المرجعية العليا تحث المقاتلين على الالتزام بأعلى درجات الانضباط ورعاية المدنيين
كربلاء المقدسة – محلي – الرأي –
حثت المرجعية الدينية العليا المقاتلين على الالتزام بأعلى درجات الانضباط والاهتمام بالمدنيين .
وقال ممثل المرجعية العليا في كربلاء المقدسة الشيخ عبد المهدي الكربلائي خلال خطبة صلاة الجمعة التي اقيمت في الصحن الحسيني المقدس في هذا الاسبوع التقى سماحة المرجع الاعلى السيد علي السيستاني {دام ظله} بنخبة من اطباء النجف الاشرف واوصاهم بأمور منها توفير الخدمة الجيدة لجميع المراجعين بنفس المستوى من دون تفريق بين الغني والفقير والقوي والضعيف وهذه الوصية وان كانت موجهة الى فئة الاطباء لأن جمعاً منهم كانوا قد حضروا اللقاء ولكنها وصية لكل الذين يتعاملون مع المواطنين ويقدمون لهم الخدمة في أي مجال كان ولاسيما من فئة الموظفين الحكوميين”.
واضاف إن” المرجع الأعلى أوصى الأطباء بالخدمة الجيدة منها العناية بالمريض وذلك بالاهتمام بدقة التشخيص الطبي وبذل ما بوسع الطبيب من اعمال ذهنه وتفكيره المهني الطبي محاولا الوصول إلى التشخيص الأقرب إلى الواقع مع تخصيص الوقت الكافي لذلك واستشارة الآخرين من اهل الخبرة والحذاقة الطبية ، كما لابد من التعاطف مع المريض باشعاره بالرحمة لحاله وانه يهمه شفاؤه ومعافاته ويعامله كأنه احد افراد عائلته اذا مرض مع استعمال العبارات والكلمات الطيبة التي تبعث في نفسه الامل بالشفاء”.
وتابع الشيخ الكربلائي” كما اوصى ان لا يكون همه ان يحقق ارباحاً مالية بأكبر قدر ممكن بالتجارة بصحة المريض سواء كان من خلال رفع كلفة المعاينة الطبية او التحاليل او الفحص الشعاعي آو احور العمليات الجراحية ، بل يجعل غايته العمل على شفاء اكبر قدر ممكن من المرضى وانقاذ حياتهم ليكتب له بذلك عمل صالح عند الله تعالى الذي هو خير ثواباً وخير املا “.
واشار الى” سماحته اوصى بعدم التفريق بين المراجعين {أي بين الغني والفقير} “,موضحا ان” تكون عناية الطبيب المهنية والاخلاقية مع المرضى من دون تفرقة بينهم بسبب فقر بعضهم او علو المنزلة الاجتماعية لبعضهم الآخر بل يشعر الجميع انهم متساوون في ذلك ، لان كل فرد منهم هو انسان يعاني بسبب مرضه نفس المعاناة لا يختلفون في ذلك بسبب مال او جاه او منصب وحياتهم مطلوب انقاذها وآلامهم مرجوٌ تخفيفها للجميع دون فرق , فلا يعتني الطبيب بالغني اكثر لأنه يرجو منه النفع المالي ولا صاحب الوجاهة والقوة والسلطة لأنه يأمل منه ان ينفعه في امور الدنيا اكثر من غيره”.
واوضح ” ثم ان هذه الوصية من سماحته غير مقتصرة على الاطباء وان كانت موجهة لهم لانهم الذين حضروا اللقاء ولكنها عامة لجميع المكلفين بالخدمة العامة خصوصا الموظفين الحكوميين ، فالمأمول منهم قضاء حوائج المواطنين وانجاز معاملاتهم بأسرع ما يمكن وعدم تأخيرهم خصوصاً عوائل الشهداء واليتامى والأرامل والمستضعفين ، ولا يفرقوا بين مواطن فقير وآخر غني او صاحب جاه وسلطة واخر إنسان ضعيف لا يملك لنفسه ناصراً الا الله تعالى ، وتتأكد الوصية للموظفين المكلفين بالخدمات الأساسية كخدمات الماء والكهرباء والصحة والتعليم وغيرها ومنها ان من يمارس التعليم عليه ان يعلم ان لسلوكه ومنطقه ابلغ الاثر في طلابه ولا يتصور انه مجرد استاذ في مادة الطب، فعليه ان يراعي الجوانب الدينية والاخلاقية في اقواله وتصرفاته، ومن ذلك التواضع لمن يعلمهم من الطلاب وعدم التعالي عليهم {وهذه الوصية لا تختص ايضاً بالأطباء الذين يمارسون التعليم في الجامعات بل هي عامة لجميع المعلمين والتدريسيين}”.
واشار الى ان” المأمول من الاخوة الاساتذة في مجال الطب او غيره من العلوم ان يعلموا ان مهمتهم لا تقتصر على التعليم المهني في مجال اختصاصهم بل مهمة الاساتذة هي التعليم والتربية على مبادئ الاخلاق والمواطنة الصالحة معاً فلا ثمرة للتعليم بدون الاخلاق وتربية النفس على هذه القيم “.
وأكد الشيخ الكربلائي ان ” الاستاذ الاكثر تأثيراً في طلبته هو الذي يبدأ بنفسه فيربيها ويؤدبها على محاسن الاخلاق ومحامد الصفات ويترجمها الى سلوك فعلي امام طلبته ومن ذلك حسن التعامل مع الطلبة بالتواضع لهم وعدم الاستكبار عليهم باشعارهم بأنه افضل وارفع منهم علماً وشأنا، وسعة الصدر والتحمل لهفواتهم وسلوكهم الخاطئ وذلك بارشادهم بالحسنى والحكمة والموعظة الحسنة الى السلوك الصحيح وتنبيههم الى ضرورة الاهتمام باخلاقهم وسلوكياتهم كاهتمامهم بالحصول على الدرجات المتقدمة في دروسهم “.
واستطرد بالقول ” وعليه ان يحترم جميع الطلبة ولا يسخر او يستهزئ بمن لا يمتلك الذكاء آو المهارة في العلم بل يحاول أن يعلمه على كيفية تطوير قابلياته العلمية وفهمه للدرس، وان يوضح للطلبة إن النجاح في الدراسة الجامعية والمدرسية مهم لكنه جزء من النجاح الاكبر المطلوب في الحياة إلا وهو بناء العلاقة الصحيحة مع الله تعالى ومع بقية إفراد المجتمع ومن ذلك شعوره بالمسؤولية بعد تخرجه وقدرته على النجاح فيها وبناء الأسرة الصالحة وحسن العشرة مع إفراد مجتمعه”.
ومضى قائلا ان” الوصية بالمحافظة على وحدة العراق ولا يكون ذلك إلا بالمحافظة على وحدة العراقيين، ولتحقيق ذلك لابد ان يهتم بأمرين في هذه الظروف الحرجة ، الاول هو رعاية النازحين والمهجرين من دون تمييز بينهم من أي دين او مذهب او مكون كانوا } وذلك من خلال عناية الجهات المختصة والمواطنين والجمعيات الانسانية ومؤسسات المجتمع المدني ببذل كل ما يمكن من جهود لتوفير المأوى المناسب للنازحين وتقديم ما يحتاجونه من طعام وشراب ودواء مع معاملتهم بالحسنى والتعاطف معهم والرحمة بهم “.
وشدد الشيخ الكربلائي على ان ” تكون هذه العناية بصورة متساوية لجميع العراقيين النازحين والمهجرين مع قطع النظر عن انتمائهم الديني او المذهبي او القومي وذلك لأنهم بأجمعهم مواطنون عراقيون لا يستلزم اختلافهم في الانتماء المذكور اختلاف مرتبتهم في حقوق المواطنة والانتماء للعراق ، وهذا النحو من الرعاية والمعاملة سيشعر الاخرين من جميع المكونات العراقية بوحدة الانتماء لبلدهم مما سيترك اثرا ايجابياً في نفوسهم فيشعرون بقوة الاصرة والعلاقة مع بقية مواطني بلدهم وهذا سيفوت الفرصة على عصابات داعش التي تعمل على زرع التفرقة والبغضاء بين مكونات الشعب العراقي من خلال اثارة النزعة الطائفية “.
وبين ” اما الامر الثاني فهو موجه بالدرجة الاساس الى المقاتلين في ساحات القتال من ان يكون قتالهم لتخليص اخوانهم واخواتهم من عصابة داعش التي هي فئة دخيلة على العراقيين فكراً وممارسة ، فان الافكار الظلامية التي تتبناها والممارسات الوحشية التي ترتكبها غريبة على العراقيين تماماً وغير مسبوقة لديهم على مر التاريخ فالمقاتلون بمختلف اصنافهم ومسمياتهم مهمتهم هي تخليص العراق من هذا البلاء العظيم، وعليهم لأداء هذه المهمة على الوجه الصحيح ان يتحلوا بأعلى درجات الانضباط في تصرفاتهم ويراعوا المعايير الإنسانية والإسلامية في تعاملهم مع الجميع في مناطق القتال ولاسيما المدنيين من كبار السن والنساء والأطفال بل ومن يسلم نفسه ويترك القتال”.
واكد ” من الضروري لمقاتلينا الابطال الذين يسطرون ملاحم البطولة والتضحية في صفحات تاريخ العراق الحديث ان يلتفتوا الى ان الغاية من قتالهم هو انقاذ المواطنين في المناطق التي سيطرت عليها عصابات داعش وان ينظروا لهم كاخوة واخوات جاءوا لتخليصهم من هذه الفئة الدخيلة على العراقيين في فكرها الضلالي الذي تتبناه بتكفير الاخرين وتحليل قتلهم والذي ترجمته الى ممارسات وحشية بعيدة عن الاسلام والانسانية حيث لم يشهد تاريخ العراق مثل هذه الوحشية .
واوضح انه” لابد من أمرين وهي التحلي بأعلى درجات الانضباط النفسي في تصرفاتهم واعمالهم القتالية فلا يحملنهم حزن وأسَفٌ على فقد عزيز استشهد في القتال او تألم على جريح او حالة غضب او انفعال على ارتكاب ما يخالف هذه الضوابط من تمثيل بقتيل او اجهاز على جريح او تفجير دار مشتبه في امره او سطو على مال لذوي المقاتلين او استيلاء على اموال لمواطنين ابرياء ومراعاة المعايير الانسانية والاسلامية في تعاملهم مع الجميع كما لابد من الفرز بين المعتدي المقاتل والمواطن الذي لا دخل له في ذلك فانما هدف القتال الحفاظ على الهوية الوطنية والانسانية والحضارية للشعب العراقي الذي ارادت هذه العصابات مسخها وطمسها ، وتتأكد الوصية مع كبار السن والنساء والاطفال.. فما اعظم واجمل ان نرى بعض افراد قواتنا المسلحة ومجاهدينا يحملون رجلا كبيراً على أظهرهم ليوصلوه وعائلته الى مأمنهم ان يطعموا صغيرا او يهدئوا ويطمئنوا امرأة خائفة او يداووا مريضا او يهيئوا مأوى”.
وختم الشيخ الكربلائي قوله ” الله الله في حرمات عامة الناس ممن لم يقاتلونكم لا سيما المستضعفين من الشيوخ والولدان والنساء حتى اذا كانوا من ذوي المقاتلين ، فانه لا تحل حرمات من قاتلوا غيرَ ما كان معهم من اموالهم – وقد كان من سيرة امير المؤمنين عليه السلام انه كان ينهى عن التعرض لبيوت اهل حربه ونسائهم وذراريهم رغم اصرار بعض من كانه معه {خاصة من الخوارج على استباحها} ، الله الله في اموال الناس فانه لا يحل مال امرئ مسلم لغيره الا بطيب نفسه فمن استولى على مال غيره غصبا فانما حاز قطعة من قطع النيران.
الله الله في الحرمات كلها فإياكم والتعرض لها او انتهاك شيء منها بلسان او يد واحذروا اخذ امرئ بذنب غيره”.انتهى