الأطماع الإسرائيلية في القارة السمراء
أنهى رئيس وزراء كيان الاحتلال الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في 8 يوليو 2016 جولته في 4 دول افريقية هي اوغندا وكينيا واثيوبيا ورواندا وهي اول زيارة مماثلة لرئيس وزراء الاحتلال منذ عقود، وكانت لجولة نتنياهو اهداف استراتيجية وامنية عديدة وواسعة أهمها التغلغل في مصادر المياه في ضفاف نهر النيل.
لقد استفادت تل ابيب في الماضي من تركة الاستعمار للنفوذ اقتصاديا وسياسيا وعسكريا في القارة الافريقية وتعود العلاقات الاسرائيلية مع الدول الافريقية الى الخمسينيات من القرن الماضي وشهدت تذبذبات عدة وقد استطاعت تل ابيب ايجاد علاقات مع نحو 20 دولة افريقية حينما خدعتها وقدمت نفسها على انها دولة من العالم الثالث اضطهد شعبها لأنهم يهود، كما نجحت تل ابيب في تصدير المنتجات الاسرائيلية الى اسواق تلك الدول.
وعرفت تل ابيب نفسها على انها المفتاح السحري للخزانة الامريكية والمساعدات الامريكية وقد ساعدتها امريكا ايضا حينما لم تكن تستقبل رؤساء الدول الافريقية مثل زائير الا حينما يقيمون علاقات مع تل ابيب، وقد انطلى الامر على الافريقيين، اما الان يركز قادة تل ابيب على افريقيا كمركز استراتيجي واقتصادي وسياسي لهم ويريدون استغلال الفقر والتخلف الافريقي لبسط سلطتهم في كامل القارة السمراء.
بعد اتفاقية كمب ديفيد استطاع الكيان الاسرائيلي تجميل صورته ونجح في مد جسور العلاقات الدبلوماسية مع 30 دولة افريقية حتى عام 1991 وازداد هذا العدد الى 48 دولة حتى عام 1997 وعزز هذا الكيان نشاطته تحت ستار المشاريع الزراعية والتنموية والمساعدات العسكرية.
اهداف جولة نتنياهو
ان التحركات الاسرائيلية الاخيرية في شرق افريقيا لها اهداف سياسية وعسكرية وامنية واهداف اقتصادية يمكن تلخيصها كما يلي:
أ- اهداف استرتيجية وسياسية
لدول شرق افريقيا اهمية استرتيجية بالنسبة للكيان الاسرائيلي لانها منفذ وممر حيوي يطل على المحيط الهندي والبحر الاحمر فعشرين بالمئة من التجارة الخارجية الاسرائيلية تتم من امام القرن الافريقي ومضيق باب المندب حيث يريد الكيان الاسرائيلي كسر الطوق العربي المضروب عليه.
ان الدول الافريقية تشكل 31 بالمئة من الاصوات في المحافل الدولية وهذا ساعد تل ابيب على الخروج من عزلتها العربية ايضا.
ب- اهداف اقتصادية
تمتلك الدول الافريقية ثروات معدنية ومناجم كبيرة فيما يمتلك الكيان الاسرائيلي تطورا تكنولوجيا صناعيا (الصناعات الزراعية والمنجمية) وهكذا تصبح افريقيا مصدرا كبيرا للمواد الاولية وسوقا كبيرا للسلع والمنتجات في نفس الوقت وهذا يحرك عجلة الاقتصاد الاسرائيلي.
وتشكل الدول الفريقية مجالا واسعا للنشاط الزراعي الاسرائيلي ايضا فهناك مشاريع مشتركة كبيرة بين الجانبين كما يصدر كيان الاحتلال الأسمدة الكيمياوية ايضا الى الدول الافريقية بشكل كبير ويشارك في مشروع تصفية مياه بحيرة فيكتوريا الى جانب المانيا في كينيا حيث يعلم الجميع ان هذه البحيرة هي المصدر الرئيسي لمياه نهر النيل.
ج- الاهداف الامنية والعسكرية
يسعى الكيان الاسرائيلي في هذا المجال الى فرض حصار وطوق على الدول العربية عبر تأجيج الخلافات بين الدول الافريقية والعرب، فتل ابيب تريد بسط نفوذها في اعالي النيل وتشارك في سحب المياه من بحيرة فكتوريا للمشاريع الزراعية وتؤجج الخلاف بين اثيوبيا والعرب وتؤثر على سياسات اوغندا وتدعم انفصاليي جنوب السودان بالكامل.
كما ينشر الاسرائيليون قواتهم العسكرية في اثيوبيا وبعض الجزر التي يستأجرونها للتواجد في منافذ البحر الاحمر، ومن جهة اخرى يقوم الاسرائيليون بنشر الدعايات المعادية للدين الاسلامي في هذه المنطقة لاشعال الصراعت بين الدول الاسلامية والدول الافريقية وقد ادعى نتنياهو في جولته الاخيرة ان تل ابيب تتعاون مع الدول الافريقية ضد الارهاب!
د- التأثير على دول حوض النيل والسيطرة على مصادر المياه العذبة
يواجه الكيان الاسرائيلي أزمة مائية في المستقبل ويريد ان يؤمن مصدر مياه نفسه ولذلك نجد ان نتنياهو يقوم بجولته في دول حوض النيل علما بأن تل ابيب ابرمت اتفاقا مائيا مع هذه الدول في عام 2009 ايضا.
ان الكيان الاسرائيلي يريد حصة ثابتة لنفسه من مياه نهر النيل لأن قادة هذا الكيان يعتقدون ان الصراع القادم في المنطقة يدور حول المياه وقد رأينا كيف استطاعت تل ابيب الحصول على نسبة من مياه النيل حسب اتفاقية كمب ديفيد مع مصر.
لقد وعد نتنياهو اثيوبيا التي بنت سد النهضة على النيل بالمساعدات في مجال الزراعة وهذ يدل على وجود اهداف اسرائيلية بعيدة.
حجم النفوذ الامني والتجاري الاسرئيلي في افريقيا
تولي تل ابيب اهمية كبيرة لعلاقاتها مع دول وسط افريقيا لأن فيها مناجم للالماس واليورانيوم كما تقيم علاقات وطيدة مع الغابون لان فيها حقول نفطية اكتشفت مؤخرا.
اما جهاز الموساد الاسرائيلي فقد اوجد شبكات تجسس سرية وعلنية في افريقيا، ويدرب الموساد العمال والشباب الافريقيين على الزراعة كما يدرب الجنود والضباط الافارقة في معسكرات الجيش الاسرائيلي وينشر الفكر الصهيوني من خلالهم في افريقيا، ومن جهة اخرى يساعد الكيان الاسرائيلي الدول الفريقية الحليفة معه عسكريا وهكذا يزيد من نفوذه هناك يوما بعد يوم.
المصدر / الوقت