الاٍرهاب يستغيث بالرياض … فهل من تفسير ؟
بثت قناة العربية السعودية مؤخرًا مقطع فيديو لنائب “صدام حسين” وذراعه اليمنى “عزت الدوري” دعا فيه العرب إلى الاصطفاف في وجه إيران تحت راية التحالف العربي بقيادة السعودية، وجاء هذا الفيديو بعد شائعات تحدثت عن مقتل الدوري في اشتباكات قرب مدينة تكريت شمال بغداد في 17 أبريل الماضي.
الخطاب الذي نشرته العربية للدوري صوّر السعودية على أنها قائدة الركب العربي، وهي التي تسعى إلى حماية البلاد العربية، ولكن هذه الصورة بعيدة عن الواقع كل البعد، فعزت الدوري لا يمثل العرب حتى يولي عليهم الرياض، وكل من يمثلهم “الدوري” هم جماعات تكفيرية تقتل وتقطع الرقاب، وقد أكد “الدوري” علنًا أن قواته تتقاطع مع داعش في العقيدة والميدان، وفي عام 2014 انتشر تسجيل صوتي للدوري حيّا فيه تنظيم داعش الإرهابي واعتبر أن “يومي تحرير نينوى وصلاح الدين من أعظم أيام تاريخ العراق والعرب بعد أيام الفتح الإسلامي” ودعا إلى تجاوز الخلافات حتى “تحريرالعراق”، حسب تعبيره.
في عام 2014 نشرت صحيفة “التلغراف” البريطانية في عددها الصادر الجمعة 10 تموز/يوليو وثائق كشفت عن الهرم القيادي في تنظيم داعش، وهذه الوثائق حصل عليها الجيش العراقي أثناء مداهمته منزل “أبوعبد الرحمن البيلاوي” وهو قيادي في تنظيم داعش في الموصل ، وخلاصة ما تضمنته الوثائق هو أن أكبر قادة تنظيم داعش هم من ضباط الجيش العراقي السابق ومن جهاز الاستخبارات العراقي في عهد النظام السابق، فنائب البغدادي هو “أبو مسلم التركماني” واسمه الحقيقي “فاضل الحيالي” وقد كان مقدم سابق في الاستخبارات العراقية، كما أن المسؤول العسكري الأول في الخلافة الداعشية المدعو “أبو عبد الرحمن البيلاوي” هو “عدنان إسماعيل نجم” وهو ضابط سابق في الجيش العراقي.
كل هذه الحقائق تؤكد ضلوع فلول حزب البعث مع تنظيم داعش وتحالفها معه، أي أن “الدوري” هو ممثل عن المجموعات الإرهابية التكفيرية، وهذا ما يجعل من دعوته إلى الاتحاد تحت راية السعودية دليلا واضحًا على العلاقة المتينة التي تجمع السعودية مع الجماعات الإرهابية، فالرياض باتت تمثل “المنقذ” الذي يلتجئ إليه “عزت الدوري” وأمثاله، وباتت السعودية “الأب الروحي” للجمعات التكفيرية، وهذا ما يفسر استغاثة “الدوري” بالسعودية في خطابه الذي نشرته قناة العربية.
“الدوري” بات يعتبر نفسه “محاربًا” لحماية العراق وحفظه مصالحه، وبات يستنجد بالرياض التي تفتعل الأزمات في المنطقة وتقف وراءها، من اليمن إلى العراق كل الخيوط تؤدي إلى السعودية، فاليمن منذ أكثر من عام يشهدُ عدوان منقطع النظير، والسعودية هي من تقف وراء هذا العدوان، كذلك في العراق، منذ البداية حاولت السعودية النظر إلى الحكومة العراقية من منظار طائفي، وهي التي تسببت ببروز الاختلالات الأمنية في العراق كما دعمت تنظيم داعش الإرهابي بالتعاون مع أمريكا.
لم يكتف “الدوري” بالاستنجاد بالسعودية وحدها، بل ألقى اللوم على أمريكا أيضًا إذا لم تقم بإنقاذ العراق، وهذه دلالة أخرى على وحدة الهدف بين واشنطن والعصابات الإرهابية، وقد غاب عن الدوري أن أمريكا كانت قد احتلت العراق لقرابة عشر سنوات، تسببت خلالها بظهور أرضية مناسبة لبروز فكرٍ متطرف، وجعلت من العراق خلال هذه السنوات الطويلة قاعدة للجماعات الإرهابية وقد كان أول ظهور لداعش هو في العراق وفي ظل الاحتلال الأمريكي حيث انبثق هذا التنظيم الإرهابي من تنظيم القاعدة الذي أسسه وبناه أبو مصعب الزرقاوي عام 2004 في ظل الاحتلال الأمريكي للعراق.
نداء الاستغاثة الذي أطلقه “الدوري” فضحه وفضح السعودية وأمريكا وأظهر هاتين الدولتين على أنهما أم الإرهاب و راعيتيه، وعن مدى استجابة الرياض و واشنطن لنداء “الدوري” فهو أمر غير ممكن، فالسعودية غارقة في الحروب التي افتعلتها في سورية وكذلك فهي غارقة في مستنقع العدوان على اليمن، وهي غير مستعدة لفتح المزيد من الجبهات، بل هي غير قادرة على ذلك، ولو كانت قادرة لما انتظرت نداء “الدوري” وصيحته، والأمر الذي لا يدركه “الدوري” أن السعودية غير مستعدة لتحمل أدنى الضغوط لأجله، وهو ليس إلا أداة لخدمة المشاريع السعودية، وعاجلا أم آجلا ستنقضي مدة هذه الآداة وستُزاح جانبًا.
المصدر / الوقت