مسلسل التوتر التركي-الروسي؛ الخضار والفاكهة آخر فصوله
يبدو أن التوتر الذي حصل بين روسيا وتركيا والذي أُشعل فتيله منذ بدء التدخل الروسي في سوريا لم ينتهِ بعد، كما أن العقوبات التي تفرضها روسيا على تركيا من جرّاء هذا التوتر لم تصل الى خواتيمها، والخسائر التركية الاقتصادية المتراكمة من وراء القطيعة الروسية الى تزايد أيضاً، ففي الأيام القليلة الماضية شهدنا فصلاً جديداً من الخطوات الروسية المتقدمة بحق الطرف التركي، والتي بالطبع ستُكبد الأتراك عبئاً إضافياً في فترة هي في أمس الحاجة لفسحة أمل تنتشل تركيا من مشاكل كثيرة تعاني منها.
روسيا تحظر استيراد الفواكه والخضروات التركية بدءاً من الاثنين المقبل
في السياق نفسه الذي تحدثنا عنه وفي اطار معاقبة روسيا لتركيا بسبب بعض التواترات السابقة التي حصلت بين الطرفين في سوريا، ورغم التلميح الروسي إلى أن الخطوة المتخذة هي من باب المواصفات الدولية وتطابقها، إلّا أن محللين أرجعوا الموضوع إلى خلفيات سياسية بين الطرفين.
فقد كشفت هيئة الرقابة الزراعية الروسية نيتها فرض حظر على استيراد جميع الفواكه والخضروات التركية ابتداء من يوم الاثنين المقبل، لانتهاكها معايير السلامة.
وأكد رئيس هيئة الرقابة الزراعية الروسية “سيرغي دانكفيرت” لوكالة نوفوستي الروسية، أنه “سيتم حظر استيراد جميع الفواكهة والخضروات التي كان مسموحاً دخولها الأراضي الروسية إلى الآن، من البصل والليمون والغريب فروت، لعدم مطابقة المنتجات التركية للمواصفات الروسية، ولاحتوائها على آفات نباتية كالتربس”.
وقال رئيس هيئة المراقبة، “فقط الكوسا والغريب فروت (غريفون) والليمون، كانت تدخل روسيا حتى الآن، ونحن نرى أنها لم تعد ضرورية، ويمكننا الاستغناء عنها، وسيتم حظرها ابتداء من يوم الاثنين”.
وأضاف دانكفيرت “لقد عملنا معهم لفترة طويلة، ولكن لم يتغير شيء من هذا الوضع، واليوم تم توقيف آخر 50 طنا من الكوسا التركية التي وصلت إلى كراسنودار الروسية”، وتابع قائلاً “الليمون التركي معروض في السوق بحوالي 60 ألف طن، ولكن سوق الليمون واسعة بما فيه الكفاية، وأمريكا الجنوبية تصدر لنا الكمية نفسها، لذلك سوقنا لا يتأثر بعدم استيراد الليمون التركي، وهو يتمتع بالمرونة الكافية”.
وشرح “دانكفيرت” موضحاً “نحن لا نتدخل في السياسة، نحن نعمل في اختصاصنا، وقد اكتشفنا منتجات تركية مصابة فعلا، وإن كان الجانب التركي لا يعمل معنا بشكل فعال، فهذا يعني أنهم هم المسؤولون، وهذه ليست سياسة”، كما اكد الكرملين انه ليس للقرار اي دوافع سياسية.
الخسائر قد تصل إلى 44 ملياراً وتبدد مشاريع مستقبلية بـ100 مليار دولار أمريكي
ذكرت تقارير صحفية عند بدء التوتر في العلاقات الروسية التركية أن نحو 44 مليار دولار على المحك، حيث أن قيمة التبادل التجاري للبضائع تتجاوز الـ 30 مليار دولار سنويا، يضاف إليها استثمارات متبادلة متراكمة بأكثر من ملياري دولار.
وتعد تركيا أكبر خامس شريك تجاري لروسيا بحصة تبلغ 4.6% من إجمالي التجارة الخارجية الروسية، وذلك بحسب بيانات إدارة الجمارك الروسية للفترة ما بين يناير وسبتمبر من العام الماضي، وتأتي تركيا في هذا المركز بعد الصين، وألمانيا، وهولندا، وإيطاليا.
وبلغ التبادل التجاري بين موسكو وأنقرة في العام الماضي 31 مليار دولار، ووصل إلى 18.1 مليار دولار للأشهر التسعة الأولى من العام الماضي، منها 15 مليار دولار هي صادرات روسيا إلى تركيا التي تشكل واردات الطاقة حصة الأسد فيها، حيث تقوم روسيا بتلبية أكثر من نصف احتياجات الغاز في تركيا.
وبعد الأخذ بعين الاعتبار “تجارة الخدمات” فإن مؤشر التبادل التجاري الكلي من بضائع وخدمات بلغ في عام 2014 ما يقارب 44 مليار دولار.
كما أكدت تقارير عدّة أن أنقرة وموسكو كانا قبل الأزمة بينهما يسعيان إلى زيادة حجم التبادل التجاري بينهما إلى 100 مليار دولار بحلول عام 2023.
ويجدر الإشارة إلى أن قطاع السياحة أضاف تأثيراً سلبياً كبيراً أيضاً على الاقتصاد التركي بسبب المقاطعة الروسية الرسمية والخاصة من شركات سياحية وغيرها، إذ بلغ عدد السياح الروس الذين قصدوا تركيا بهدف السياحة في عام 2014 نحو 4.38 مليون شخص، وذلك من أصل 42 مليون سائح، وأدخلوا ما يقارب 36 مليار دولار إلى الاقتصاد التركي.
وجدير بالذكر أن التوتر بين البلدين قد بلغ ذروته بعد إسقاط الطائرة الحربية الروسية في سوريا من قبل تركيا، وما تبعه من مواقف وتصريحات من الطرفين.
فهل نشهد قطيعة تركية – روسية تامة خلال الفترة القادمة؟ أم أن أفق حلحلة قد تلوح مؤشراته بين الطرفين بسبب وساطة معينة أو بعد تحلحل الوضع في سوريا، والتي شكلت موضوع الخلاف الأساسي بين الأتراك والروس؟ ما علينا إلا أن ننتظر لنرى ما تخفيه الأيام القادمة لنا من مستجدات في هذا الملف القديم المتجدد.
المصدر / الوقت