التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

تحرير “داريا” … انهيار “ثورة الارهاب” في سوريا 

الضربة التي تلقتها المعارضة المسلحة من تحرير داريا غرب دمشق بعد اربع سنوات قد لا تتلقاها من تطورات حلب لانها خسرت مكانا كان رمزا لـ”ثورة الارهاب” .

وتزامنا مع اول تورط عسكري علني لتركيا في الشمال السوري حيث توجهت كل الانظار الى هناك وقع حادث مهم للغاية في وسط سوريا وبالتحديد في الضاحية الجنوبية للعاصمة دمشق .

الانجاز جاء بموجب اتفاق بين الجيش السوري والجماعات المسلحة ينص على خروج جميع المسلحين والمدنيين من داريا بدءا من امس الجمعة وعلى مدى اربعة ايام بعد ان يسلموا اسلحتهم الثقيلة والمتوسطة … ليتركوا مدينة كانت في الاشهر الاولى للازمة السورية منطلقا لتحرك المسلحين ضد النظام السوري .

وقبل ان نواصل هذا المقال وبعيدا عن اي وجهة نظر حول الانقلاب المسلح في سوريا علينا ان نقبل بان اي تحرك في اي بلد ياخذ طابعا عسكريا ويستهدف حكومة مستقرة يحق لتلك الحكومة ان تتعامل معهم على انهم ارهابيون وان تقمعهم بكل ما اوتيت من قوة.

وقبل فترة سألت السفير التركي في طهران رضا هاكان عن التناقض الواضح في السياسة الخارجية لبلاده ؟ ففي الوقت الذي بادرت انقرة الى قمع عدد من العسكريين في الجيش التركي قاموا بانقلاب مسلح على حكومة اردوغان المستقرة بهدف الاطاحة بها.

لاشك ان انقرة اعتبرت العسكريين انقلابيين وقمعتهم بشدة واعتقلت الالاف و طالت الاعتقالات والملاحقات كل مرافق البلاد . ولكن كيف تبادر نفس حكومة اردوغان الى دعم مجموعة من العسكريين واعضاء بالجيش السوري ( تحت اسم الجيش الحر) شهروا السلاح بوجه حكومة مستقرة؟ ولكن السفير التركي تهرب من الجواب وقال انه لايجد تشابها بين القضيتين.

اذن واستنادا الى هذا الاستدلال نعتبر الخطوة المسلحة لاهالي داريا بانها ارهابية حتى ولو اطلقوا على انقلابهم وحربهم العسكرية اسم الثورة واعتبروا انفسهم ثوارا.

موقع واهمية داريا

دارَيـّا المشددة الياء هي كلمة ارامية تعني البيت ، ومشتقة من كلمة دار، والياء دلالة على الجمع والالف في اخرها هو حرف تعريف . ومثل هذه الكلمات في سوريا كثيرة نظير حصنايا وقدسيا وكفريا وقد سمعتم عنها كثيرا هذا فضلا عن الفوعة وكفريا البلدتين الشيعيتين المحاصرتين في ادلب.

وتقع داريا على بعد 7 كليومترات الى الجنوب الغربي من دمشق وبالقرب من مقر الفرقة الرابعة ومطار مزة العسكري وهي متاخمة تقريبا للحرس الرئاسي والقصر الجمهوري . وهذه المدينة تعد من اول المدن القريبة من دمشق وشهرت السلاح بوجه الحكومة وهي محاصرة من قبل الجيش منذ اربع سنوات .

فلو دققنا في خارطة محافظة دمشق ( ما عدا حي جوبر في غرب دمشق)

نجد انه مازالت هناك نقطتين مهمتين تهددان خاصرة دمشق من الشرق والغرب وبيد المسلحين ، وهما دوما في الشرق وداريا ( ومعظمية) في الغرب. فبعد تطهير داريا في الغرب باتت المعظمية بحكم الساقطة الامر الذي يجعل دمشق تتنفس الصعداء من جهة الغرب بعد اربع سنوات عجاف.

