المرجعية العليا تثمن تضحيات المجاهدين وتنتقد الساعين للامتيازات والمنافع
كربلاء المقدسة ـ محلي ـ الرأي ـ
اثنت المرجعية الدينية العليا، اليوم الجمعة، على دور المجاهدين في الدفاع عن الارض والعرض والمقدسات.
وقال ممثل المرجعية العليا في كربلاء المقدسة الشيخ عبد المهدي الكربلائي خلال خطبة صلاة الجمعة التي أقيمت اليوم في الصحن الحسيني المقدس “في عصرنا الحاضر كتب الله تعالى على العراقيين ان يجاهدوا بأنفسهم وبأموالهم دفاعاً عن الارض والعرض والمقدسات امام هجمة المتوحشين الدواعش، فهبّوا لذلك شيباً وشباناً وتسابقوا للحضور في جبهات القتال للقيام بهذه المهمة العظيمة، وقدموا تضحيات كبيرة وحققوا انتصارات مهمة نسأل الله تعالى ان يبارك لهم بها ويتمها في القريب العاجل بتخليص جميع الارض العراقية من الارهاب الداعشي”.
وتطرق الشيخ الكربلائي، إلى حكاية رجل من رجال معركة الجهاد للدفاع عن العراق ومقدساته {قد ختم الله تعالى له بالشهادة في سبيله، تحمل قصته مبادئ سامية في الجهاد والتضحية والايثار من اجل هذا الوطن وعزة اهله} ” ان مواطن بسيط لا يملك شيئاً من الدنيا غير زوجة صالحة وثلاثة من الاولاد الصغار ولكنهم جميعاً مرضى، خرج من داره حاملا، هموماً اثقلت كاهله متوجهاً الى ساحات القتال ،واستوقف على قارعة الطريق احد جيرانه الذين عاشروه فعرفوه بدماثة الخلق وحب مساعدة الاخرين وقد اعتادوا يومياً سماع فصول الآذان وترتيل القرآن تصدح بها حنجرته”.
وأضاف “ودع {الشهيد} جاره موصياً إياه بوالديه المسنين واطفاله، التفت وراءه وجال ببصره هنا وهناك، لم يجد غير مساكن بسيطة متفرقة شيدها اصحابها بعرق جبينهم ، وتراءى له ابنه الصغير يقف خلف نافذة غرفتهم التي كانت دون زجاج يرمقه بنظرة مزجت بين ألم الفراق والاعتزاز بأب مثله، تأمل وجه الولد مليّاً ليتساءل مع نفسه ماذا لو أصابته ايام غيابه {نوبة اغماء} نتيجة لمرضه وهو لم يترك لدى امه ما تراجع به المستشفى وتشتري به الدواء”.
واسهب “واطلت عليه ابنته الوحيدة وقد اعتلى محياها الحزن والوجوم – فهي تخفي بيدها ورما بان في رقبتها لتضخم في الغدة الدرقية وهي بحاجة الى عملية جراحية، ولكنه لا يملك كلفة تلك العملية، وتذكر طفله الرضيع الراقد في المستشفى منذ ايام وهو ينتظر اباه ليعود به الى البيت- وقف لدقائق يراجع نفسه ويخيرها بين رعاية اولاده الثلاثة المرضى وبين تلبية نداء الوطن الذي ينزف من جراحاته ويدعوه للدفاع عنه، ايهما أهم وأكثر الحاحاً ؟”.
وسمع المجاهد الشهيد، بحسب الشيخ الكربلائي، “صوت زوجته الصابرة المؤمنة تقول مستنهضة لعزيمته وايمانه : {لا تقلق فللأطفال امهاتٌ ترعاهم ولابد للوطن من رجال يدافعون عنه، تذكر امامك الحسين {عليه السلام} هل ترك القتال ليبقى مع ولده العليل زين العابدين عليه السلام في خيمته- وهل تركه لأجل ريحانة فؤاده {فاطمة}، لقد ترك الامام الحسين عليه السلام لمحبيه درساً ما بعده من درس في هجرة الاهل والاحباب تلبية لنداء الواجب”.
واضافت الزوجة “اذهب يا زوجي الى الجبهة ولا يهمك ما يعانيه اطفالك من امراض، اين هي من امراض اصابت ضمائر من اؤتمنوا على ارض العراق وثرواته وشعبه فخانوا الامانة وخذلوا الشعب، اذهب وناصر اخوتك المجاهدين لتمنعوا الارهابيين الاشرار من ان يدنسوا مقدساتنا وينتهكوا اعراضنا- ان جهودكم وتضحياتكم هي التي ترسم مستقبلنا بالعز والكرامة وتمنحنا الامن والامان وتوقف المجازر التي ازهقت فيها آلاف الارواح البريئة ومنها ارواح مئات الاطفال ممن هم بأعمار اطفالك الثلاثة”.
فسارع هذا البطل الى ساحات الجهاد حتى نال بعد ايام من القتال الضاري مع عصابات داعش وسام الشرف والعزة والكرامة وسام الشهادة تاركا وراءه زوجة مؤمنة صابرة وأطفالا ثلاثة مرضى مستخلفاً الله تعالى عليهم لتقر عينه بلقياهم في مقعد صدق عند مليك مقتدر”.بحسب الشيخ الكربلائي.
ولفت الشيخ الكربلائي إلى ان “هذه قصة شهيد من الشهداء الكرام تحمل انبل معاني التضحية والايثار والصبر والترفع عن الدنيا وزينتها – هو مواطن عادي لم يحصل في هذا الوطن ومن حكومته على الحد الادنى من مستلزمات العيش الكريم، لم يمنح حتى ما يوفر به العلاج لأولاده المرضى ولكن لم يمنعه ذلك من تلبية نداء الدين والوطن فترك زوجته وصبيته تحت رعاية الله تعالى ولطفه ومضى باذلا مهجته ليصون وطنه ومقدساته واعراض مواطنيه”.
وتابع “اننا نستصغر انفسنا ونشعر بالخجل امام هذه النماذج الرائعة من العراقيين الذين بلغوا القمة في ايمانهم واخلاصهم وتضحيتهم ونقف لهم اجلالا واعظاما وهم اهل ليكونوا قدوة واسوة لنا جميعاً”.
واستدرك “ولكن في المقابل – وللأسف- هنالك اخرون ما زالوا يلهثون وراء الامتيازات الدنيوية ويسعون الى المزيد من المنافع المادية في حين كان المتوقع ان يكون فيهم – في الحد الادنى شبه- بهؤلاء الكرام في العطاء والتضحية ولكنهم أبوا ان يكونوا كذلك”.انتهى