التحديث الاخير بتاريخ|الثلاثاء, ديسمبر 24, 2024

جنيف السوري.. ما بين الرياض وتل أبيب 

وكالات – سياسة – الرأي –
كان من الطبيعي أن تجنح معارضة الرياض نحو إسقاط المفاوضات من خلال التصريحات السلبية التي أطلقت من قبل بعض أطراف الوفد الممثل لها على خلفية الإعلان عن معارك جديدة من قبل الميليشيات المسلحة لاسيما في حلب، الأمر الذي يعكس إن الفائدة التي كانت ترجوها الأطراف الداعمة للميليشيات المسلحة من اتفاق وقف الأعمال القتالية في سوريا قد تمت، وهذه الفائدة بالدرجة الأولى بإعادة هيكلة وتسليح الميليشيات في الشمال السوري تحديدا، حيث الطرق التي تستخدم لتهريب النفط وبقية مقدرات الدولة السورية إلى تركيا ومنها إلى أوروبا.

وكان من الطبيعي أيضاً أن يعقد وفدي روسيا وأمريكا في جنيف اجتماعا مطولا بعد ظهر امس الأثنين لبحث سبل إنقاذ المفاوضات الدائرة في جنيف بين الأطراف السورية، والتي مازالت تعكس تخبط الطرف المعارض بكون المعارضات المتعددة مازالت مقسومة في وفود متعددة، وهذا يؤدي إلى أن الدولة السورية مازالت المتحكم بمسار الحدث السوري ميدانيا وسياسيا، فرئيس الوفد الحكومي بشار الجعفري الذي أفرد المساحة الكبرى من مؤتمره الصحفي اليوم للتصرف العدواني لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بدعوة حكومة الاحتلال للاجتماع في الجولان السوري، ومن ثم تطرق لمسألة وجود ممثلا لميليشيا حركة أحرار الشام الإرهابية ضمن وفد الرياض، وهذا التطرق لقضية الجولان وحجم التنسيق ما بين الحكومتين الإسرائيلية والسعودية لضرب الدولة السورية من خلال الميليشيات المسلحة، يؤكد إن الحكومة السورية في موقف القوي ميدانيا، وهي تمتلك من الاستعداد العسكري ما يلزم لمواجهة الكيان الإسرائيلي إن اقتضت الحاجة رغم وجود الميليشيات كأدوات للكيان في الداخل السوري، وعلى ذلك فإن التلويح بمواقف سياسية من قبل تل أبيب كورق ضغط على دمشق في وقت حساس تقوم فيه محادثات جنيف على طاولة وضعت على صفيح ساخن من قبل الأطراف التي دفعت الميليشيات المسلحة لخرق وقف الأعمال القتالية.
وفي حين أن الجعفري أكد أكثر من مرة أن بلاده لن تقبل بتنازلات كبرى تمس السيادة الوطنية ووحدة الأراضي السورية، فإن السعودية التي تجد نفسها يوما بعد آخر خارج ناتج الحل السوري تحاول جاهدة لعرقلة هذا الحل، بكونه يمنح دمشق قاعدة شعبية وسياسية أوسع للعمل الوطني ضد الإرهاب بكونه الأداة التي استعملت لضرب سورية خصوصا، والمحور المقاوم عموما، وهذا يعني إن السعودية ومعها كل من قطر وتركيا ستعملان على إعادة الميدان السوري إلى النقطة التي كان يقف عندها قبل عام على الأقل لضمان وجود أوراق ضغط تعيد هذه الدول الثلاث إلى ظل الحل السوري فيما يعنى بالمصالح الإقليمية التي تجري محادثات حثيثة للتفاهم عليها من قبل القوى العظمى وعلى رأسها روسيا وأمريكا.
وفي زاوية أخرى، لا يمكن إغفال إن الأطراف الداعمة للإرهاب باتت تنظر إلى الميدان السوري بعين الخائف من نهاية الوجود الإرهابي في سوريا من خلال جملة المنجزات الميدانية التي يحققها الجيش السوري بدعم من القوى الحليفة له على الأرض، وهذا معناه إن الحل السياسي سيكتب في دمشق إذا ما تم الحسم، ولأن دمشق تعرف تماما ما تريد فإن كل الأطراف التي تدور في فلك الكيان الإسرائيلي تعمل جاهدة للحفاظ على جذوة الإرهاب، ولن يكون مستبعدا أن تعمل هذه الأطراف على تزويد الميليشيات المسلحة بدبابات مضادة للطائرات، وصواريخ متطورة مضادة للمقاتلات الروسية تحديداً، فالفارق التقني الذي عكسته المقاتلات الروسية له صداه في أروقة السياسية في كل من واشنطن وتل أبيب، فمن الطبيعي الحديث عن تطور عسكري كبير في الجيش السوري في مرحلة ما بعد الأزمة، وهذا ما يجعل حسابات الحل يجب أن تدفع باتجاه التعقيد من قبل إسرائيل وخدمها.انتهى

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق