجه المشاريع الإستكبارية.
وهنا فإن الإداعاءات الأمريكية، تأتي في خانة السعي لإبتزاز إيران دولياً، لا سيما بعد الإتفاق النووي. فبعد أن باءت كل المحاولات الأمريكية والغربية بالفشل، تسعى واشنطن لتشويه سمعة طهران عبر اتهاماتٍ تربطها بالإرهاب، في محاولةٍ للنيل من المكانة التي استطاعت إيران تحقيقها خصوصاً بعد الإتفاق الأخير.
بالإضافة الى كل ما تقدم، تأتي الإدعاءات الأمريكية، بعد قيام طهران بتجارب صاروخية، حوَّلت أنظار العالم إليها. فيما اعتبرها الأمريكيون فرصةً للإنقضاض على القدرات الإيرانية، وباباً للدخول في دوَّامة سياسة الإتهام من جديد. وهو ما يعني العجز الأمريكي أمام إيران، لا سيما فيما يخص قدرة طهران على بناء مكانتها وثقة الإقليم والعالم بها. وهو ما يجعل الطرف الأمريكي اليوم يسعى لسياسة الإيتزاز، عبر قوله بأن التجارب التي تقوم بها إيران، ستدفع الى إيجاد كل المُبررات التي قد تفتح باب إعادة الحظر من جديد أو فرض عقوبات تستوجب تكاليف باهظة على الطرف الإيراني.
دلائل وتحليل

على الرغم من أن التوصيف يمكن أن يخدم التحليل، لا بد من الوقوف عند التالي:

إن السياسة الأمركية لم تكن يوماً سياسة مبدئية. وهو ما بات يعرفه العالم بأسره. فيما يمكن القول بأن اللاعب الأمريكي فقد قدرته على المناورة السياسية، لا سيما تجاه إيران. وبالتالي فإن إعادة اسخدام ملفٍ قديمٍ كأحداث 11 أيلول 2001، ليس إلا دليلاً على العجز الأمريكي تجاه إيران. فيما يجب الوقوف عند دلالات الإتهام، لجهة أنها تهدف لإظهار الطرف الإيراني كداعمٍ للإرهاب.
وهنا فإن الإدارة الأمريكية، لا يمن أن تكون طرفاً قادراً على توجيه المواقف أو إطلاق الأحكام في هكذا أمور. لا سيما بعد أن أثبتت واشنطن مسؤوليتها عن دعم الإرهاب، والترويج له. الى جانب وقوفها مع الأطراف الممولة للإرهاب كالسعودية وقطر.
من جهةٍ أخرى، لن تُفلح واشنطن في سياسة التقليل من الشأن الإيراني. فالإتهامات والتي جاء توقيتها بعد اعلان طهران عن قدراتها الصاروخية، هي محاولة بائسة للتلويح بما لم يعد يُجدي. خصوصاً بعد أن أضحت إيران محط اهتمام الغرب كافة. فيما يَعتبر الإيرانيون مسألة تطوير القدرات، حقاً قومياً، ولا علاقة له بالملفات الخارجية أو محاولات إعادة فرض أي عقوبات.
إذن تحاول واشنطن من جديد إرضاء حلفائها وفي مقدمتهم اللوبي الصهيوني المُتحكم بمراكز القرار في السياسة الأمريكية. وهو ما جعل الطرف الأمريكي يُعيد فتح سجلات 11 أيلول. لكن سياسة الإستغلال الأمريكي للأحداث، لم تعد خفية. كما أن الشعوب باتت تعي حقائق الأمور.

أما على الصعيد الدولي، فإن إيران أبعد ما يكون عن دعم الإرهاب، بل هي التي ساهمت في محاربته في سوريا والعراق والمنطقة. وفيما يخص قدراتها العسكرية، فإن تاريخ الجمهورية الإسلامية، يُثبت بأن هذا البرنامج يمضي قُدماً، ضمن خطته المُعدة، والتي لا تتغير مع تغيُّر الظروف، بل هي أمرٌ ثابتٌ في الإستراتيجية الإيرانية. وهو الذي يُعيد الى الأذهان، ما يؤكد عليه الإمام الخامنئي دوماً في حديثه عن الخطوط الحمراء لإيران الثورة، بأن لا ثقة بأمريكا على الإطلاق. وفيما يخص تنمية القدرات العسكرية، فإن ذلك شأن يخص الإيرانيين وحدهم، ولن تنفع معه سياسة كيل التهم.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق