التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

بريطانيا بؤرة فساد وبأسلوبٍ رسمي! 

تعد بريطانيا، بحسب بعض المصادر والخبراء، من اكثر الدول فساداً في العالم. على الرغم من أنها استضافت مُؤخراً أعمال القمة العالمية الخاصة بمكافحة الفساد، بهدف وضع خطة للتصدي لهذه المشكلة الخطيرة. حيث تواجه الحكومة ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون اتهامات واسعة بشأن تقاعسها في محاربة جرائم غسيل الأموال التي تستثمر في بريطانيا، والتي تقدر قيمتها بأكثر من 200 مليار دولار وفق تقارير صحفية عالمية، كان آخرها تقريرٌ نشرته الإندبندنت، منذ يومين. كما أن شخص رئيس الوزراء كاميرون، اعترف أيضاً بعد تسريبات بنما، بامتلاك حصص في شركة أوفشور كان يملكها والده. هذا بالاضافة الى تورط بعض المصارف والمؤسسات الحكومية بملفات فضائح وجرائم مالية وعمليات غسل أموال وتهريب واسعة النطاق. حيث تحولت بريطانيا خلال العام الماضي 2015، إلى ملاذ آمن للفاسدين لإخفاء أموالهم. حيث بلغت قيمة الفلل والشقق الفاخرة 207 مليار دولار، تملكها شركات أوف شور في كل من إنجلترا وإقليم ويلز.

بريطانيا بؤرة الفساد العالمي

فيما يخص هذا الملف، أكد الصحفي والخبير في قضايا المافيا روبرتو سافيانو، أن بريطانيا هي البلد الأكثر فساداً في العالم. وقال سافيانو، الذي أمضى أكثر من 10 سنوات في تتبع التعاملات الإجرامية للمافيا الإيطالية، خلال مهرجان أقيم في بريطانيا: “إذا سألتكم ما هي المنطقة الأكثر فساداً على الأرض قد تقولون لي إنها أفغانستان، ربما اليونان أو نيجيريا أو جنوب إيطاليا ولكني سأقول لكم إنها المملكة المتحدة!”.

وأضاف سافيانو أن الفساد في بريطانيا، ليس بسبب الروتين الإداري ولا الشرطة ولا حتى السياسة وإنما هي بؤرة للفساد المالي. مشيرا إلى أن 90% من أصحاب رؤوس الأموال في لندن، يمتلكون مقرات لشركاتهم تقع خارج الحدود. وأوضح الصحفي أن جزيرة جيرسي الواقعة في مضيق المانش بين بريطانيا وفرنسا وجزيرة كايمان الواقعة في الكريبي (وهما تابعتان للعرش الملكي البريطاني)، تُعدا بوابتا عبور رؤوس الأموال الإجرامية من أوروبا، مؤكدا أن بريطانيا تسمح بذلك.

وتابع سافيانو أن بريطانيا جاءت في المركز العاشر على قائمة الشفافية العالمية عام 2015 الذي يقيس مستوى الفساد في القطاع العام، مشدداً على أن مغادرة بريطانيا للإتحاد الأوروبي سيسمح للشركات القطرية والعصابات المكسيكية والمافيات بالعالم في الحصول على المزيد من القوة.

تأكيد الإندبندنت

ومع بداية الشهر الحالي، أصدرت الإندبندنت مقالاً أكدت فيه ما أشار له الخبير الإيطالي. حيث أكدت أنه وعلى الرغم من الصورة الوردية التي يحملها كثيرون عن بريطانيا، إلا أن البلاد تواجه تهماً كثيرة تتعلق بالفساد، خاصة فيما يرتبط بغسيل الأموال؛ مع التأكيد على وجود “مافيا مالية” في لندن.

وقالت الصحيفة البريطانية إن الخبير في المافيا ربرتو سافيانو كان محقا حينما قال إن بريطانيا كما أفغانستان وجنوب إيطاليا ونيجيريا هي الدول الأكثر فسادا في العالم، ففي الوقت الذي يعتقد فيه الرأي العام البريطاني أن بلاده بعيدة عن مشاكل المافيا والفساد، تعد لندن “عاصمة لغسيل أموال المخدرات في العالم”.

وأردفت الصحيفة قائلة: “نحتاج إلى إجراءات صارمة من ديفيد كاميرون في هذا المجال، وهو الذي يتحدث عن وجود لعبة كبيرة حينما يتعلق الأمر بالشفافية والمساءلة، لكنه بدلا من تنظيف بريطانيا من التنظيمات السرية والملاذات الضريبية التي توجد تحت الغطاء القانوني البريطاني الذي يسمح بمرور الأموال إلى لندن، فإنه يخطط لخصخصة تسجيل الأراضي في جزر المملكة المتحدة الذي يقيس ملكية العقارات داخلها”.

منابع الفساد

في السياق ذاته وعلى الرغم من أن بريطانيا وأمريکا ظهرتا خلال القمة الأخيرة في لندن وكما تذكر بعض المصادر، كرعاة رسميين لمكافحة الفساد في العالم، فإنهما تحدثتا بلغة تتسم بالإنكار. فالفساد يستفحل في الأنظمة المالية لكل من الدولتين. فالشركات في لندن وفي وول ستريت تدفع عشرات المليارات من الغرامات بسبب الإحتيال المالي والتلاعب في الأسعار وغيرها من الجرائم المالية، كما أن البنوك الأمريكية والبريطانية الكبرى تعتبر جزءا من شبكة عالمية للجرائم المالية المنظمة.

وفي بريطانيا وحدها، توجد منابع الفساد أو ما يطلق عليه ملاذات ضريبية آمنة، مثل جزر كايمان وبيرمودا والعذراء وأنجولا وآيل أوف مان. وتتعرض المملكة المتحدة نفسها للإنتقاد بسبب انعدام الشفافية. فمن أصل 214 ألف شركة يمثلها مكتب موساك فونسيكا الذي يتصدر فضيحة أوراق بنما، يتمركز أكثر من نصفها في الجزر العذراء البريطانية. وتلقب سيتي أوف لندن، بالإمبراطورية البريطانية الثانية حيث تضم حوالي ثلث أنشطة شركات الأوفشور العالمية. واهتزت مصداقية وسمعة ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني نفسه بعد ورود اسمه في وثائق بنما، وهو ما اضطره للإعتراف بأنه امتلك حصصاً في شركة والده إيان الذي توفي في 2010.

وثائق بنما

على صعيد متصل كشفت وثائق بنما عن وجود تجارة غير أخلاقية ومجهولة تتضمن بيع وشراء التحف الثمينة والآثار أسفرت عن اختفاء تمثال سيخمكا من العاصمة لندن. ويعتبر التمثال المصري سيخمكا واحدة من القطع الفنية التي لا يمكن تعويضها، ويقول أحد النشطاء إن أحد المتاحف البريطانية قام ببيعه إلى رجل غامض الهوية وجامع تحف مقابل مبلغ 16 مليون جنيه إسترليني.

وتبعاً لتقرير نشر في إحدى الصحف البريطانية، كانت الحكومة البريطانية قد حظرت تصدير تمثال سيخمكا الذي يبلغ عمره 4500 سنة، في ظل محاولات من مصر لجمع الأموال اللازمة من أجل شراء التمثال. ولدى معرفة الدكتور ممدوح الدماطي، وزير الآثار المصري، بأن التمثال لم يعد متاحاً للعرض أمام العامة في المتحف، أصيب بالهلع واصفاً عملية البيع التي نفذتها بلدية بورو نورثامبتون في بريطانيا، بالجريمة غير الأخلاقية في حق التراث العالمي.

وفي ظل الإشاعات التي قالت إن التمثال بيع لأحد جامعي التحف ويحمل جنسية إما أمريكية وإما قطرية، أزال مجلس فنون إنكلترا متحف نوثامبتون من قائمة المتاحف المعتمدة لديه حتى عام 2019، على أقل تقدير. وقالت متحدثة باسم بلدية بورو نورثامبتون إن البلدية لا تعرف مكان التمثال وليس لديها فكرة عنه، لأنها قامت ببيعه منذ نحو عامين.

إذن يبدو أن بريطانيا ليست فقط بؤرة فساد، بل تتم فيها عمليات الفساد وبطريقة مُشرعنة. وهو الأمر الذي يجعل المسألة أكثر تعقيداً، حين يُصبح الفساد حالةً محمية. حيث ينتقل النقاش من موضوع الفساد الى موضوع حمايته وبشكلٍ قانوني داخلي. الأمر الذي يجعلنا نقول بأن بريطانيا هي بؤرة فساد وبأسلوبٍ رسمي.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق