التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

درك أردني في البحرين….فلماذا تُتّهم إيران!؟ 

منذ بدء الثورة البحرينية رفعت السعودية والسلطات البحرينية راية “التدخل الإيراني”، فلا يكاد خطابٌ للخارجية السعودية يخلو من إدانة “طهران” بحجة التدخل في المنطقة والبحرين على وجه الخصوص، واستطاعت السعودية بأساليب مختلفة تأجيج رأي المنظمات الإسلامية والعربية لتوجیه الاتهامات الی ایران.

لا حاجة لإثبات عدم التدخل الإيراني في البحرين، فلو كانت السعودية تملك دليلا على ما تدّعيه لأخرجته إلى الإعلام، ولدعّمت تصريحاتها الشفوية وبياناتها الورقية بالأدلة الكافية والبراهين القاطعة، والعجيب أن الرياض تتجاهل تدخلات وانتهاكات مؤكدة وموثقة وتتجه نحو “اتهامات” لا دليل عليها ولا شواهد، ولا نقصد بالتدخلات والانتهاكات دخول القوات السعودية إلى الأراضي البحرينية للمشاركة في قمع الثورة، فهذا انتهاك واضح لسيادة وحرية الشعب البحريني ولا يحتاج إلى أي تعليق، كما أن هناك الكثير لنتحدث عنه غير التدخل السعودي.

في أواسط عام 2014 قامت وزيرة شؤون الإعلام البحرينية “سميرة رجب” بزيارة للإردن، وأجرت “رجب” محاضرة في المعهد الإعلامي الأردني، وخلال المحاضرة قدمت تصريحاً لوكالة عمون الإخبارية الأردنية أكدت فيه “رجب” وجود “قوات للدرك الأردني في الأراضي البحرينية”، الوزيرة لم تدرك أن الموضوع لم يكن مطروحاً أمام الإعلام، ولم تعي أنها أفسدت كل تصريحات الحكومة الأردنية التي كانت قد نفت مراراً وتكراراً وجود درك أردني في البحرين (في 22 مايو/أيار 2011 نفى وزير الدولة لشؤون الإعلام والناطق باسم الحكومة الأردنية “طاهر العدوان” وجود درك أردني في البحرين، وكذلك في 6 سبتمبر/ أيلول 2011 نفى رئيس لجنة الشئون الخارجية في مجلس النواب الأردني محمد الحلايقة الأمر).

الوزيرة البحرينية كشفت المستور دون علمها ولكنها نالت جزاءها من السلطات البحرينية إذ تم عزلها من منصبها في نفس العام الذي زارت فيه الأردن، ورغم أن عزلها كان خارج إضاءات الإعلام إلا أنه كان واضحاً أن خروج “رجب” من الوزارة أمر غير طبيعي إذ أنه كان قد مضى على تسلمها منصبها أقل من عامين، وبهذا أصبحت “رجب” صاحبة أقصر فترة لوزير في تاريخ البحرين الحديث!

بعد تصريحات الوزيرة ارتبكت الأردن والسلطات البحرينية و اصرتا إلى الاعتراف بالتعاون الأمني والعسكري بين الجانبين، واعتبرتا أن التعاون قديم وخاضع لاتفاقيات تعاون مشتركة يلتزم بها الجانبان منذ سنواتٍ طويلة، ولكن لم يتم توضيح لماذا تم التكتم على هذا التعاون إذا كان قانونياً ومشروعاً وكان الهدف منه فعلا هو التدريب كما ادعت وزارة الداخلية البحرينية!

في عام 2011 أجرت صحيفة “الاندبندنت” مقابلة مع فتاة بحرينية كانت معتقلة بسبب إلقائها قصيدة لم تعجب السلطات البحرينية، وخلال المقابلة ذكرت الفتاة البالغة من العمر 20 عاماً أنها تعرضت للتعذيب على يد سجانين أردنيين، ذاك الوقت لم يعر أحد أهمية للموضوع بسبب انعدام رؤية واضحة لتفاصيله، ولكن بعد سنوات انكشف الموضوع وبدأت التسريبات تتحدث عن تفاصيل وجزئيات تواجد الدرك الأردني في البحرين، وتحدثت مصادر أردنية عن أن عدد الدرك المتواجدين في البحرين يبلغ عدة آلاف، وأنهم يرتدون زياً سعودياً، كما كشفت المصادر نفسها عن أن البحرين تدفع 3 آلاف دينار مقابل كل دركي.

في عام 2015 وجهت منظمة العدالة الكندية لحقوق الإنسان الضربة القاضية للسلطات البحرينية والأردنية، فقد كشفت بالصور عن دور الدرك الأردني في قمع الشعب البحريني، ونشرت الصور في إحدى الساحات في العاصمة الكندية وذلك بالتزامن مع زيارة الملك الأردني “عبد الله الثاني” إلى كندا، وبهذا يمكن القول أنه تم تدوين السطر الأخير في ملف إدانة الحكومة الأردنية والسلطات البحرينية، وأصبحت قضية الدرك الأردني مثبتة بالصور، كما تم إثبات دور الدرك في قمع البحرينيين.

وعن سبب اختصاص الدرك الأردني بهذه المهمة، فالأمر يعود إلى التقنيات الخاصة التي يتعلمها الضباط الأردنيين من نظرائهم الإسرائيليين، فلا يخفى أن التعاون الأمني بين الكيان الإسرائيلي والأردن حسب تعبير نائب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي يائير جولان “وثيق”، والعلاقات الأمنية بين الجانبين تتزايد بشكل مستمر كما تؤكد الصحف الإسرائيلية بين الفينة والأخرى.

يتضح من هذا أن السعودية تغض الطرف بشكل كامل عن التدخلات الأردنية في البحرين، وهي تتستر على الانتهاكات التي يرتكبها الدرك الأردني بحق الشعب البحريني، ويمكن أن نقول أن السعودية هي أول من تدخلت في البحرين فاتحةً باب التدخل أمام دول صديقة لها كالأردن وغيرها، ومن يتساءل عن سبب عدم إدانة المنظمات الإنسانية للسعودية والأردن عليه أن يبحث عن كيفية تراجع الأمم المتحدة عن إدراج الجيش السعودي في القائمة السوداء نتيجة المجازر التي ارتكبها في اليمن.

في النهاية يمكن القول أن الاتهامات التي توجهها السعودية إلى طهران ليست إلا محاولةً لتبرير سياسات القمع التي تحاول الرياض فرضها في المنطقة، فأي تحولٍ لا يعجب السعودية تتهمه بالتعاون مع إيران وتفرغ كل كيدها عليه، ولو كانت السعودية تملك أي دليل على ادعاءات تدخل إيران في أي دولة من دول المنطقة لما أخفته إلى يومنا هذا.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق