التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

أبعاد التدخل التركي بغطاء واشنطن 

وكالات – سياسة – الرأي –
لعل تركيا تراهن على قطيعة كاملة بين الدولة السورية ووحدات حماية الشعب، تعززها معارك الحسكة وجموح حزب الاتحاد الديمقراطي لتوظيف فائض القوة في منبج، في المشروع الفيدرالي بدفع من واشنطن.

المعركة التركية في جرابلس السورية، قد تكون سريعة كما يتوقعها وزير الداخلية إفكان آلا. فـ”داعش” أخلى المدينة من عائلاته التي نقلها إلى الباب والرقة، ومن معظم مقاتليه الذين لم يبقَ منهم غير الانتحاريين وبعض المجموعات الصغيرة التي تشرف على سرير المتفجرات حول المدينة.

دلالات المعركة ليست في جرابلس، إنما في تغطية تحالف واشنطن الجويّة لهذه المعركة، وقطع الطريق على وحدات حماية الشعب التي توقّع الكثيرون أن يختارها التحالف نتيجة التوتر بين أنقرة والدول الغربية.

غطاء واشنطن لأنقرة ساعة زيارة جو بايدن لخفض التوتر، يشير إلى إطار اتفاق بين تركيا والادارة الاميركية على التدخل التركي في الأزمة السورية لمواجهة “داعش”. ويشير أيضاً إلى أن واشنطن يمكن أن تقف على الحياد في المواجهات المقبلة بين تركيا ووحدات حماية الشعب. فتركيا تتدخل باسم “الجيش الحر” الذي تصنّف واشنطن فصائله بأنها معارضة معتدلة. بل يطلب رئيس الوزراء بن علي يلدريم من جو بايدن أن تعيد إدارته النظر بتصنيف وحدات الشعب معارضة معتدلة.

في هذا الاتجاه هدّد الرئيس التركي رجب طيّب أردغان باستخدام جميع الامكانيات لحماية وحدة الأراضي السورية”، فيرى ما سماها “المسألة السورية” شأناً تركياً داخلياً. بينما أوضح رئيس الوزراء التركي أن تستمر تركيا بمكافحة ارهاب “داعش” ووحدات حماية الشعب وحزب العمال الكردستاني.

عملية “درع الفرات” تأتي في أعقاب ما وُصف بأنه تراجع تركي عن الحرب في سوريا. سواء في تصريحات رئيس الوزراء بشأن الحل السياسي، أم بشأن الاعتراف برئاسة الرئيس بشار الأسد “في مرحلة انتقالية”.

لكن أنقرة تأمل التوافق لإحلال محل وحدات حماية الشعب، ما تسميه معارضة معتدلة تضم فيما تضم أحرار الشام والنصرة ظناً بأن العداء بين الدولة السورية والوحدات يفوق عداءها لقوى يمكن أن تضمنها أنقرة في تسوية مقبلة. ولا يبدر من تركيا ما يشير إلى التراجع عن “ملاذات آمنة” بين جرابلس وأعزاز بل تراها أفضل الخيارات لوقف النزوح إلى أوروبا بحسب آخر المباحثات التركية مع الاتحاد الأوروبي.

لعل تركيا تراهن على قطيعة كاملة بين الدولة السورية ووحدات حماية الشعب، تعززها معارك الحسكة وجموح حزب الاتحاد الديمقراطي لتوظيف فائض القوة في منبج، في المشروع الفيدرالي بدفع من واشنطن.

لكن دمشق تحرص على استمرار التقاطع مع وحدات حماية الشعب في مواجهة “داعش” وحلفاء تركيا. كما تحرص على استمرار القتال جنباً إلى جنب في معارك مشتركة ولا سيما في حلب.

وتعبيرأ عن هذا الحرص اتهمت دمشق “الأسايش” بأنهم جناح حزب العمال الكردستاني ولم تتهم وحدات حماية الشعب كما تشتهي أنقرة.

في المقابل تفرض التناقضات المتداخلة إقليمياً ودولياً، أن ترى وحدات حماية الشعب ضمانتها في الدولة السورية آخر المطاف.

وفي هذا الإطار لم يوقع حزب الاتحاد الديمقراطي على اتفاقيات ألحّت على توقيعها واشنطن. كما تجنّب الاتفاق مع السعودية على دعم عسكري ومالي سخي مقابل انضمامه إلى المعارضة المسلحة في قتال الجيش السوري وحلفائه.

وفي أغلب الظن أن الحزب يرفض العرض نفسه الذي تقدمه السعودية على ضوء معارك الحسكة.

الحزب المتحالف مع واشنطن منذ معركة عين العرب في العام 2014، متيقّن من أن الإدارة الاميركية تتخلّى عنه في أول منعطف كما يُنقل عن صالح مسلم في جلسات بعيدة من الأضواء مع رفاق درب قديم. ولهذا الأمر يسعى الحزب إلى تطوير علاقاته مع موسكو مدخلاً لمشاركة قويّة في مستقبل سوريا الفيدرالي بحسب توقعاته.

وفي دليله على الخلاف مع واشنطن يؤكد صالح مسلم أن وحدات حماية الشعب ترفض باستمرار الضغوط الاميركية لإدخال “بشمركة روج آفا” القريبة من “المجلس الوطني الكردي” إلى مناطق الإدارة الذاتية والى خطوط المواجهة مع الجيش السوري.

ما يتسرّب في الصحافة عن اقتراح جو بايدن إلى طاولة المباحثات في أنقرة، يعزز مخاوف وحدات حماية الشعب من تقلبات واشنطن. فالتوقعات ترجح اتفاق واشنطن مع تركيا يشمل سيطرتها على جرابلس ــ الباب ــ تادف، بينما يتراجع ملف فتح الله غولن العالق في العلاقات الثنائية إلى تحت طاولة المباحثات وتتقدم فوقها ملفات الازمة السورية والارهاب.

فالانعطافة التركية في اتجاه دمشق أولها كلام، لكنها إذا اتجهت أنقرة إلى وضع حلفائها برعاية الجيش التركي محل “داعش” ووحدات حماية الشعب، قد تبقى الانعطافة كلام بالأحرف الأولى.

قاسم عز الدين

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق