التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

التأثيرات الإستراتيجية لعمليات تحرير الفلوجة على الأوضاع الأمنية والسياسية في العراق 

بعد تصاعد وتيرة الأزمة السياسية في العراق والتي أدت إلى تعطيل عمل البرلمان وتعليق جلسات الحكومة، وتأكيد واشنطن على ضرورة البدء بعمليات تحرير محافظة الموصل شمال البلاد قبل الشروع بعمليات تحرير مدينة الفلوجة القريبة من العاصمة “60 كلم غرب بغداد” من العصابات الإرهابية لاسيّما تنظيم “داعش”، أصرت الحكومة العراقية برئاسة “حيدر العبادي” على تقديم عمليات الفلوجة، بإعتبارها ستمهد الأرضية لإستعادة السيطرة على الأوضاع الأمنية والسياسية المضطربة في البلاد، الأمر الذي رضخت له أمريكا في نهاية المطاف.

ورغم مرور أكثر من أسبوعين على إنطلاق عمليات الفلوجة لازالت المعارك مستمرة لتحرير المدينة بالكامل بعد أن تمّ تطهير الكثير من مناطقها خلال المرحلة الأولى من هذه العمليات خصوصاً الأحياء المحيطة بالمدينة والطرق المؤدية إليها. ويبدو أن الأيام القادمة ستكون حاسمة لتقرير مصير هذه المدينة المهمة والحيوية من الناحيتين العسكرية والإقتصادية.

ويعتقد المراقبون والخبراء العسكريين بأن تحرير الفلوجة من الجماعات الإرهابية سيلعب دوراً كبيراً في إلحاق الهزيمة الساحقة بتنظيم “داعش” ويعبد الطريق لتحرير المناطق الأخرى التي لا زالت تحت سيطرته خصوصاً الموصل.

من هنا يمكن القول بأن عمليات تحرير الفلوجة تحظى بأهمية خاصة لعدّة أسباب عسكرية وسياسية وأمنية وإقتصادية منها:

تقوية الروح المعنوية لدى الجيش العراقي الذي أصيب بإنتكاسة نتيجة إحتلال تنظيم “داعش” لمناطق واسعة من البلاد بينها الموصل والرمادي وصلاح الدين قبل نحو سنتين.
إعادة الثقة للحكومة العراقية للإضطلاع بدورها في معالجة الأزمات التي تواجهها البلاد في مختلف المجالات السياسية والأمنية والإقتصادية.
أكدت عمليات تحرير الفلوجة ضرورة إنهاء الأزمة السياسية في البلد ووضع حد للنزاعات الفئوية بين كافة الكيانات والأحزاب الفاعلة والمؤثرة في صناعة القرار السياسي بأسرع وقت ممكن، كما دللت على أهمية مراعاة المصالح العليا للوطن والإبتعاد عن كل ما من شأنه أن يعرض وحدة العراق حكومة وشعباً للخطر.
ساهمت عملية تحرير الفلوجة بتعزيز اللحمة الوطنية بين مختلف شرائح المجتمع العراقي والذي أدى بدوره إلى تضييق الخناق على الجماعات الإرهابية وفلول حزب البعث المنحل والدول الإقليمية الداعمة لهم لاسيّما السعودية وقطر وتركيا. وينبغي التأكيد هنا على ضرورة المحافظة على تماسك النسيج الاجتماعي العراقي لتفويت الفرصة على كل من يحاول التصيد بالماء العكر لإثارة النعرات الطائفية والقومية بين أبناء البلد الواحد.
تعزيز مكانة الحشد الشعبي وبيان أهمية الدور الذي يضطلع به لتحرير المناطق المحتلة من العصابات الإرهابية وتهيئة الأرضية لإعادة الأمن والإستقرار في كافة أنحاء البلد.
رغم معارضة أمريكا وبعض الأطراف السنيّة لمشاركة الحشد الشعبي في عليات تحرير الفلوجة إلاّ إنّ ذلك لم يمنع الحشد من أداء دوره المصيري في هذه العمليات وذلك من خلال إسناد القوات الأمنية وقوات الجيش والشرطة الإتحادية، وقطع طرق الإمداد عن “داعش” وباقي الجماعات الإرهابيية، وإحكام السيطرة على محيط وأطراف المدينة لمنع الإرهابيين من الهروب إلى خارجها، بالإضافة إلى الدور الإنساني المهم الذي تقوم به قوات الحشد من خلال تقديم الدعم للنازحين من الفلوجة وبينهم الكثير من الأطفال والنساء وكبار السن ونقلهم إلى مناطق آمنة بعيدة عن ساحات القتال.
من النتائج الأخرى التي أفرزتها عمليات تحرير الفلوجة إنحسار وضعف دور الجماعات السياسية غير القانونية والمخالفة لحكومة العبادي، خصوصاً وأن العبادي هو أيضاً القائد العام للقوات المسلحة ويتواجد بشكل مستمر في ساحات القتال للإطلاع عن كثب على تطورات المعركة.
إفتضاح أمر الأطراف الداعمة للجماعات الإرهابية ومن بينها ما يسمى “هيئة علماء المسلمين” وطارق الهاشمي المحكوم بالإعدام والمطلوب من قبل القضاء العراقي والسفير السعودي في بغداد “ثامر السبهان” الذين سعوا إلى تشويه سمعة الحشد الشعبي وإتهامه بتهم باطلة تصب في مصلحة “داعش”.
دللت عمليات تحرير الفلوجة على قدرة الحكومة العراقية في إتخاذ القرارات المصيرية والمهمة في اللحظات الحاسمة رغم معارضة أمريكا ومحاولاتها المستمرة لعرقلة هذه القرارات، خصوصاً فيما يتعلق بمشاركة الحشد الشعبي في هذه العمليات.
من الأمور الجديرة بالإهتمام في عمليات الفلوجة مشاركة أبناء العشائر السنيّة إلى جانب القوات المسلحة العراقية والحشد الشعبي. وهذا الأمر يمثل في الحقيقة إنجازاً مهماً وكبيراً لأنه يعبر في الواقع عن وحدة الشعب العراقي بكافة أطيافه رغم محاولات بعض الأطراف الداخلية والإقليمية والدولية إلى بث الفرقة بين العراقيين والعزف على وتر الطائفية لتمزيق وحدة هذا الشعب.
تجدر الإشارة كذلك إلى أن الفلوجة تكتسب أهمية أخرى كونها تقع على الطريق الرئيسي الواصل بين العراق والأردن. وهو طريق إستراتيجي ومهم من الناحيتين العسكرية والإقتصادية. كما تمثل المدينة نقطة إلتقاء بين بغداد ومدن عراقية كبيرة أخرى بينها الرمادي مركز محافظة الأنبار، وتتفرع منها أيضاً طرق مواصلات بإتجاه محافظات صلاح الدين والموصل شمالاً، ومحافظات الفرات الأوسط كبابل والنجف الأشرف وكربلاء المقدسة جنوباً. وبالتالي فإن تحرير هذه المدينة سيحقّق الأمن لبغداد والمحافظات القريبة منها ويجعلها مستقرّة.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق