التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, أكتوبر 6, 2024

سوريا الأسد بعد تدمر : مرة اخرى الى مواجهة دولية 

عادت تدمر فيما عاد معها موقع سوريا الدولي. اعترف لها الجميع بأهليتها للمشاركة في الحرب على الإرهاب. كل ذلك سيخدم مفاوضات السلام لمصلحة الوفد الحكومي في جنيف 3. فيما أكد المعنيون بأن الطابع الأثري لمدينة تدمر ما يزال على حاله مع بعض الضرر. فماذا في مستجدات الملف السوري؟

انتصار تدمر والجيش السوري يفرض نفسه

لم يكد ينتهي الجيش السوري من معركة تحرير مدينة تدمر حتى عاد الحديث عن مشاركة سوريا في ما يُسمى “الحملة الدولية لمكافحة الإرهاب”. وهو الأمر الذي قوبل بترحيب دمشق بأي تعاونٍ مع واشنطن في هذا المجال، في وقتٍ عرضت فيه موسكو نفسها كلاعبٍ لدور الوسيط بين الطرفين. وهنا فإن انتصار الجيش السوري في تدمر، فرض العاصمة السورية دمشق كلاعب أساسي في أي جبهة دولية ضد تنظيم داعش الإرهابي، أو أيٍ من الحركات الأخرى الإرهابية. يأتي ذلك في ظل حديث يدور بين عواصم القرار عن أهمية التعاون في المعركة ضد الإرهاب.

وهنا فقد خرج نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف في حديثه أمس، عن إمكانية تعاون بين القوات الأمريكية وقوات الجيش السوري في عملية تحرير مدينتي دير الزور والرقة من التنظيمات الإرهابية لا سيما داعش. كذلك، أعرب رئيس الوفد السوري الحكومي إلى مباحثات جنيف، بشار الجعفري، عن استعداد بلاده للمشاركة في تحالف يضم واشنطن، بشرط العمل والتنسيق المسبق مع دمشق. ونقلت وكالة إنترفاكس الروسية عن بوغدانوف، قوله إن هذا التعاون ممكن عبر الطرف الروسي، مشيراً إلى عدم وجود قنوات اتصال مباشر بين الجانبين السوري والأمريكي على الصعيد العسكري. وأوضح أن التفاهمات التي توصلت إليها مجموعة الدعم الدولية لسوريا وضعت أطراً زمنية محددة لتحقيق التسوية السياسية. وشدّد على ضرورة وضع أطر للتسوية، بما في ذلك بلورة الدستور الجديد مع حلول شهر آب المقبل.

تصريحات بشار الجعفري للميادين

من جهته أوضح بشار الجعفري، في مقابلة مع قناة “الميادين” أمس، أن الرئيس الأسد دعا منذ البداية إلى إنشاء تحالف دولي لمكافحة الإرهاب، لكن المشكلة أن البعض كان يريد أن يحارب فوق الأراضي السورية والعراقية دون التنسيق مع حكومتي البلدين، ولذلك لم ينجح، بينما تحالفنا مع حلفائنا الروس أعطى نتائجه في الأمس واليوم وفي المستقبل. ولفت إلى أهمية التوافق الروسي الأمريكي، لكونه يساعد على وقف الأعمال القتالية وعلى الإنخراط في الحوار ويخفف التوتر العالمي، ما ينعكس إيجاباً على مجمل الأحداث في المنطقة. وأشار إلى أن الجولة الثانية من مباحثات جنيف كانت أكثر جوهرية من سابقتها، موضحاً أن تقدم الجيش السوري في تدمر كان يعطي الوفد الحكومي المُفاوض حافزاً مهماً، حيث كان يُظهر أن ما يقوله الوفد عن مكافحة الإرهاب ليس نظرياً، بل عملي.

الترحيب الدولي بالإنتصار على داعش، مما يخدم المحادثات حول سوريا

وعلى صعيد متصل بأجواء الإنتصار في تدمر، لقي النجاح الذي حققه الجيش السوري ضد تنظيم داعش الإرهابي في تدمر، أصداءً دوليةً رحّبت بنتائجه، إذ وصفت الخارجية الأمريكية على لسان المتحدث باسمها جون كيربي، طرد داعش من مدينة تدمر بالأمر الجيد. وفيما بقي الترحيب الأمريكي مبطّناً بالحرص على التراث العالمي، رحّب الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون باستعادة الجيش لمدينة تدمر، قائلاً، أول من أمس: “أسعدنا وزادنا عزماً إعلان الجيش السوري استعادة السيطرة على تدمر وطرد تنظيم “الدولة الإسلامية” منها، وأنه الآن سيحمي ويحافظ على هذا الإرث الإنساني… أسعدني أيضاً إعلانهم أنهم سيحاولون ترميمها، وآمل أن يتمكنوا من ذلك”.

وشكل طرد داعش من تدمر محور اتصال أجراه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بنظيره الإيراني حسن روحاني، وذلك بعد ساعات من تهنئة بوتين للأسد بهذا الإنجاز. وذكر الكرملين، في بيان، أن الرئيسي الروسي والإيراني “ناقشا بالعمق الوضع في سوريا في ضوء هذا الحدث البالغ الأهمية”، والذي يندرج في “سياق مواصلة مكافحة التنظيمات الإرهابية في سوريا”. وكان أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني قد رحب، في رسالة إلى الأسد، بانتصار الجيش السوري في تدمر. وتعهد بأن “تواصل الحكومة والقوات المسلحة للجمهورية الإسلامية الإيرانية دعمها الكامل لسوريا وسائر قوى المقاومة” ضد تنظيم داعش الإرهابي.

من جهة أخرى، أفادت مصادر مقربة من المحادثات، أمس، بأن الاجتماع المقبل للمجموعة الدولية لدعم سوريا، قد يعقد قبل الجولة الجديدة من المحادثات، وذلك ضمن مسعى لتشكيل وفد موحد للمعارضة وإشراك الأكراد في المفاوضات. وفي هذا السياق، أشار بوغدانوف إلى استعداده للقاء “الهيئة العليا للمفاوضات” المعارضة، مطلع نيسان، خلال زيارة سيقوم بها لقطر.

آثار تدمر بخير

من جهة أخرى، عبَّر المدير العام للهيئة العامة للآثار والمتاحف مأمون عبد الكريم عن تفاؤله بإمكانية إعادة مدينة تدمر الأثرية إلى وضع يتناسب مع قيمتها التاريخية والسياحية خلال خمسة أعوام، مشيراً إلى أن ما يزيد عن 80 في المئة من آثار المدينة لا تزال بوضع جيد، وهو ما فاق توقعات المديرية بكثير. وقال عبد الكريم في حديث له مع صحيفة السفير اللبنانية، إن المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو) إيرينا بوكوفا “هنأته شخصياً” باستعادة تدمر، التي يعود تاريخها إلى ما قبل ألفي عام، وأعلمته هاتفياً استعداد المنظمة للتعاون مع دمشق “لتأهيل وترميم ما يمكن ترميمه” من المدينة. وأضاف عبد الكريم، في اتصال مع السفير، أن اجتماعاً لليونيسكو سيُعقد في باريس الشهر المقبل سيشارك فيه لهذه الغاية، وهو مخصَّص لتقديم المشورة والدعم بشأن المدينة. ووفقاً لتقديرات عبد الكريم الرسمية فقد تمّت “استعادة ما يزيد عن 80 في المئة من المدينة الأثرية بسلام”، مشيراً إلى “الدور الكبير الذي لعبه الأهالي، ممن بقي في المدينة تحت سلطة داعش في الحفاظ على هذه الآثار”. وأوضح أن التخريب الذي حصل على التماثيل الكبيرة التي وجدت في المتحف واستعصى على الحكومة نقلها، جرى بشكل عام لأوجه التماثيل وليس لأجسادها، الأمر الذي يسمح باستعادة جزء من قيمتها عبر الترميم.

إذن لا شك بأن سوريا كسبت الميدان والسياسة. بل عادت من جديد نحو الواجهة الدولية، وبنفس الخيارات، أي مازالت سوريا الأسد.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق