الأثمان التي دفعتها أنقرة لقاء اعادة تطبيع العلاقات مع الكيان الاسرائيلي
يعود شهر العسل التركي الاسرائيلي على أثر الاتفاق بين الجانبين على إعادة تطبيق العلاقات بعد انقطاع دام ست سنوات على خلفية الهجوم الإسرائيلي على سفينة مساعدات تركية كانت متجهة لكسر الحصار على قطاع غزة عام 2010.
حيث تم بالأمس 26 يونيو/حزيران إبرام اتفاق من 8 بنود لتطبيع العلاقات الدبلوماسية بين تركيا والكيان الاسرائيلي خلال الاجتماع الذي ضم وفدي البلدين في مدينة روما.
ومن المقرر أن يعرض الاتفاق على المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية في الكيان الاسرائيلي الأربعاء المقبل لإقراره.
وكانت مصادر مطلعة أكدت أنه وفقا لبنود الاتفاق، لن يتم رفع الطوق الأمني المفروض على قطاع غزة، فيما يمكن لتركيا أن تنقل بضائع ومساعدات إلى القطاع عن طريق ميناء أشدود الإسرائيلي. وأضافت المصادر أن الاتفاق ينص على إتاحة المجال أمام تركيا لبناء محطة لتوليد الطاقة ومنشأة لتحلية المياه ومستشفى في غزة.
وكانت أنقرة قد وضعت ثلاثة شروط لتطبيع العلاقات مع الکيان الإسرائيلي، وهي تقديم اعتذار علني عن الهجوم ودفع تعويضات مالية للضحايا ورفع الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة. وتمت تلبية الطلبين الأولين جزئيا، بوساطة من الرئيس الأمريكي باراك أوباما، لكن الثالث لم يتحقق، وعوضاً عنه سيكون بوسع تركيا إيصال المساعدات إلى القطاع المحاصر عبر ميناء أشدود الاسرائيلي.
وطوال السنوات الست الماضية لم تُقطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، لكن مستواها انخفض مع سحب السفيرين وتجميد التعاون العسكري. وقد قدمت تركيا تنازلات للكيان الاسرائيلي لقاء عودة العلاقات مع الكيان الاسرائيلي تمثلت بالنقاط التالية:
الاستغناء عن غزة
كشفت اليوم صحيفة “رأي اليوم” معلومات جديدة حول الاتفاق التركي الإسرائيلي لإنهاء مرحلة القطيعة فيما بينهما، وكشفت الصحيفة أن الاتفاق لا يشمل أي بند صريح لرفع الحصار عن غزة.
وكانت صحيفة “هآرتس” قد نشرت خلال الأيام الماضية بأن الأتراك قد تخلوا عن مطلب ازالة الحصار بشكل كامل، وحتى عن مطلب رفع الحصار البحري بشكل جزئي.
كما لم يشمل الاتفاق تعهداً من الكيان الاسرائيلي بالامتناع عن شن أي هجوم على غزة بما في ذلك تصفية قائد الحركة اسماعيل هنية. حيث قال الوزير الإسرائيلي يوفال شتاينيتص بان “الاتفاق المتبلور لتطبيع العلاقات مع تركيا لا يتضمن أي تنازل من إسرائيل بالدفاع عن نفسها وحماية أمنها، وأكد أن الاتفاق لا يمنح تسهيلات لحماس”.
وفي وقت سابق، صرح مسؤول إسرائيلي بارز أن الفجوات في العلاقة بين “إسرائيل” وتركيا ترجع فقط لمطالب “إسرائيل” بإغلاق ما تعتبره مكتبا يتبع كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس في إسطنبول.
ولم تتعهد تركيا بموجب الاتفاق على وقف علاقاتها مع حركة حماس، لكنها لن تسمح للحركة بمزاولة أي نشاط معادٍ للکيان الإسرائيلي على أراضيها، بما في ذلك عدم تمكين القيادي في حماس صلاح العاروري بالعودة للإقامة في تركيا.
