تطورات الأوضاع الأمنية في تركيا بعد أيام من الانقلاب الفاشل
مع سيطرة الحكومة التركية رويداً رودياً على محاولة الانقلاب التي منيت بالفشل،بدأت حملة اعتقالات واقالات كبيرة طالت عشرات الآلاف من القضاة وعدد كبير من أعلى الرتب العسكرية، بالاضافة الى اقالة 30 محافظاً من مختلف عموم تركيا، وفصل قرابة 8 آلاف من منتسبي وازرة الداخلية.
و اعترف رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، باعتقال 7500 مواطن تركي حتى الآن خلال أقل من 48 ساعة، بينما توعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وشخصيات سياسية أخرى باستئصال ما سماهم بـ”الفيروس” داخل المؤسسة العسكرية التركية، والدعوة إلى عمليات تطهير كبرى للـ”الخونة””، على حد تعبيره، واشارو إلى إحتمال عودة مادة الاعدام إلى القانون الجنائي التركي.
من جانبها أكدت وزارة الداخلية التركية في بيان لها، اليوم الاثنين، إيقاف 7899 شرطيا عن العمل على خلفية محاولة الانقلاب الفاشلة التي جرت في البلاد.
كما افادت وسائل إعلام تركية عن قيام حكومة بن علي يلدريم بإقالة 30 حاكما إقليميا تركيا إضافة إلى 50 موظف رسمي في الدولة من الرتب العالية.
كذلك أوقفت السلطات التركية 103 جنرال وأميرالاي من سلاح الجو والبر والبحر في مختلف أنحاء البلاد، حسبما ذكرت وكالة “الأناضول” التركية، ذاكرة قائمة مفصلة بأسماء الموقوفين، وكانت السلطات قد أوقفت أمس الاحد 70 جنرال وأميرالاي من بينهم القائد السابق لسلاح الجو الجنرال أكين اوزتورك المشتبه بأنه قيادي بمحاولة الانقلاب.
وعلى صعيد متصل اعترفت الحكومة التركية بمقتل 290 شخصا جراء محاولة الانقلاب الفاشلة هذه، فيما تحدثت أنباء آخرى أن العديد الحقيقي للقتلى أكبر من ذلك بكثير.
وفي السياق ذاته نقلت وكالة الأناضول عن مصدر أمني بأن محكمة تركية أمرت باعتقال 52 ضابطا رفيع المستوى من الجيش التركي للاشتباه في مشاركتهم في الانقلاب العسكري، وأوضحت الوكالة أن الإجراءات القضائية جرت بحق 58 ضابطا من أصل 105 ضباط رفيعي المستوى، حيث تم اعتقال 52 منهم، أما الآخرون فتم الإفراج عنهم بشرط عدم مغادرة البلاد.
وأشارت الأناضول الى أن من بين المعتقلين قائد منطقة دنيزلي العسكرية وفوج القوات الخاصة الجنرال كامل أوزباكر، وتم نقل المعتقلين إلى سجن مدينة أزمير، وأن الإجراءات بحق العسكريين الآخرين مستمرة، بالاضافة الى اعتقال الطيار في سلاح الجو العقيد مراد قراقوش والعقيد أحمد أرجون، أثناء استعدادهما للفرار إلى مدينة ميتيليني في جزيرة ليسفوس اليونانية
الى ذلك أصدر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمرا خاصا بإرسال مقاتلات من نوع “إف-16” للقيام بطلعات دورية في أجواء تركيا للحفاظ على أمن البلاد، وتم نشر 1800 عنصر من القوات الخاصة في مدينة اسطنبول، وفي المقام الأول في الشوارع الرئيسية والمنشآت الاستراتيجية. كما جرى نقل مزيد من المعدات العسكرية الخاصة إلى المدينة، واتخاذ إجراءات أمنية طارئة أخرى.
من جانبه أمر رئيس قوات الأمن التركية في اسطنبول بإسقاط أي مروحية تقلع من دون أخذ موافقة السلطات التركية، وذلك بدون إنذار مسبقحسبما أفادت وسائل إعلام تركية.
وفي سلك القضاء أيضاً شن الرئيس التركي انقلاب مضاد آخر، حيث أفادت صحيفة “حريت” التركية أن الحكومة التركية أقالت أكثر من 2700 قاض في مختلف المحاكم، بينهم ما لا يقل عن 10 قضاة في المحكمة الإدارية العليا أوقفوا للاشتباه بتورطهم في الانقلاب، واعتقلت أكثر من 6000 معارض بعد عملية الانقلاب الفاشلة، مشيرة الى أن الرئيس رجب طيب أوردغان استغل الانقلاب لتصفية معارضيه.
الاتحاد الاوروبي يندد بالانقلاب المضاد للحكومة التركية
أدانت دول في الاتحاد الأوروبي حملة الاعتقالات والاقالات التي تشنها الحكومة التركية ضد معارضيها، مشيرة الى أن الرئيس التركي رجب طيب أوردغان يسعى للتخلص من خصومه مستغلاً محاولة الانقلاب.
وفي هذا السياق اتهم زعيم الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي الديمقراطي الالماني، توماس أوبرمان، الرئيس التركي باستغلال محاولة الانقلاب لقمع معارضيه، معتبراً أن عزل 3 آلاف قاضي خلال نصف يوم يعد اعتداء على النظام الديمقراطي وسيادة القانون في تركيا، وأضاف أوبرمان، الشريك في الائتلاف الحاكم في ألمانيا، بحسب مجلة دير شبيغل الألمانية، عندما يتم عزل الاف القضاة والمدعين العامين الذين يبدو أنهم لا علاقة لهم بالانقلاب، فإن هذا يعد اعتداء على النظام الديمقراطي لسيادة القانون”، متابعاً أن أردوغان اساء استخدام محاولة الانقلاب” كذريعة لتنظيف جهاز الدولة التركي من خصوم حزب العدالة والتنمية”.
الى ذلك عتبر وزير الخارجية الفرنسي، جان مارك أيرولت، الأحد 17 يوليو/تموز، أن محاولة الانقلاب الفاشل لا تعطي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان “شيكا على بياض” لإجراء عمليات تطهير في تركيا، وأضاف أيرولت، في مقابلة مع قناة “France 3″، “نحن نريد أن يسود القانون في تركيا بشكل تام، ومحاولة الانقلاب لا تعطي أردوغان “شيكا على بياض” للقيام بعمليات تطهير مرفوضة، فالقانون يجب أن يعمل”، كما أعرب الوزير الفرنسي عن شكوكه في أمانة تركيا كشريك في محاربة تنظيم داعش الإرهابي، مشيرا إلى وجود أسئلة موجهة لأنقرة في هذا الشأن.
المصدر / الوقت