التحديث الاخير بتاريخ|السبت, سبتمبر 21, 2024

دور المقاومة الشعبية الفلسطينية في مواجهة الاحتلال 

كثر في الآونة الأخيرة الحديث عن دور المقاومة الشعبية في مواجهة الکيان الاسرائيلي والنتائج الكارثية التي يعانيها، ولكن قبل الخوض في صلب الموضوع، تجدر الإشارة الى مجموعة من النقاط، الأولى انه لا يوجد فصل بين المقاومة الشعبية والمقاومة المسلحة، فالأخيرة ولدت من رحم الأولى، فالمقاومة المسلحة قبل ان تكون بالبندقية والصاروخ بدأت بالحجر والسكين، وعليه فإن وجود مقاومة شعبية دليل على ان الشعب الفلسطيني بأكمله مجمع على خيار عدم شرعية وجود الكيان الاسرائيلي، وبالتالي فالحديث عن مقاومة مسلحة وأخرى شعبية سلمية في كثير من التحليلات وإن كان ظاهره ايجابياً، ولكن باطنه اسرائيلي بإمتياز، المسألة الثانية تأتي في الحديث عن دوافع المقاومة الشعبية، فهي لطالما وجدناها في وتيرة أقوى عندما تبدي بعض الاحزاب تقاعساً او توجهاً نحو التفاوض على شرعية الكيان، فالشعب سلم امانة المقاومة لقسمها المسلح، وعندما لن يكونوا جديرين بتحملها سترتفع وتيرة المقاومة الشعبية.

محطات من تاريخ المقاومة الشعبية الفلسطينية في مواجهة الاحتلال

انتفاضة الحجارة: ابرز وسائل المقاومة الشعبية بوجه الكيان الاسرائيلي تمثل بالإنتفاضات الثلاث، الأولى في العام 1987 والتي اطلق عليها اسم انتفاضة الحجارة، وهي بدأت على إثر صدم شاحنة اسرائيلية لسيارتين في قطاع غزة الفلسطيني، مما اثار سكان القطاع فخرجوا الى الشوارع يرشقون جنود الاحتلال بالحجارة، بعدها بأيام انتقلت الانتفاضة الى سائر مدن فلسطين المحتلة في الضفة الغربية وغيرها، وقد استمرت ست سنوات، لتصبح من بعدها المقاومة المسلحة اكثر قوة وتنظيماً.

انتفاضة الأقصى: بدأت هذه الانتفاضة في العام 2000 بعد قيام شارون يرافقه 1000 جندي من جنود الکيان الاسرائيلي بزيارة الى المسجد الاقصى، على إثرها انتفض الفلسطينيون بوجه الكيان بإعتبار ان الزيارة انتهاك لحرمة المقدسات، تطورت الانتفاضة الى شكل التصدي المسلح بوجه جنود الکيان الاسرائيلي، والتحول فيما بعد الى شكل العمليات الفدائية، هذه الانتفاضة رسمت خريطة مستقبل عمل المقاومة للسنوات القادمة في مواجهة الإحتلال.

انتفاضة القدس: جرائم الاحتلال المتواصلة، وتقاعس بعض الحركات السياسية عن اداء مهامها، ولّدت الانتفاضة الشعبية في 2015 والتي اطلق عليها اسم انتفاضة القدس، وهي بالتحديد جاءت بعد حرق الطفل الرضيع وأبويه، هذه الانتفاضة جاءت مميزة عن سابقاتها، فخلال فترة وجيزة تمكنت من تحقيق مكاسب كبيرة، وادخال الرعب على الکيان الاسرائيلي، على رغم من استخدامها وسائل بدائية كالسكاكين والدهس وما شابههما، وتوسعت دائرة هذه الانتفاضة من مدينة القدس والضفة الغربية الى غزة فأراضي 48 لتشمل كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهي لا زالت مستمرة.

اقتصادياً، قانونياً واعلامياً: امام مخطط الکيان الاسرائيلي والقاضي بتسويق منتجاته، تعمل المقاومة الشعبية الفلسطينية على استخدام اسلوب المقاطعة في رسالة الى كل العالم بعدم شرعية نشوء هذا الكيان، مضافاً الى ذلك تفعيل دور المؤسسات القانونية ومؤسسات حقوق الانسان على الصعيد المحلي والدولي من خلال توثيق جرائم الكيان الاسرائيلي، كما وتحفيز دور وسائل الاعلام وبالخصوص الدولية منها لتوثيق هذه الجرائم، من خلال جذبها واثارة اهتمامها بفضل الضجة الاعلامية التي تحدثها طبيعة المشاركة الشعبية في العمل المقاوم، كما والحث على العمل التطوعي وترسيخه كثقافة شعبية ونمط حياتي يومي.

المقاومة الشعبية وآثارها في زعزعة امن الکيان الاسرائيلي

اولاً: صورة الكيان الاسرائيلي القوي تتزلزل، فالمقاومة الشعبية الفلسطينية تمكنت من ادخال الرعب الى الكيان الاسرائيلي، فهناك ارباك دائم لدى قيادة الکيان في كيفية التعاطي مع هذا النوع من المقاومة، حيث يمثل كل مواطن فلسطيني بذاته خيار وقضية المقاومة، يضاف الى ذلك ضرب مفهوم ان الكيان المختلق والاراضي التي احتلها هي مناطق آمنة، وهو ما يفسر انخفاض مستوى الهجرة اليها، وهو بدوره يضرب مخطط الاستيطان.

يضاف إلى ذلك الآثار المترتبة على الخلافات الكبيرة بين قيادات هذا الكيان في التعاطي مع المقاومة الشعبية، هذه الخلافات من شأنها ان تحوّل الصراع الى داخل قيادات هذا الكيان فيما بينهم، وبالتالي ارتفاع وتيرة التوتر والاحتقان في الداخل الإسرائيلي، ناهيك عن ضرب صورة الشجاعة والقوة الاسطورية لجنود الإحتلال الذين لا يقهرون، فقد اصبح يرتسخ يوماً بعد يوم في اذهان شعوب العالم ان الحجر والسكين يكفيان لإرعاب جندي الاحتلال.

ثانياً: المقاومة الشعبية والضجة الاعلامية التي تحدثها ان كان بذاتها او نتيجة حجم الجرائم التي يقوم بها الكيان في سبيل مواجهتها، لها الدور في اعادة القضية الفلسطينية الى اولويات الاهتمام العربي والدولي، خاصة مع وجود مسعى من قبل بعض الحكومات والأنظمة لضرب هذه القضية وتمييعها.

كما وان دور الشعب المقاوم ترتب عليه من جملة الآثار زعزعة صورة الكيان الإسرائيلي في المحافل الدولية ومؤسسات حقوق الانسان، كما ولدى شعوب العالم وبالخصوص شعوب الدول الغربية التي تسعى حكوماتهم الى التغطية على جرائم الكيان، وقد رشح عن اصداء هذه الآثار المقاطعة الإقتصادية التي فرضتها مؤخراً الدول الأوروبية على الكيان الإسرائيلي، بالإضافة الى مقاطعة اكاديمية واقتصادية متفرقة من هنا وهناك.

هذا بدوره ايضاً يعكس حجم الخسائر الإقتصادية التي تلحق بالكيان الاسرائيلي، وتباطؤ نموه، وانخفاض حجم الإستثمارات، ناهيك عن التكاليف الأمنية والعسكرية التي لم يعد للكيان القدرة على تغطيتها.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق