الفلوجة ومعاناتها من الغزو والارهاب
هزمت القوات العراقية تنظيم “داعش” الارهابي في الفلوجة وطردته منها في معركة عدّت مصيرية على صعيد العراق والمنطقة. وللاهمية التي يكتسبها هذا الحدث نستعرض بعض المحطات.
الموقع الجغرافي
تقع الفَلّوجَة في محافظة الأنبار غربي العراق على نهر الفرات وتبعد نحو 60 كيلو مترا عن العاصمة بغداد الى الشمال الغربي منها كما تبعد عن مدينة الرمادي مركز المحافظة نحو 60 كيلومترا.
وتقع الفلوجة على عقدة مواصلات الخط الدولي الذي يربط العراق بسوريا والاردن، مما يؤهلها ان تكون مركزا للتبادل التجاري اضافه الى كونها مدينة صناعية تتوفر بها الايدي العاملة الماهرة، فضلا عن انها منطقة سياحية لقربها من بحيرة الحبانية.
التركيبة والكثافة السكانية
سكان الفلوجة ينتمون الى عشائر وقبائل عربية معظمهم من المسلمين السنة. ويبلغ عدد سكانها نحو 275,000 نسمة في عام 2011م، حسب تقديرات منظمة وزارة التخطيط العراقية، وأما القضاء والنواحي التابعة للقضاء بحوالي 500 الف نسمة تقريبا، وينحدر أغلب سكان الفلوجة من عشائر معروفة وهي الدليم بكل فروعها (البو علوان والمحامدة والفلاحات والحلابسة والبو نمر والبو فهد) والجميلة، والجبور والكبيسات، والبو عيسى والعزة والجنابيين وزوبع وقبيلة بني تميم بفروعها (العيايشة والبو ذهيبة والبو سهيل والبو فياض)، بالإضافة إلى مجموعة من العشائر الأخرى وكما يوجد بها مجموعة من الأكراد.
ويطلق على المدينة أيضا لقب (مدينة المساجد) لكثرتها اذ يبلغ عددها 132 مسجداً، وبحسب مصادر أخرى يتجاوز العدد 220 مسجداً.
الفلوجة خلال عهد النظام العراقي السابق
لم يكن نظام “صدام” يولي اهمية لاعمار المدن وتنمية اقتصاد البلاد بسبب أهدافه المعلنة في الهيمنة والحكم بصورة أساسية على مقدرات الشعب بكل شرائحه عبر تشكيلات حزب البعث. ومن اجل تمرير افكاره السلطوية على مواطنيه استخدم تنظيمات الحزب بشكل مكثف سواء في المقرات او في المدارس او الجامعات او عبر اقامة مراسم في مناسبات مختلفة.
وبسبب طبيعته الامنية وانتماءاته العشائرية واهدافه الطائفية حاول استغلال المدن السنية أكثر من غيرها لتحقيق مآربه الخاصة لتكريس سلطته التي كانت تصب في النهاية لصالح شخص صدام فقط ومن ثم ابناءه واسرته وعشيرته.
لهذه الاعتبارات وغيرها استعمل “صدام” في حكومته واستخباراته وجيشه وحزبه نسبة كبيرة من ابناء العشائر والقبائل الآنفة التي تنتشر في مدن محافظات الانبار كالفلوجة والرمادي وهيت وعانة وراوة.
الفلوجة بعد الغزو الاميركي
في 9 نيسان/ ابريل 2003 م، دخلت القوات الاميركية الغازية العاصمة بغداد وانتهى حكم صدام بعد 24 عاما من الديكتاتورية والحروب على بلدان الجوار وسفك دماء العراقيين، لكن وضع العراقيين بعد الغزو شهد انفلاتا امنيا بسبب القرارات الخاطئة التي اتخذها الاميركيون والتي كانت من ابرزها انحلال الجيش العراقي وفتح المعسكرات امام الناهبين وانتشار الاسلحة بكل انواعها بين الناس وفتح معظم السجون وهروب ضباط الاستخبارات والجيش.
وأدت الفوضى الى شعور العراقيين بالتذمر جراء ما حصل بعد الغزو ما حدا الى استغلال الضباط السابقين الوضع الامني المتردي لتحشيد قواهم والقيام بهجمات تحت شعار مقاومة الاحتلال. وتمحورت الكثير من الهجمات حول استخدام العبوات الناسفة في الطرق والاماكن والعامة وتفجير السيارات المفخخة التي ذهب ضحيتها الكثير من الابرياء مع اعداد ضئيلة من الجنود الاميركيين في كل عملية.
وشهدت المدينة في 2004 م احتجاجات ونشاطات مسلحة أدت سيطرة المسلحين عليها ما حدا بالسلطات الى ارسال قواتها بدعم اميركي لطرد المسلحين منها واعادة الهدوء، حيث استمرت الاضطرابات لفترة غير قصيرة. وفي 15 نوفمبر 2004 م، أعلن رئيس الوزراء العراقي أياد علاوي في مقابلة متلفزة انتهاء المعركة وأن الهجوم على الفلوجة حقق أهدافه وفي منتصف ديسمبر 2004 م سمح للنازحين بالعودة إلى منازلهم.
وفي 24 ديسمبر 2004 م انسحبت القوات الأميركية إلى الأحياء الشرقية من المدينة بسبب هجمات الجماعات المسلحة، الا ان أعمال العنف والقتال المسلح استمرت في مدينة الفلوجة منذ بداية عام 2005 م وحتى أواخر 2007 م.
سيطرة داعش على الفلوجة
استغل عناصر داعش الوضع الامني المتردي واستمرار الاضطرابات في المدينة، حيث اقتحم المئات من عناصر التنظيم على متن مركبات وشاحنات عسكرية محملة بالاسلحة الخفيفة والثقيلة في كانون الثاني/ يناير عام 2014 دون مقاومة تذكر كما حصل في مدن اخرى باربع محافظات عراقية هي الانبار ونينوى وصلاح الدين وديالى.
واستمرت سيطرة عناصر التنظيم على المدينة نحو 30 شهرا منذ بداية عام 2014 لغاية حزيران/ يونيو 2016 ومارس التنظيم البطش والقسوة في فرض افكاره وحكمه على الاهالي وقام بعمليات يندى لها الجبين في ارتكاب المجازر وهتك الاعراض تحت مسميات وشعارات دينية براقة.
انطلاق عملية تحرير الفلوجة وتحقيق الانتصار
في 23 ايار/ مايو انطلقت عمليات تحريرها من عناصر التنظيم بمشاركة قوات الجيش والحشد الشعبي، وأفادت تقارير أن مسلحي التنظيم استخدموا السكان المدنيين كدروع بشرية لإبطاء تقدم القوات الحكومية المهاجمة.
وقالت مصادر الأمم المتحدة إن نحو 42 ألف شخص فروا من الفلوجة منذ انطلاق عمليات التحرير في ايار/ مايو الماضي، ولكن منظمة أطباء بلا حدود ومجلس اللاجئين النرويجي يقولان إن العدد اقرب الى 30 الف شخص.
في 17 يونيو 2016م أعلنت قيادة العمليات المشتركة تحرير قائممقامية الفلوجة ومستشفى الفلوجة العامة وتحرير حي نزال وحي الشهداء بالكامل بعد معارك عنيفة ضد تنظيم داعش الارهابي وقد اعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي تحرير الفلوجة من براثن تنظيم داعش الارهابية وسيطرة القوات المسلحة على قلب المدينة وبارك للشعب العراقي هذا النصر .
وقال العبادي يوم الجمعة، 17 حزيران/ يونيو في كلمة موجهة الى الشعب العراقي “ان الفلوجة عادت الى حضن الوطن وان الساعات المقبلة ستشهد تمكن القوات الامنية تطهير بعض البؤر الارهابية داخل القضاء”، مؤكدا ان “قواتنا وفت بوعدها وحررت الفلوجة ووجهتنا القادمة الموصل”.
المصدر / فارس
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق