انتقال “البنية القيادية للقاعدة” الى سوريا: هكذا سرَّبت الصحافة العالمية والعربيةً!
خرجت الصحف العالمية لتتحدث عن نزوح الإرهابيين الى سوريا. فيما لم يكن الحديث عن نزوح مقاتلين، بقدر ما كان حديثاً يتعلق بنزوح قيادات. وهو ما نقلته كلٌ من التايمز البريطانية وجريدة السفير اللبنانية.
صحيفة التايمز ومخطط القاعدة
أشارت صحيفة “التايمز” البريطانية الى أن أمريكا تعتقد أن تنظيم “القاعدة” يخطط للسيطرة على سوريا والإستيلاء عليها، لإنشاء مركز سيطرة خاضع لها، يكون منطلق عملياتها في الحرب على الغرب. في وقتٍ أكدت فيه واشنطن، أن تنظيم القاعدة، بدأ بنقل أغلب قياداته الكبار إلى سوريا، في انتظار اللحظة التي ينهار فيها النظام السوري وتنظيم داعش بحسب الصحيفة. وهو ما استدلت عليه واشنطن، من خلال الإستخبارات الأمريكية، والتي ربطت بين ظهور قائد جبهة النصرة أبو محمد الجولاني وإعلانه الإنفصال عن تنظيم “القاعدة”، لتعزيز السيطرة على المنطقة ومنافسة تنظيم داعش.
صحيفة السفير اللبنانية ونزوح قيادات القاعدة الى سوريا
في وصفها لهم بـ “المطبخ السري”، أشارت صحيفة السفير اللبنانية عن أن هناك “مجموعة صغيرة، لديها مهمة أخرى قد تكون الأكبر والأخطر، هي الحفاظ على شعلة القتال متّقدة، وتأمين الظروف والشروط اللازمة لضمان استمرار اشتعالها في سوريا أطول وقت ممكن، وأيضاً لضمان سلاسة انتقالها، كشعلة الأولمبياد، إلى بلد مضيف آخر عندما يحين الوقت، مع الحرص على أن تكون الشعلةُ ساعة الإنتقال قد أصبحت أكبر وأكثر توهجا”. مؤكدةً أنه لم يعد سراً، أن عدداً من كبار قادة القاعدة، قد انتقلوا من الشتات الذي انتشروا فيه، لا سيما بعد هجمات الحادي عشر من ايلول، ليستقروا مؤخراً في الأراضي السورية.
كما أشارت معطيات السفير، إلى أن بعض هؤلاء القيادات عملوا على إعادة صياغة الإستراتيجية العسكرية المتبعة من قبل جبهة النصرة، ووضع لمسة خبرات عشرات السنين عليها. ومن أبرز نقاط هذه الإستراتيجية، هي سحب أي تهديد للغرب وأميركا من التداول، وهو ما يفسر تراجع الجولاني عن التهديدات التي أطلقها ضد “الشعب الأوروبي”، إبان بدء غارات التحالف الدولي في العام 2014. إذ يميل هؤلاء إلى إعادة العمل بسياسة “ضرب العدو القريب” وهي السياسة التي كان يُفضلها زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري في بداية انخراطه بالجهاد في مصر.
وبحسب الصحيفة فيعتقد أنه اجتمع في سوريا في وقت من الأوقات خلال الأشهر الماضية ثمانية أشخاص هم من أعضاء “مجلس شورى القاعدة”، وهو عدد كبير ويحمل العديد من الدلالات بخصوص توجهات التنظيم على صعيد الإقامة والتمركز. وهو ما يهدد بوجود نية للتنظيم لتحويل سوريا إلى ملاذ له شبيه باليمن خلال العقد الماضي بعد هجمات الحادي عشر من أيلول. كما أن إنتقال قسم أساسي من بنيته القيادية إلى الأراضي السورية يدل بما لا يدع مجالاً للشك، أن التنظيم أصبح ينظر إلى سوريا باعتبارها العاصمة الحيوية لنشاطاته. وتأتي التحذيرات الأميركية من وجود مخاوف متزايدة من قدرة جبهة النصرة المتنامية على شن عمليات خارجية، قد تهدد أمريكا وأوروبا، كي تزيد من القناعة بأن سوريا لم تعد في نظر التنظيم مجرد مقر لأحد فروعه، بل هي مقر مركزي ينشط فيه كبار قادة “القاعدة” وتدار من خلاله أكثر أنشطة التنظيم سرية وخطورة.
وبحسب المصادر فإن أبرز هذه القيادات هي:
– سيف العدل المصري: يوصف بأنه وزير دفاع القاعدة، واسمه محمد صلاح الدين زيدان، وهو عضو مجلس شورى القاعدة والرجل الثالث في التنظيم، وأحد المرشحين لخلافة الظواهري. وكان يترأس “اللجنة الأمنية” في التنظيم منتصف تسعينيات القرن الماضي. كما لعب دوراً أساسياً في بناء القُدرات التشغيلية للمُنظمة، بفضل خبراته العسكرية التي لا تُقدر بثمن، بحسب ما أكده “أري ويسفيوز” الباحث في المركز الأميركي لمكافحة الإرهاب.
– أبو الخير المصري: اسمه عبد الله محمد رجب عبد الرحمن، الذي تبين أنه عُيّن نائباً عاماً لزعيم القاعدة خلفاً لناصر الوحيشي الذي قتل في اليمن جراء غارة أميركية، وذلك بعد ظهوره في مقطع فيديو يعطي فيه زعيم النصرة الضوء الأخضر لإعلان الإنفكاك. قبل ذلك كان أبو الخير المصري مسؤولاً عن التنقل والأمور اللوجستية والمصاريف التي يقدمها لعملاء التنظيم، ممن يتم إرسالهم بمهام خارجية، بالإضافة إلى منصبه كمسؤول العلاقات الخارجية وعضو مجلس شورى. ويقيم أبو الخير حالياً، في محافظة إدلب في الشمال السوري في معاقل جبهة النصرة.
– أبو محمد المصري: الذي كان يوصف بأنه الذراع اليمنى لأسامة بن لادن. وهو ضابط سابق في الجيش المصري ويعتبر من المؤسسين الأوائل لتنظيم القاعدة ومن كبار قادته العسكريين. واسمه المتعارف عليه هو عبد الله أحمد عبد الله. ويحمل ألقاباً أخرى مثل أبو محمد الزيات وأبو مريم وصالح، ويعتقد أنه نسيب أبو الفرج اليمني، الذي كان يشغل منصب مسؤول “اللجنة الشرعية” لجماعة الجهاد المصرية قبل أن يعتقل في العام 2003.
قد تُفسِّر هذه المعطيات، أسباب الإنفصال الشكلي، بين جبهة النصرة والقاعدة. حيث يُشير محللون الى أن ذلك، يمكن أن يكون تغطية على نقل “البنية القيادية للقاعدة” إلى سوريا واتخاذها معقلاً أساسياً لها. خصوصاً أن انفصال الطرفين لو كان حقيقي، يضعنا أمام التساؤل عن الطرف الذي يحتضن قيادات القاعدة، في سوريا. في حين يبقى السؤال الأبرز والأهم، حول الأسباب التي تقع خلف هذا التحرك، في ظل التغيرات الإقليمية والدولية، لا سيما تلك التي تتعلق بالأزمة السورية، والتي يبدو واضحاً أنها باتت تقع تحت تحدياتٍ مفصلية، تتعلق برسم جغرافية بلاد الشام السياسية. فيما تعود القاعدة الى الواجهة، بعد فترة قصيرة من الحديث عن قرب القضاء على تنظيم داعش الإرهابي. وهنا يجب البحث عن الطرف الأمريكي!
المصدر / الوقت