وفي محاولة لطمئنة حركة حماس وتبديد مخاوفها من استمرار العلاقة معها بعد التطبيع التركي الاسرائيلي، التقى يوم الجمعة الماضي 24 يونيو/حزيران الرئيس التركي رجب طيب أردوغان رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل في إسطنبول، ليطلعه على بنود الاتفاق بين تركيا والكيان الاسرائيلي.
كما التقى مشعل أمس السبت، برئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، وقالت مصادر تركية رسمية، إن يلدريم استقبل مشعل في مكتبه بمدينة إسطنبول، وأجرى معه مباحثات حول مستجدات الأوضاع على الساحة الفلسطينية. حيث قام مشعل بشكر الحكومة التركية على موقفها المساند لحقوق الشعب الفلسطيني.
إلا أن مراقبين يرون أن حماس أدركت الضغوطات التي ستعاني منها جراء التطبيق التركي الاسرائيلي، وهو ما يفسر الاندفاعة الجديدة نحو ايران، التي بدأت تظهر من خلال تصريحات بعض المسؤولين في الحركة.
ففي مقابله له مع تلفزيون الأقصى منذ أيام، أشاد الدكتور موسى ابو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس بالدعم الايراني للمقاومة والقضية الفلسطينية. وقال “انها قدمت دعما للمقاومة والقضية الفلسطينية سواء على صعيد الامداد، او التدريب، او المال، لا يوازيه سقف آخر، ولا تستطيعه معظم الدول”، وأكد في غمز واضح في قناة الكثيرين “ان الدعم الايراني كان معلنا وفوق الطاولة”.
بنود أمنية
ووفقاً لصحيفة “رأي اليوم” فإن الاتفاق الذي جرى التوصل إليه بين تركيا والكيان الاسرائيلي، يشمل بنوداً أمنية بعضها لم يكشف عنه بشكل علني، ومن بينها إعادة التنسيق بين الطرفين في القضايا الاستخبارية.
ومن المتوقع فور تطبيع العلاقات التركية الاسرائيلية، رفع مستوى العلاقات الدبلوماسية الى اعلى الدرجات. كما سيتم الغاء العقوبات والقيود التي فرضها كل طرف على الآخر في كل ما يتعلق بالاتفاقيات الدولية، وبالتالي سيتم فتح الباب مجددا للمشاركة في تدريبات عسكرية مشتركة، والبدء في البحث عن فرص استثمار مشتركة في قطاع الطاقة، وبالذات فيما يخص نقل الغاز الإسرائيلي عبر تركيا إلى الأسواق الأوروبية، وكذلك عودة الاستثمارات المشتركة في مجال الصناعات الدفاعية المشتركة.
إقالة وزير المخابرات التركي، والسبب إيران
وكانت صحيفة “يديعوت احرونوت” قد كشفت أن قرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مؤخرا بالإطاحة برئيس الاستخبارات هاكان فيدان من منصبه، قد جاء بطلب من الكيان الاسرائيلي.
هاكان فيدان يغادر منصف رئيس المخابرات
وعلقت الصحيفة أن إقالة فيدان من وكالة الاستخبارات التركية بعد مرور 6 سنوات هو تطور إيجابي، حيث عرض مسؤولون إسرائيليون وجهة نظرهم لأردوغان بشأنه، بأنه يعمل لصالح إيران، ويمثل عقبة كبيرة أمام تطبيع العلاقات مع تركيا. وذكرت “واشنطن بوست” الأمريكية أن فيدان مرر معلومات إلى الإيرانيين عن شبكة تجسس إسرائيلية تعمل داخل الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
ويرى مسؤولون دبلوماسيون يشاركون في محادثات المصالحة بين الكيان الاسرائيلي وتركيا بأن إقالة فيدان من منصبه تمثل علامة إيجابية لرغبة أردوغان لتطبيع العلاقات مع الكيان الاسرائيلي.
المصدر / الوقت