مزايا ومعايب النظام البرلماني والرئاسي في العراق وسط التدهور الامني والاقتصادي الذي يمر به البلاد
تم تاسيس البرلمان العراقي بعد سقوط نظام الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين عام 2003 واثناء الغزو الامريكي للعراق، ومع هذا وعلى الرغم من مرور حوالي العقد على تاسيس هذا النظام السياسي في العراق الا ان الانتقادات اللاذعة توجه له ومن اوساط البرلمان نفسه من قبل شخصيات سياسية وبرلمانية عراقية عدة داعين الى تاسيس نظام سياسي وبرلماني جديد في هذا البلد.
هذه الدعوات قد تزايدت في الآونة الاخيرة اثر الازمة السياسية الاخيرة التي يمر بها البرلمان العراقي حيث لم يتخذ البرلمان العراقي اي اجراءات في خضم الازمة الامنية والسياسة التي يمر بها ويتسائل منتقدون هل هذا ما ارادته امريكا للعراق بعد غزوها له وهو ان يمتلك العراق برلماناً يزيد العراقيين تشتتا وفرقة بدل ان يوحدهم؟
ان موجهي الانتقادات الى البرلمان العراقي مع التوجه للازمة الاخيرة يعتقدون ان العراق مع برلمانه الحالي غير قادر على التغلب على المشكلات والصعوبات الحالية وان العراق لا يمتلك بعد القدرة على ادارة نفسه عن طريق البرلمان ويؤكدون ان طريق الحل الوحيد هو تبديل النظام البرلماني الحالي بنظام رئاسي جديد.
وفي الوقت الذي تستمر فيه الأزمة الأمنية في العراق دعا الشيخ “قيس الخزعلي” الامين العام لعصائب اهل الحق العراقية لتغيير النظام السياسي من برلماني الى رئاسي الامر الذي تمت مواجهته بالترحيب تارة والنفي تارى اخرى من قبل مختلف الفصائل العراقية بالإضافة إلى الجماعات الدينية والعرقية المختلفة في العراق والتي كان لديها وجهات نظر مختلفة بشأن هذه المسألة، فحتى بين الجماعات الشيعية، لا يوجد إجماع حول تغيير النظام السياسي الحالي لهذا سنتناول لمحة موجزة عن وجهات نظر كل مجموعة من المجموعات السياسية العراقية حول تغيير النظام السياسي للبلاد.
ان البلدان وبشكل عام تختلف عن بعضها الاخر بناء على الانظمة السياسية المختلفة التي تمتلكها فبعض الانظمة السياسية برلمانية وبعضها الاخر رئاسية بل يتجاوز الامر في بعض البلدان ليكون النظام فيها نصفه رئاسيا ونصفه برلمانيا، وغالبا ما يكون تعيين نوع النظام السياسي في بلد ما بناءا على عوامل عدة من عوامل تاريخية وحتى سياسية في بعض الاحيان ناهيك عن ارتباط النظام بالتشكيلة الجغرافية والعرقية والدينية.
النظام البرلماني هو واحد من الانظمة التي تمارس سلطتها بناء على مطالب الشعب في الانظمة الديمقراطية والنظام البرلماني غالبا ما يسوده حزب سياسي معين يكون هو المسؤول عن تشكيل الدولة، وفي ظل النظام البرلماني تكون سلطة الشعب والأحزاب السياسية اكثر من نظيره النظام الرئاسي. وفي الأنظمة البرلمانية تعمل السلطتان التنفيذية والتشريعية في شراكة مع بعضها البعض حيث تمتلك أدوات عدة للتأثير والنفوذ. ومن ميزات هذا النوع من الانظمة السياسية ان صلاحيات رئيس الجمهورية محدودة ويتم استدعاء الوزراء الى المجلس حيث يتم توجيه الاسئلة المختلفة من قبل اعضاء البرلمان ويتم تحديد رئيس السلطة التنفيذية، وعادة ما يكون رئيس مجلس الوزراء بناء على اقتراح من رئيس الدولة واجماع برلماني والميزة الرئيسية لهذا النظام هي المساءلة من قبل البرلمان .
ويتمتع النظام البرلماني بالميزات التالية:
* في النظام البرلماني السلطة التنفيذية لديها ركيزتان أساسيتان وهما انها تصلح لانظمة الحكم الملكية والرئاسية على حد سواء.
* لا يمكن للسلطة التنفيذية في ظل هذا النظام أيضا ان تتدخل في بعض التشريعات من حل البرلمان واجراء انتخابات جديدة.
وفي المقابل فان النظام الرئاسي هو خير مثال على الفصل بين السلطات اي أن السلطة التنفيذية حيث تعمل هاتان السلطتان بشكل مستقل تماما عن البرلمان ففي النظام الرئاسي ان رئيس الجمهورية ينتخب مباشرة من الشعب، ومن اهم الملامح الاساسية للبرمان في ظل النظام الرئاسي هي :
* يتم انتخاب الرئيس مباشرة من قبل النواب ليتم طرحه على الشعب وانتخابه.
* الرئيس هو رئيس الدولة ورئيس الحكومة.
* يتم تحديد أعضاء مجلس الوزراء من قبل الرئيس.
* يحق للرئيس المشاركة في اجتماعات مجلس الوزراء والبرلمان ولا يكون للرئيس اي تاثير على السلطة التشريعية.
ومع هذه الميزات التي يتمتع بها البرلمان في ظل النظام السياسي والبرلماني فان كلا النظامين السياسي والبرلماني يمتلكان عدداً من المزايا والمعايب حيث ان النظام الرئاسي ومقارنة بالنظام البرلماني هو يمثل ضماناً اكبر للعملية السياسية ناهيك عن انه يعتبر اكثر كفاءة من النظام البرلماني في قيادة البلاد. ويجب الاشارة هنا إلى انه في ظل النظام الرئاسي فان الحكومات الاستبدادية والديكتاتورية الفردية تنشط وبشكل ملحوظ في الوقت الذي يكون هناك مزيد من التنسيق بين القوى والسلطات التنفيذية والتشريعية، في ظل النظام البرلماني.
وعلى الرغم من جميع هذه المزايا فلا يخلو النظام البرلماني من بعض المعايب فلا يستطيع ان يضمن النظام البرلماني عملية الاستقرار السياسي في البلاد ناهيك عن امكانية احتمال زيادة انتشار الفوضى في البلاد ذات النظام البرلماني اثر احتمال نشوب الصراعات بين السلطتين التنفيذية والتشريعية داخل البرلمان.
ردود فعل مختلف الفصائل العراقية ردا على تغيير النظام السياسي في البلاد
لاتمتلك مختلف الجماعات الدينية والسياسية في العراق من الشيعة والسنة الى الاكراد رأياً واحداً حول النظام السياسي في البلاد فحتى داخل نطاق الطائفة الشيعية يوجد انقسام واضح حول ماهية النظام السياسي الذي ينبغي ان يحكم البلاد.
فالأكراد، الذين يحملون منصب رئيس الجمهورية في النظام البرلماني الحالي يعترضون وبشدة على تغيير النظام في البلاد فان تحول النظام الى رئاسي في البلاد برايهم سوف يضعف قوة الاكراد وبشكل ملحوظ ولهذا يرفضون النظام الرئاسي الذي يقوم على انتخاب رئيس من قبل الشعب العراقي الذي يشكل الشيعة الغالبية العظمى له والسبب الثاني والرئيسي هو الرغبة لدى الاكراد بالاستقلال في معظم المناطق فهم يدركون وبشكل جيد ان النظام الرئاسي يشجع المركزية في العراق وان استقلال كردستان سيصبح عقبة رئيسية وبالتالي فإن الأكراد العراقيين عارضوا فكرة هذا النظام من اصله.
وبالمقابل فقد اعلنت ايضا الجماعات السنية لأسباب قالت انها الخوف من التهميش وفقدان نصيبهم من السلطة معارضتهم لتغيير النظام البرلماني في حالة عدم وجود توافق في الآراء بشأن الديمقراطية في العراق.
وعلى خلاف باقي الجماعات السنية والكردية لاتوجد بين الجماعات الشيعية العراقية وجهة نظر واحدة حول النظام السياسي الذي ينبغي ان يحكم العراق فبعض الشخصيات البارزة الشيعية في العراق ترى انه وفي خضم هذا الانقسام الواضح في البرلمان العراقي والذي برايهم ادى الى تفاقم الوضع الامني العراقي سوءا فانه من الافضل ان يتحول النظام في العراق الى نظام رئاسي وفي هذا الصدد، اكد “إبراهيم الجعفري” ان السنوات الأخيرة الماضية قد برهن البرلمان العراقي انه ليس لديه تجربة كافية لكي يتمكن من حكم البلاد كما اكد نوري المالكي والذي يعتبر أحد رؤساء ائتلاف القانون وحزب الدعوة العراقي ان تغيير النظام السياسي الحالي في العراق الى نظام رئاسي هو امر ملح وللغاية من اجل ضمان الاستقرار الامني والسياسي في العراق بينما عارض زعيم التيار الصدري “السيد مقتدى الصدر” اي دعوة لتغيير النظام السياسي في البلاد مؤكدا أن الغرض الوحيد من هذا العرض هو ان يصبح شخص واحد يقود العراق وشعبه.
يذكر ان الخلافات بين الكتل النيابية الرئيسية في البرلمان العراقي والتي نشأت على خلفية مناقشة التعديلات التي قدمها رئيس الوزراء حيدر العبادي على تشكيل الحكومة قد استمرت طويلا حيث اعلن بيان صادر عن مكتب رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري إلغاء جلسة لمناقشة الإصلاحات والتعديل الحكومي الجديد لحين ورود إشعار من القوات الأمنية والاستخباراتية بصلاحية مقر مجلس النواب أمنياً حفاظاً على سلامة النواب والموظفين .
المصدر / الوقت