التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

هكذا تُدير تل أبيب حربها الخفية في سوريا: حقائق ودلائل 

إن مشاركة الكيان الإسرائيلي في الحرب في سوريا ليس أمراً جديداً. خصوصاً أن للكيان دورا بارزا في تفعيل الصراعات، وتغيير مساراتها في وجهةٍ قد تصب في مصلحته. فقد كان لتل أبيب دورٌ كبيرٌ في العديد من الصراعات التي شهدتها المنطقة. ومنها العدوان الحالي على اليمن والنزاع حول الصحراء الغربية بين الجزائر والمغرب ومجازر أيلول الأسود في الأردن٬ والحرب الأهليّة في السودان٬ والحرب الأهليّة في لبنان قديماً. أما اليوم، فقد يظن الكثيرون أن الكيان الإسرائيلي بعيدٌ عن النزاع في سوريا، في حين تقول الحقائق أنه من أكثر الأطراف رصداً لما يجري على جبهات القتال السورية. فمن مصلحة تل أبيب الدخول على خط النزاع، لتفكيك سوريا وتقسيمها إلى دويلات وطوائف متعددة٬ لتحقيق أهداف استراتيجية تتمثل بالحد من نفوذ كلٍ من حزب الله وايران بالدرجة الأولى. فما هو دور تل أبيب الخفي في الحرب السورية؟

دعم التنظيمات المتطرفة سعيٌ لإطالة الحرب

منذ اندلاع الحرب السورية، وتعتبر تل أبيب أولويتها تكمن في دعم الإرهاب التكفيري، وهنا يمكن قول التالي:

منذ أكثر من خمس سنوات، شكَّل رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو، قاعدة لوجسيتة تساعد في تدفق الإرهابيين إلى سوريا، ودعمهم بالمال والسلاح وتقديم كل أشكال المساعدة لهم. كما وسمح بإدخال أعداد كبيرة من الجواسيس التي تتعامل مع كافة أجهزة المخابرات في العالم لا سيما الموساد والسي أي أي، الى الأراضي السورية. وساهم في بناء جسورٍ من الدعم البشري، حيث أن معلوماتٍ أشارت الى وجود العديد من المتطوعين والمناصرين الذين يقاتلون أو يرسلون للكيان، التقارير والمعلومات في مختلف المجالات وبالتحديد المجالين العسكري والإستراتيجي. مما يدل على أن القيادة الإسرائيلية، تراقب عن كثب أحداث الميدان.

وهنا يراهن العقل الصهيوني على إمكانية تفعيله للصراعات المذهبية في المنطقة. ومساهمته في تغيير الخريطة الجيوسياسية لها، عبر إقامة دويلات طائفية وإثنية. مما يؤدي الى زيادة شعور أمريكا والغرب بالحاجة لتل أبيب. ففي مقالٍ له تحت عنوان “Israel’s Heavy Hand In Syria’s Civil War”، (اليد الثقيلة لإسرائيل في الحرب الأهلية السورية) كشف الكاتب الأمريكي٬ ريتشارد سيلفيرشتاين٬ الدور الإسرائيلي الخبيث في الأزمة السورية٬ تحقيقاً لأهداف تل أبيب ومصالحها. مؤكداً أن وسائل الإعلام الغربية ومنها العربية، تحاول الترويج لكذبة كبرى، وهي أن الكيان الإسرائيلي يتبنى موقفاً محايداً من الصراع السوري٬ مركزاً على أن للكيان دورٌ كبيرٌ في إستمرار الوضع السوري على ما هو عليه. كما أن تل أبيب استطاعت اختراق التنظيمات المتطرفة في سوريا٬ محاولةً توجيهها. الى جانب تقديمها أسلحة وقذائف عن طريق وسطاء لها أصبحوا موجودين داخل الأراضي السورية، ويتعاونون كصلة وصلٍ بين الطرفين.

تل أبيب: الدور الأخطر

عددٌ من الأمور يجب الإلتفات لها حول الدور الخطير للكيان الإسرائيلي وهي على الشكل التالي:

تلعب تل أبيب الدور الأخطر في الأزمة السورية. وذلك عبر سياسةٍ تتخطى حدودها، وبالتعاون مع دولٍ ساهمت في تأجيج النزاع السوري، كقطر والسعودية. وهنا فإن إطالة أمد الإستنزاف في الحرب السورية، يجعلها المستفيد الأكبر من إستمرار هذا الوضع، لإنهاك النظام السوري كطرفٍ في محور المقاومة، وإضعاف قوته العسكرية. حيث أن الثأر الإسرائيلي من النظام السوري طويل، خصوصاً أنه الطرف العربي الوحيد، الذي رفض الإنصياع لشروط القوة الإسرائيلية الإقليمية المدعومة من أمريكا من أجل دعم السلام مع تل أبيب.

وهنا فإن العديد من التصريحات، كشفت الدور والنوايا الإسرائيلية. حيث دعت في البداية المجتمع الدولي، إلى ضرورة الإعتراف بضم الجولان السوري للكيان. فيما أدت التطورات الميدانية لكشف الدور الإسرائيلي في العلن، من خلال ممارسات الطرف الإسرائيلي وقصفه أهدافاً قرب مطار دمشق الدولي، بالإضافة الى تدخل المدفعية والقوة الجوية الإسرائيلية عدة مرات لحماية الملاذ الآمن للمجموعات المسلحة الإرهابية في سورية.

ولعل الأبرز اليوم، هو حالة الخوف الذي تعيشه القيادة الإسرائيلية، من إمكانية تعافي الأزمة، مما جعلها تسارع الى خلق محيط استراتيجي لها في العمق السوري. وذلك عبر دعم وتوطيد علاقتها مع المجموعات المسلحة٬ لضمان إضعاف محور المقاومة في سورية٬ وإبعاده قدر المستطاع عن هضبة الجولان. خاصةً بعد أن تبيَّن لها أن النظام السوري يستعيد عافيته نتيجة تدخل حزب الله اللبناني ودعم إيران الإستشاري.

وليس بعيداً عن هذا المخطط، تقوم واشنطن باستغلال الدور الإسرائيلي، والوضع الميداني، من أجل دفع الأمور نحو التقسيم. فهي تارةً تمد يد العون للتكفيريين، وتارةً أخرى تحاربهم في مناطق معينة لتغيير جغرافيتها السياسية. الأمر الذي يساهم في ضرب وحدة الأراضي السورية، ويُلغي دور سوريا كقوةٍ إقليمية في وجه الكيان الإسرائيلي. وهو ما يُبرِّر سبب اعتبار أصواتٍ عديدة، فيما يُسمى المعارضة السورية، الكيان الإسرائيلي حليفاً لهم.

كل ذلك، وتماشياً مع المصلحة الإسرائيلية، سعت واشنطن وحلفاءها الغربيين، والدول الخليجية، لجعل سوريا أرضاً للإرهابيين، وحاضنةً لهم. لذلك نرى حرصاً على دعم تلك المجموعات الإرهابية سياسياً وعسكرياً وإعلامياً لتكون تلك المجموعات قوية في الميدان.

إذن، ليس صحيحاً أن الكيان الإسرائيلي وكما تُروِّج وسائل الإعلام الخليجية والغربية، يلعب دوراً محايداً في الصراع السوري. في وقتٍ يُدرك فيه الكثيرون حقيقة ذلك. فللكيان قدرةٌ على القيام بما لا تستطيع دولٌ القيام به. فحسابات التعاطي معه مختلفة. ومرونته العملية تخدم الكثير من مصالح أمريكا والغرب. فيما نجد أن محاولة بعض العرب الترويج للحلف مع تل أبيب، كمقدمةً لتضييق الخناق على محور المقاومة. إلا أن الشعوب باتت تقف موقف المعارض لهذه السياسات. وبين كل تلك الأمور، تُدير القيادة الإسرائيلية حربها في سوريا، من خلال الدعم اللوجستي والعسكري، في كل معركةٍ مفصلية. إلا أنها حتى الآن لم تُحقِّق أي إنجازٍ يُذكر. سوى إطالة عمر الحرب، وتعريض الأطراف للإستنزاف، وهو الحال التي تتصف بها الأزمة السورية اليوم.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق