التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

الرقة السورية تطوي صفحة داعش 

كيلومترات قليلة تفصل الجيش السوري وحلفائه عن معقل داعش في سوريا (الرقة) بعد العملية العسكرية التي يقوم بها والتي تشهد هذه اللحظات وانا اكتب هذا المقال دخول الجيش السوري الى الحدود الادارية لهذه المحافظة وذلك بمساعدة من روسيا التي شنت غارات عنيفة على اراض خاضعة لداعش في مناطق بشرق محافظة حماة المجاورة.

ويتزامن هذا الهجوم مع محاولات القوات العراقية اقتحام المعقل الثاني لداعش في مدينة الفلوجة وياتي هذا الهجوم ايضا بعد التقدم الذي احرزته قوات سوريا الديموقراطية ذات الغالبية الكردية المدعومة من امريكا والتي اصبحت على بعد 4 كيلومترات من مدينة منبج في محافظة حلب الحدودية مع تركيا والتي تسيطر عليها داعش.

وكل الاخبار الواردة من معركة تحرير الرقة تفيد إن الجيش السوري يحقق مكاسب على الأرض ويلحق خسائر فادحة بارهابيي داعش والتي كان اخرها مقتل 70 منهم على محور اثريا – شيخ هلال.

واصبح الجيش على مسافة قصيرة من مدينة الطبقة الخاضعة لسيطرة داعش منذ عام 2014، والتي تقع على بعد 50 كلم شرق مدينة الرقة، ويعني وصول الجيش السوري إلى طريق الرقة- حلب وبحيرة الفرات أن داعش صارت محاصرة في حلب، وتحوي الطبقة مطاراً عسكرياً ومنشآت حيوية، كما أن موقعها الجغرافي يتيح للجهة التي تسيطر عليها التحكم بطرق الإمدادات بين الرقة وحلب ومناطق الشمال السوري بأجمعها.

إن تقدم الجيش يعني أنه يبعد الآن نحو 40 كيلومترا عن المنطقة التي يقاتل فيها الاكراد المدعومين من امريكا معاقل داعش المتواجدة في شمال حلب لعزلها عن الاراضي الخاضعة لهم شرقي نهر الفرات بالقرب من مركز الرقة السورية.

وفي حال تمكن الجيش السوري وحلفائه من الوصول للمنطقة التي يقاتل فيها الاكراد ضد داعش فهذا سيؤدي الى تطويق داعش ومحاصرته ومن غير المعلوم ان كان سيتفق الطرفان اي الجيش السوري المدعوم روسياً مع المعارضة ذات الغالبية الكردية المدعومة امريكياً على القضاء على داعش نهائيا .

وكما قلنا فإن تقدم الجيش السوري يترافق مع تقدم للقوات الكردية في المناطق الخاضعة لداعش في محافظة حلب حيث اصبحوا على بعد 4 كيلومترات فقط من مدينة منبج بعد أن قاموا بقطع خطوط الامداد عن داعش التي تربطه بالرقة ومحاصرته في داخل مدينة منبج.

لكن الحديث اليوم هو ما الهدف من فتح معركة الرقة ولماذا توجه الجيش السوري بمساعدة الروس الى الرقة في هذا التوقيت بالذات خاصة ان الامريكي كان السبّاق بفتح هذه الجبهة من خلال إلقاء المناشير على المدينة ودعوة السكان الى مغادرتها إنذاراً منه بقرب المعركة ضد داعش وهذا ما تأكد في الايام اللاحقة؟

والسؤال الثاني لماذا قام الاكراد المدعومون من امريكا وبعد التقدم الواسع لهم في ريف الرقة بتغيير وجهتهم الى معاقل داعش في الشمال الحلبي ونخص بالذكر مدينة منبج؟

والسؤال الثالث لماذا تنشر وسائل الاعلام اخباراً تفيد بان هدف الجيش السوري من هذه العملية هو تحرير الطبقة وبحيرة الاسد وليس الرقة كاملة كما ذكرت صحيفة الأخبار اللبنانية؟

للإجابة على هذه الأسئلة نذكر ما قاله بعض المحللين السياسيين والعسكريين في هذا الموضوع:

فهناك فريق من المراقبين ذهب الى ان ما يجري هو عملية ترسيم لحدود النفوذ بين القوى المتصارعة في سوريا وعندما نقول تقسيم النفوذ فهو تمهيد لتقسيم الكعكة السورية وهذا ينافي ما تصرح به الحكومة السورية على لسان مسؤوليها وعلى راسهم الرئيس السوري الذي أكد في كل تصريحاته انه لا تقسيم لسوريا وان الجيش السوري هدفه تحرير كل سوريا ولهذا نراه يقاتل في الجنوب وفي الوسط وفي الشمال والشرق وكل مكان من سوريا.

وهذا الفريق يستند الى اتفاق سري بين روسيا وامريكا يشبه سايكس بيكو البريطاني الفرنسي يفضي الى تقاسم المصالح والنفوذ فيما بينهما في سوريا والعراق وما يجري الحديث عنه من ان الهدف من حملة الجيش السوري هو تحرير الطبقة فقط وليس كل الرقة يدخل ضمن ما اعلنه الاكراد قبل فترة عن ان الرقة ستنضم للاقليم الفيدرالي الكردي وهذا يعني ان حدود الدولة السورية المدعومة روسياً عند الطبقة فقط .

وهناك مراقبون ذهبوا الى ان تقسيم سوريا لا يصب بمصلحة احد لا الروسي ولا الامريكي الشيء الذي صرح به الطرفان مراراً وتكراراً على انه لا تقسيم لسوريا ويقول هذا الفريق بان الاكراد غيروا وجهتهم لان المعلومات تؤكد ان قيادة داعش ليست في الرقة كما يتم الترويج له بل في جرابلس ومنبج الحدوديتين مع تركيا والهدف اليوم عند الاكراد هو السيطرة على هاتين المدينتين لقطع الامدادات عن داعش والتي تصلها عبر الحدود التركية هذا من جهة ومن جهة ثانية العمل على ربط عفرين بجرابلس بكوباني وصولا الى الحسكة وبالتالي تصبح الحدود كاملة مغلقة بوجه المسلحين وماعملية الجيش السوري من الجنوب الا لمحاصرة داعش بعد ان رضخ الامريكي للقرار السوري وعلم ان الافضل له اليوم التعامل مع الحكومة السورية بالتنسيق مع الروس وصولا الى حل سياسي بدل الانجرار وراء السياسة التركية والسعودية التي اثبتت فشلها.

اما الفريق الثالث فينظر الى ان الجيش السوري وبعد تحرير تدمر من داعش الارهابية بمساعدة روسيا توجه الى الرقة السورية معقل داعش علّه يصل اليها قبل الاكراد المدعومين من امريكا التي تحاول ترسيخ موضوع تقسيم سوريا بدعمها لهم بحجة القضاء على داعش, خاصة بعد الاتفاق الروسي الامريكي على الهدنة في سوريا والتي ينظر الروس الى ان الطرف الامريكي يمارس سياسة الوجهين فيها فمن ناحية هو لا يضغط على المسلحين في حلب للتوقف عن قصف مواقع الجيش السوري بل على العكس يدعمها في الخفاء ليبقى الجيش منشغلا في جبهة حلب بينما من الناحية الاخرى يساعد الاكراد في التوسع بالشمال لتحقيق حلم التقسيم، الامر الذي ازعج الروس الذين وضعوا كل طاقاتهم العسكرية في خدمة الجيش السوري للسيطرة على الرقة فيما الجانب الايراني المتواجد في حلب يعمل على مساعدة الجيش السوري هناك بمواجهة المسلحين وربما تكون هناك معركة قريبة لتحرير حلب يتم الاعداد لها.

الايام القادمة ستكشف النقاب عن كثير من الامور المبهمة وكما يقول المثل (يا خبر اليوم بفلوس بكرا بيبقي ببلاش).
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق