تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن.. النزوح القسرى
القاهرة -الرأي – رباب سعيد –
تسبّب الصراع والاضطهاد بتصاعد الهجرة القسرية العالمية بشكل حاد في عام 2015 لتصل إلى أعلى مستوى على الإطلاق، الأمر الذي يمثل معاناة إنسانية كبيرة، وذلك وفقاً لتقرير صدر ت عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. فقد أشار تقرير “الاتجاهات العالمية” الذي يصدر عن المفوضية سنوياً والذي يقيس الهجرة القسرية في كافة أنحاء العالم مشيرا إلى بيانات من الحكومات ، بما في ذلك مركز رصد النزوح الداخلي والتقارير الصادرة عن المفوضية، إلى أن 65.3 ملايين شخص نزحوا حتى نهاية عام 2015، مقارنةً بـ59.5 ملايين قبل 12 شهراً. وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تجاوز عتبة الستين مليوناً.
قياساً إلى عدد سكان الأرض البالغ 7.349 ملياراً، تعني هذه الأرقام أن هناك شخصاً من أصل 113 على المستوى العالمي هو الآن إما طالب لجوء، وإما نازحاً داخلياً وإما لاجئاً. ويشكل ذلك مستوى من الخطر لم تعرفه المفوضية سابقاً. كما أن هناك نازحون قسراً يذداد عددهم اليوم أكثر من عدد سكان المملكة المتحدة أو فرنسا أو إيطاليا
تصاعد النزوح القسري منذ منتصف تسعينيات القرن العشرين على الأقل في معظم المناطق، ولكن طوال الأعوام الخمسة الماضية ارتفع معدل التصاعد لثلاثة أسباب؛ الأول هو أن الحالات التي تسبب تدفقات كبيرة للاجئين تدوم لفترة أطول (على سبيل المثال، النزاعات في الصومال أو أفغانستان)، والثاني هو رياح التغيير فى الوطن العربى وما تمر به المنطقة من وقوع أحداث جديدة أو تجددها في كثير من الأحيان (أكبرها اليوم في سوريا، ولكن تجد ايضا الأعوام الخمسة الماضية جنوب السودان واليمن وبوروندي وأوكرانيا وجمهورية إفريقيا الوسطى، والثالث هو أن المعدل الذي يتم فيه إيجاد حلول للاجئين والنازحين داخلياً في اتجاه هبوطي منذ نهاية الحرب الباردة. ومنذ 10 أعوام، أي منذ نهاية عام 2005، سجلت المفوضية نزوح 6 أشخاص كل دقيقة كمعدل. واليوم، أصبح ذلك العدد 24 شخصاً في الدقيقة- أي ما يقارب ضعف ال بقيت الحرب في سوريا السبب الرئيسي للنزوح وللمعاناة المرتبطة به. وبحلول نهاية عام 2015، دفعت على الأقل 4.9 ملايين شخص خارج أوطانهم كلاجئين وأجبرت 6.6 ملايين على النزوح داخلياً- ما يساوي حوالي نصف سكان سوريا قبل الحرب. وأدى وجود داعش في العراق بحلول نهاية العام إلى نزوح 4.4 ملايين شخص داخلياً وولّد ما يقرب من ربع مليون لاجئ. وأسفرت الحرب في اليمن، التي بدأت في عام 2015، حتى نهاية ديسمبر/كانون الأول عن نزوح 2.5 مليون شخص- أي عدداً أكبر من النازحين الجدد من أي صراع في العالم. وتبقى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي تشمل 5.2 مليون لاجئ فلسطيني تحت ولاية وكالة الأمم المتحدة لإ غاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينين، وما يقرب من نصف مليون ليبي أجبروا على الفرار من منازلهم وظلوا داخل بلدهم، إضافةً إلى عدد من الحالات الأصغر حجماً، مصدراً للنزوح أكبر من أي منطقة أُخرى .نعلم جيدا انه
ينزح الكثير من الأشخاص بسبب الحروب والاضطهاد، وذلك أمر مثير للقلق بحد ذاته، لكن العوامل التي تشكل خطراً على اللاجئين تتضاعف كذلك. في البحر، يخسر عدد مخيف من اللاجئين والمهاجرين حياتهم في كل عام. وفي البر، يجد الأشخاص الذين يفرون من الحرب الطرق مسدودة أمامهم بسبب الحدود المغلقة. وتتجه السياسة نحو معارضة اللجوء في بعض البلدان. إن استعداد الدول للعمل معاً ليس لصالح اللاجئين فحسب وإنما لمصلحة البشرية جمعاء هو ما يجري اختباره اليوم، ويجب أن تسود روح الوحده. انتهى