التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

وقفات على خطاب الملك سلمان في أول شهر رمضان المبارك 

وجه الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز في غُرة شهر رمضان المبارك، شهر الرحمة والمغفرة، خطابًا لشعبه بمناسبة حلول هذا الشهر الكريم، ورغم أن الخطاب حوى نظريًا على مضامين عالية إلا أنه عمليًا لم يكن سوى مجموعة من المغالطات قدمها الملك السعودي على طبق الدين والشريعة مزينة بأجمل العبارت وألطف التعابير التي كانت بعيدة كل البعد عن أرض الواقع.

قال الملك السعودي في رسالته أن “المملكة العربية السعودية –منذ تأسيسها- قد جعلت وحدة الأمة الإسلامية والسعي في لم الشمل العربي والإسلامي هدفها الذي تسعى إليه دائمًا”، ليس واضحًا عما يتحدث الملك السعودي، وأي سعي للم الشمل يقصد، هل دك اليمن بالقنابل والصواريخ أصبح لمٌ للشمل العربي!، أم قطع الروابط السياسية مع إيران صار حفظًا للوحدة الإسلامية!؟، وماذا عن سوريا التي قطعت الرياض علاقاتها معها منذ سنواتٍ طويلة فهل هذا أيضًا من باب الوحدة!.

وتابع الملك سلمان “نفرح لفرح إخواننا المسلمين، ونحزن لحزنهم، نواسيهم في ما أَلَمَّ بهم”، ولكن لماذا لا تتعاطف السعودية مع الشعب السوري الذي يعاني الإرهاب!؟ ولماذا لا تدين الرياض التفجيرات الإرهابية التي تعصف بالشعب السوري المسلم!؟ ولماذا حرّم المفتي السعودي عام 2014 التظاهر لدعم غزة!؟ وهل فعلا تحزن السعودية للأطفال والأبرياء الذين تقتلهم غارات الطيران السعودي الذي لم يدخل على اليمن إلا الرعب وسفك الدماء!؟.

واعتبر ملك السعودية أنهم يساهمون في “إصلاح ما تصدع من جدار الأمة وكيانها العزيز علينا بوقوفنا معهم في الشدة والرخاء”، فهل فعلا وقفت السعودية مع الشعب السوري والشعب العراقي في مواجهة الإرهاب !؟، وهل وقفت فعلا مع الشعب البحريني عندما أرسلت مدرعاتها لإخماد ثورته والانتقام من أبنائه!؟، وهل إصلاح مشاكل اليمن السياسية الداخلية يتم بالحرب والقصف لمدة أكثر من عام!؟ هل هذا ماكان يتحدث عنه الملك أو أنه قصد شيئًا آخر!؟.

ولفت الملك سلمان إلى أن “شهر رمضان هو شهر الرحمة”، وهل فعلا تعرف الرياض معنى الرحمة والإسلام الذي وصفه الملك في رسالته بأنه “دين الرحمة والرأفة والمحبة والوسطية، وهو يدعو إلى السلام والعدل ونبذ العنف والتطرف”، إذًاً ماذا تسمي السعودية عدوانها على اليمن المستمر منذ أكثر من عام، والذي لم يتوقف في شهر رمضان ولا في أي شهرٍ آخر حتى أن الأشهر الحرام لم توقف الغارات السعودية على اليمن، وهل فعلا يعتبر الملك سلمان دين الإسلام دين الرأفة والسلام !؟، إذا ماذا عن أطفال اليمن الذي عاشوا أسوأ ظروف الحرب والقهر الذي جلبته السعودية لهم، وتشير منظمة اليونيسيف لحماية ورعاية الطفولة إلى أنه خلال 12 شهرا من العدوان راح أكثر من ألفين طفلا ضحية العدوان السعودي على اليمن، وأكدت اليونيسيف أنه لم يعد هناك أي مكان آمن لأطفال اليمن، فهل هذه هي الرحمة والمحبة التي تحدث عنها الملك السعودي!.

ماذا عن 10 مليون طفل (80% من أطفال اليمن) يمني بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة!؟ وهذه الإحصائية منذ عدة أشهر مضت وليست لوقتنا الراهن، هل الملك سلمان أبدى مواساةً لهم!؟ وهل حزن لحزنهم !؟ وماذا سيسمي ما ارتكبته القوات السعودية في اليمن!؟ هل هذا عنف أم ماذا؟ فقد كشفت إحصائيات الأمم المتحدة والتي تعود إلى أواخر شهر مارس/آذار عن مقتل أكثر من (8.946) من المدنيين، منهم (2.180) من الأطفال بنسبة بلغت 23 بالمائة من إجمالي القتلى، وأكثر من (1.623) امرأة بنسبة 18 بالمائة، فيما أصيب أكثر من (16.000) من المدنيين بجروح، منهم (1.962) طفل بنسبة 10 بالمائة.

وإذا كانت السعودية تلتزم فعلا بشريعة الإسلام الداعي لنبذ العنف فلماذا استهدف الطيران السعودي (596) طريقا وجسرا، و(186) خزان وشبكة مياه، و(135) محطة كهرباء ومولدات، و(190) شبكة اتصالات، و(14) ميناء، و(11) مطار، بالإضافة إلى تدمير أكثر من (330.266) منزل، وتشريد ما يقارب 2.5 مليون نازح ومشرد، وتدمير (645) مسجد، و(625) مركز ومدرسة تعليمية، واستهداف (3.750) مدرسة، و(43) جامعة، و(249) مستشفى ووحدة صحية، و(17)مؤسسة إعلامية، و(570) مخزن أغذية، و(436) ناقلة مواد غذائية و(376) سوق و(248) محطة وقود سيارات، و(197) ناقلة وقود، و(212) مصنع، و(144) مزرعة دجاج، و(67) موقع أثري، و(142) منشأة سياحية، و(48) ملعب ومنشأة رياضية، و(7) صوامع غذاء، هل هذا هو جزاء الجيران المسلمين!؟ وهل هذه هي طريقة السعودية للتضامن معهم ومواساتهم!؟.

كل هذا ويقول الملك السعودي “شهر رمضان هو شهر الرحمة، وفيه نتذكر أن العالم كُلَّهُ يشتكي من داءٍ الإرهاب بكُلّ أشكاله وصوره، ومهما تنوّعتْ بواعثهُ الخبيثةُ فهو انحرافٌ عن الفطرة السّويّة، لا يُفرّقُ بين الحقّ والباطل، ولا يُراعي الذّمم، ولا يُقدّر الحرمات، فقدْ تجاوز حدود الدّول، وتغلغل في علاقاتها”، فإذا كان سلمان يبغض الإرهاب كلَّ هذا البغض فلماذا يقوم بتسليح الجماعات الإرهابية في سوريا!؟ ولماذا يسمح لمشايخ الوهابية أن تثير النعرات الطائفية وتطلق فتاوى التكفير لسائر الأديان والطوائف!؟ ولماذا حولت الرياض ومشايخ الوهابية إرهابيي سوريا إلى مجاهدين وثوار!!.

ليس واضحًا عن أي لم شملٍ تحدث الملك السعودي، وعن أي رحمةٍ وسلام، وليس واضحًا ماذا قصد بالإرهاب إذا كانت الرياض تصنف الإرهاب كما ترغب هي حتى أنها صنفت المقاومة اللبنانية بالإرهاب وكذلك جماعة الإخوان المسلمين!؟ فمن هم المسلمون الذين تحدث عنهم الملك السعودي عندما أكد سعي المملكة للم شملهم!؟

لم يكن خطاب الملك السعودي كله على هذا النمط فلقد صدق عندما قال أن “أمّتنا أمّة الإسلام حريٌّ بها أنْ تتمثّل ما أرْشدنا إليه نبيّ الأمّة صلى الله عليه وسلّم منْ أنّ المسلم للمسلم كالجسد الواحد إذا اشتكى منْه عضْوٌ تداعى له سائر الجسد بالسّهر والحمى”، وهذا ما يجب على السعودية أن تلتزم به هي أولا، وعليها أن تدرك أن الجسد يحارب كل أعدائه، فإذا أرادت الرياض أن تكون جزءًا من هذا الجسد فعليها أن تتخلى عن صداقة أعداء الأمة الإسلامية وأن تكون سندًا للشعوب الإسلامية والعربية لا عدوًا لهم وصديقًا لخصومهم، وعلى الرياض أن تدرك أن المشاكل داخل الجسد الواحد تحل بالحوار والتفاهم لا بالحروب والقطيعة.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق