فلسطين؛ كلمة الساح هي العليا
إن أرض فلسطين والشعب الفلسطيني عانى طوال سنوات من مظلومية تحمّلها نيابة عن كل الشعوب العربية، فأرض فلسطين فيها مهد أديان الغالبية من شعوب العالم من مسلمين ومسيحيين ببنائها ومقدساتها ومعالمها التاريخية، وفي الآونة الأخيرة شهد العالم حركة مستجدة حول فلسطين والقضية الفلسطينية، فزاد الحديث عن تسويات هنا وتنازلات هناك ومؤتمرات وما إلى ذلك، وباتت القضية سلعة يتاجر بها الجميع لتحقيق مآرب ومصالح سياسية أو تجارية أو غيرها. فما الذي يحاك للفلسطينيين؟ وأين الفلسطينيون من ذلك؟ ولمن تكون الكلمة الأخيرة وأين؟
دول وشخصيات عربية تهادن وتداهن الإحتلال
في الآونة الأخيرة برزت مواقف غير مألوفة على الساحة العربية عامة، والخليجية خاصة، فبتنا نرى أعداداً لا يستهان بها من الدول العربية التي تسعى لتطبيع علاقاتها مع الكيان الإسرائيلي أو بأقل تقدير السعي نحو فتح معبر لبدء علاقات علنية أو إيجاد مبررات لهذه العلاقات مع الكيان، ورأينا مقابلات عديدة على هوامش مؤتمرات ومقابلات صحفية وتلفزيونية وحتى لقاءات دبلوماسية وغيرها الكثير من التنازلات امام الكيان، في الوقت الذي يعاني فيه الشعب الفلسطيني من اضطهاد لا مثيل له في العالم من تقتيل وتهجير وسلب للأراضي وتدنيس للمقدسات وغيرها الكثير، بيت القصيد مما أعرض ان هذه الدول لم تعر معاناة الفلسطينيين أهمية ولم تكلف نفسها عناء إدانة هذه الأعمال او بالأقل الدعوة لإجتماع لما يسمى بجامعة الدول العربية، وذلك لتحقيق مآرب خاصة لها بسبب مشاكل إقليمية وسياسية تعاني منها هذه الدول. فأين الفلسطينيون من ذلك؟
الفرنسيون يعملون على مؤتمر الفخ لتوريط الفلسطينيين ببنوده
في الإطار نفسه شهدنا أيضاً استجداد فكرة جديدة طرحت على الساحة الدولية وتداول الحديث حولها وهي سعي فرنسا للدعوة إلى مؤتمر دولي يطرح فكرة السلام مع الكيان الإسرائيلي، وينهي حسب طموحاتهم القضية الفلسطينية وكل ما يدور في فلكها من مقاومة وعداوة عربية-إسرائيلية، إلا أن حبائل المؤامرة كشفت ما كان يحكيه الفرنسيون والإسرائيليون خلف الكواليس من مطبات وشروط تريد الإيقاع بالفلسطينيين والمقاومة الفلسطينية على وجه الخصوص دون ان تضمن لهم ادنى الشروط المستحقة لهم في أرضهم المسلوبة، ورغم القيل والقال الكثيرة إلا ان فكرة المؤتمر لم ترتق إلى النضوج بسبب الوعي الفلسطيني التي قطعت الطريق على هكذا مؤتمر، لذا تأجلت فكرة هذا المؤتمر إلى أجل غير مسمى. ولا تزال الكلمة للفلسطينيين..
الكيان الإسرائيلي مستعد لقبول المبادرة العربية للسلام دون شروط!
لأجل اكتمال المشهد وفي إطار إحكام الحبكة التي تحاك من غير جهة ودولة لإفتراس فلسطين سمعنا بالأمس وزير الخارجية الروسي “لافروف” يعلن وبشكل مفاجئ عن استعداد الكيان الإسرائيلي قبول المبادرة العربية للسلام دون شروط او تعديل! وأتى هذا التصريح بعد تقارب مستجد بين الروس والإسرائيليين كانت آخر أشكاله الزيارات المتكررة مؤخراً التي قام بها “نتنياهو” لروسيا وإجتماعاته المطولة مع الرئيس الروسي “بوتين” والتي لم يعرف ما يحاك من ورائها رغم الكثير من التحليلات التي تحدثت عن تنازلات روسية في فلسطين وسوريا ولبنان لحساب الحرب الروسية في سوريا وفرض موازين جديدة هناك. فأين الفلسطينيون من هذه المسألة أيضاً؟
للشعب الفلسطيني كلمة ألقاها في الساح ولا يزال
جاء الرد الفلسطيني على كل ما سبق وغيره باستمرار إنتفاضة السكين التي تشهدها فلسطين والتي تعتبر خير دليل على رفض الفلسطينيين كل ما يحاول العالم من حولهم أشقاء وغرباء حياكته ضدهم، وعلى وعيهم الكبير والبصيرة البعيدة التي يتمتع بها هذا الشعب، فرغم سقوط المئات من الشهداء ورغم هدوء الحركات المقاومة بسبب الضغوط التي تمارس عليهم أبى الفلسطينيون أن يركعوا ويسكتوا لما يدور حولهم فأشعلوا انتفاضة السكين أطفالاً ونساءاً وشباناً، وبالأمس كانت آخر أشكال هذه المقاومة بعملية كبيرة أسقطت عدداً كبيراً من الإسرائيليين في عقر دارهم وبالقرب من مراكز إسرائيلية حساسة واستراتيجية وأوصلت رسالة للقاصي والداني بأنه مهما تآمر العالم عليهم فالكلمة لهم، حتى لو توقف العالم كله عن دعم قضيتهم فسيتابعون النضال ولو بالحجر والسكّين، وأن كل التنازلات التي يقدمها الشقيق والمتآمر لن يقبل بها هذا الشعب وتبقى الكلمة الأولى والأخيرة لهم هم الفلسطينيون الذين لم ولن يقبلوا بالتنازل عن شبر من أرضهم ومقدساتهم لأيٍ كان، فالنضال قائم والرد قادم والكلمة العليا للساح بالحجر والسكين.
محمد حسن قاسم