روايات صادمة عن قتل المسلمين على يد القوات الهندية في كشمير
شهدت ولاية كشمير خلال الأيام القليلة الماضية سلسلة من الجرائم التي إرتكبتها القوات الهندية ضد المسلمين، ما أسفر عن سقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين بينهم الكثير من النساء.
وجاءت هذه الأحداث المأساوية على خلفية مقتل “برهان واني” قائد ما يعرف بـ “حزب المجاهدين” وإثنين من رفاقه على أيدي رجال الأمن في منطقة “كوكيرناج” الجنوبية، وذلك تزامناً مع توتر ساد أنحاء كشمير التي تمثل محور الصراع بين الهند وباكستان على مدى عقود.
وأكد شهود عيان إن القوات الهندية قمعت السكّان بشدة في كشمير وأعلنت الأحكام العرفية ما أدى إلى شلّ الحياة اليومية وإغلاق المحال التجارية، فيما فرضت السلطات حظراً على شبكات التواصل الإجتماعي وأغلقت عشرات الصحف لمنعها من تغطية هذه الأحداث.
وأشارت تقارير منظمات حقوق الإنسان إلى إعتقال الكثير من المتظاهرين المسلمين في كشمير وتعرضهم للتعذيب الشديد على يد القوات الأمنية ما أدى إلى مقتل العديد منهم، فيما نشر موقع “ويكيليكس” وثائق تؤكد حصول هذه الإنتهاكات المخالفة للقوانين الدولية التي تمنح الكشميريين حق تقرير المصير. ومن بين هذه الإنتهاكات تنفيذ القتل الجماعي في مئات الموقوفين رهن الإحتجاز في مخافر قوات الأمن.
أمثلة على الجرائم التي ترتكب ضد مسلمي كشمير
تحدثت تقارير منظمات حقوق الإنسان الدولية عن إنتهاكات خطيرة يتعرض لها الكشميريون على يد قوات الأمن الهندية. وتشير هذه التقارير إلى القتل المتعمد للمدنيين والإعتقال والخطف والإغتصاب والتعذيب الشديد، فيما يؤكد المهتمون بالشأن الكشميري بأن ما ذكر في تقارير المنظمات الإنسانية لا يمثل سوى 10% فقط من حقيقة ما يحدث، الأمر الذي يجعل الصورة تبدو شديدة القتامة.
وثمة ملاحظة تطرح نفسها حول أوضاع حقوق الإنسان في كشمير وهي أن هذه الإنتهاكات ترتكب بصورة دورية وشبه يومية مع شعور بالأمان يسيطر على مرتكبيها مبعثه هو إطمئنانهم إلى أن يد العدالة لن تصل إليهم، بل تقف القوانين الهندية عقبة أمام ملاحقاتهم قضائياً. فعلى سبيل المثال يجيز القانون الهندي لأجهزة الأمن إستعمال القوة في إخماد التظاهرات حتى لو كانت سلمية. وأصبحت هذه القوانين وسيلة لتمرير جرائم بحق الكشميريين ما جعل منطقتهم واحدة من أكثر مناطق العالم تعرضاً للإنتهاكات.
ولا توجد إحصائيات دقيقة عن أعداد القتلى والجرحى والمعتقلين وغيرها من أشكال إنتهاك حقوق الإنسان في كشمير، سوى معلومات متناثرة تؤكد أن الأغلبية المسلمة في هذه الولاية قد تعرضت لألوان من الإضطهاد الطائفي.
ومنذ عام 1989 لا يكاد تقرير سنوي للمنظمات الدولية لحقوق الإنسان يخلو من الحديث عن الإنتهاكات التي ترتكب في كشمير. وقد قُدّر عدد الضحايا المدنيين الذين سقطوا على يد القوات الهندية خلال ثلاث سنوات فقط بحوالي 30 ألف كشميري، فيما بلغت أعداد المحتجزين حوالي 60 ألفاً تعرض معظمهم للتعذيب وأصيب العديد منهم بعاهات مستديمة.
وتتخذ السلطات الهندية من محاربة الإرهاب ذريعة لتمرير إنتهاكها لحقوق الإنسان في كشمير، وهي إنتهاكات توصف بأنها سياسة رسمية ومدروسة. ففي تقرير لـ “لجنة المبادرة من أجل كشمير” وهي منظمة لحقوق الإنسان لخّصت هذه الإنتهاكات بقولها “قتل دون تمييز، إحتجاز عشوائي، عمليات تفتيش غير قانونية، إضافة إلى الشلل الكامل الذي يضرب مظاهر الحياة بسبب فرض حظر التجول” فيما تؤكد لجنة حقوق الإنسان في سرينغار إن “الإعتداء الوحشي ضد الأغلبية المسلمة في كشمير أمر روتيني يحدث كل يوم”. وتعد عمليات حرق أحياء في كشمير واحدة من أبشع صور إنتهاك حقوق الإنسان طيلة عقود من الزمن.
وفي عام 1993 أصدرت منظمة العفو الدولية تقريراً عن حوادث القتل التي إرتكبها الجيش الهندي في منطقة سوبور والتي راح ضحيتها 100 مدني أحرق بعضهم أحياء. ووصفت المنظمة الحادثة بقولها “كان أفراد الجيش يطلقون النار في كل إتجاه وكان الناس يتساقطون تحت الرصاص”.
في هذه الأثناء كشفت صحيفة الـ”غارديان” البريطانية تواطؤ موقع “فيسبوك” للتواصل الإجتماعي على شبكة الإنترنت مع جرائم الهند ضد مسلمي كشمير، مشيرة إلى أن الموقع فرض رقابة على عشرات المنشورات والحسابات بعد قتل القوات الهندية للقيادي في حزب المجاهدين “برهان واني”. وأشارت كذلك إلى أن “فيسبوك” حذف صوراً وفيديوهات وحسابات كاملة لأكاديميين وصحفيين وصحف محلية، بعدما نشرت أخباراً وتقارير تتعلق بالأحداث الأخيرة في كشمير.
وإعتبر الكشميريون ما قام به “فيسبوك” بأنه شكل من أشكال “الإسلاموفوبيا”، وتساءلوا عن سبب حظر حسابات المسلمين وحدهم ودعم موقع التواصل الإجتماعي للفظائع التي ترتكب على يد الجيش الهندي.
إكتشاف مقابر جماعية في كشمير
من جانب آخر أكد تقرير صادر عن فريق التحقيق التابع للجنة حقوق الإنسان في كشمير وجود 2006 جثة مجهولة الهوية في مقابر جماعية في ثلاث مقاطعات في الشمال.
وفي وقت سابق أصدرت منظمة العفو الدولية بياناً حثّت فيه الهند على السماح بإجراء تحقيق حول المقابر المجهولة في كشمير، كما دعت إلى توسيع نطاق التحقيقات ليشمل جميع مناطق هذه الولاية.
وظهرت هذه المعطيات في تقرير بعنوان “حقائق تحت الأرض” أصدرته جمعية “آباء وأمهات الأشخاص المختفين” بعد أن تم إكتشاف قبور ما لا يقل عن 940 شخصاً منذ 2006.
وزعم الجيش الهندي بأن من عُثر على رفاتهم في هذه القبور هم من “المتمردين الأجانب” الذين قتلوا خلال مواجهات مع القوات العسكرية، بيد أن التقرير “حقائق تحت الأرض” يورد شهادات من قرويين يؤكدون فيها إن معظم من تم دفنهم هم من السكان المحليين الذين ينتمون إلى الولاية. ويشير التقرير كذلك إلى أن ما يربو على 8000 شخص فُقدوا في كشمير منذ 1989. وكان تقرير أخر قد صدر في 2006 عن شرطة الولاية قد أكد وفاة 331 في الحجز، وأشار أيضاً إلى إختفاء 111 آخرين قسرياً إثر إعتقالهم منذ 1989.
شهادات صادمة
هناك العديد من الشهادات التي تؤكد جرائم القوات الهندية بحق الشعب الكشميري نكتفي بالإشارة إلى بعضها فيما يلي، على سبيل المثال لا الحصر:
1 – ذكرت الصحفية الهندية “سكماني سنغ” مراسلة مجلة “إلستراتيد ويكلي أوف إنديا” Illustrated weekly of India” في تقرير كتبته تحت عنوان “المحافظون أم المفترسون؟” “إن أفراد الجيش الذين تقوم الحكومة الهندية بإرسالهم إلى كشمير بمبرر إعادة الأوضاع إلى الحالة الطبيعية والحفاظ على القانون والنظام وحراسة الشعب من الإرهاب، هم في الحقيقة قتلة وزناة وناهبون لأمتعة الشعب، وبرابرة في أعين الشعب الكشميري؛ لأنهم يعذبون المدنيين الأبرياء بمجرد الإتهام والشك، وهم فوق القانون فلا يحاسبهم أحد، ولا يمنعهم قانون من إذلال الشعب وإراقة دماء الأبرياء. وإن مشاهدة إنسان في الزي العسكري في كشمير اليوم يعني إشعال غيظ أهالي كشمير؛ سواء كانوا من المدنيين أم القرويين، حيث تزداد مخاوفهم من السلوك الوحشي معهم ومع نسائهم. والمدن والقرى في كشمير كلّها تشهد حوادث الإغتصاب وهتك الأعراض لعدد لا يُتصوَّر في هذا العالم المتمدِّن، والحكومة الهندية تَعُدُّ عملية الإغتصاب وهتك الأعراض أمراً داخلاً في مهمة الجيش الرسمية، بل لعلها تَعُدُّه عملاً مهماً لإضطهاد المسلمين الكشميريين وإذلالهم، وأسلوباً مناسباً لإلقاء الذعر في قلوب مسلمي كشمير”.
2 – يؤكد الصحفي “هارندر باويجا” مراسل مجلة “إنديا توداي” India Today، في تقرير كتبه تحت عنوان “كشمير.. شبح الموت” بعد زيارته لها “إن البؤس يسود أنحاء الولاية، والظلام يلفُّ وادي كشمير الذي فقد سحره الأخّاذ، وحُرِم أهله من نِعَم الحياة وجمالها، وخَلَت الولاية من السياح بعد ما كانت تكتظُّ بهم من مختلف أنحاء العالم”.
ويضيف باويجا “مع كلِّ هذه الأوضاع القاسية ليست هناك أيّة إمكانية لإقرار الأمن في الولاية، فالكراهية ضد الهند تسود أوساط الشعب، والنساء يشتكين دائماً من قيام الجنود الهندوس بعمليات السلب والنهب في المنازل، حتى أنهم يسرقون الأغذية المختزنة لأيام الشتاء”.
3 – شهادة الأمين العام للجمعية الشعبية الهندية “ساهي بابا”، الذي قام بزيارة كشمير للتأكد مما تقوم به القوات الهندية من إنتهاكات واسعة لحقوق الإنسان وإرهاب ضد المدنيين الأبرياء حيث يقول “إنني أشعر بالخجل، بعد أن شاهدت ما تقوم به القوات الهندية من إرهاب وجرائم بشعة ضد المدنيين الأبرياء في كشمير”.
المصدر / الوقت