سقوط رمز ثورة الارهاب

يعتبر المسلحون في سوريا داريا رمزا لثورتهم وهم يندبون اليوم على صفحات التواصل الاجتماعي فقدانهم داريا وقد كتب موقع اورينت نيوز الالكتروني للمعارضة السورية في هذا الخصوص:

“الجمعة 26 اب تودع الثورة السورية رمزها ، وهو اليوم الذي تم فيه الاتفاق على الرحيل صوب ادلب وجهة المسلحين او صوب ريف دمشق وجهة المدنيين ليتمكن النظام السوري التخلص من اكبر مازق له طيلة السنوات الماضية وبذلك يتمكن الاسد من تكرار سيناريو الوعر في حمص والزبداني في ريف دمشق ومدينة حمص القديمة هذا في الوقت الذي طلبنا النجدة من الالاف من الجماعات الثورية في القنيطرة ودرعا والغوطة الغربية لدمشق لانقاذ داريا “.

ويكشف هذا المقطع للمقال الطويل لموقع اورينت نيوز بوضوح مدى حسرة المعارضة وحجم الضربة التي تلقوها في ريف دمشق .

واذا اردنا ان نشير الى اهم محافظتين للحكومة السورية واكثرها حساسية فهما دمشق وحلب ( وبالطبع ان جنوب سوريا له اهميته الخاصة) والان باتت دمشق قريبة من الامن الكامل .

ونبشركم بان ريف دمشق الشرقي هو الاخر سيشهد نجاحات مهمة للغاية من قبل الجيش وحزب الله . فارهابيو دوما باتو يشعرون بحجم الضغط ما سيدفعهم قريبا الى الخروج لينتهي بذلك التهديد الذي يستهدف الخاصرة اليمنى لدمشق.

تاثير تحرير داريا على كل محافظة دمشق وجنوب سوريا

اهمية عودة داريا الى حضن دمشق لاتقتصر على هذه المدينة ودمشق فحسب . فالى جانب التاثيرات النفسية والعسكرية فان اخلاء داريا من المسلحين سيؤثر على كل الغوطة الغربية والشرقية لدمشق وان تاثيره سيكون مدمرا على الارهابيين الى جنوب سوريا اي الى درعا والقنيطرة.

فعلى الثوار الارهابيين اخراج الغوطة الغربية بشكل كامل من حساباتهم وان مدينة المعظمية المتاخمة لداريا والتي تخضع للحصار سيكون مصيرها مثل مصير داريا لامفر ، ومن الان تصل الاخبار بان المسلحين هناك ايضا يعتزمون الاستسلام ، اذن ماعاد مطار المزة مهددا وكذلك الحال بالنسبة لطريق صحنايا دمشق المهم والحيوي للجيش وهذه كلها نجاحات كبيرة .

فداريا من الجنوب تتصل باوتوستراد دمشق – درعا وهذا بحد ذاته يكشف عن الموقع المهم لهذه المدينة ومن هنا فان دمشق باتت من اليوم تتحكم بشكل اكبر بجنوب البلاد وعلى الجماعات المسلحة في درعا والقنيطرة التي تتعرض للوم من قبل الجماعات المسلحة في داريا مثل لواء شهداء كفرسوسة ولواء شهداء الاسلام فعلى هذه الجماعات ان تشعر بالخطر اكثر انطلاقا من اليوم .

وتعصف بالثوار الارهابيين اليوم موجة من الغضب والفشل ، فيقول مصدرمن المعارضة المسلحة في درعا في جنوب سوريا في موقعه الخبري “المدن” ان حالة من الغضب تسود الجنوب لاسيما في محافظة درعا والغوطة الشرقية لدمشق فهو يقول ان الناشطين ” الثوار” تركوا داريا فريدة .

ففي محاولة منه لتبرير العجز عن مواجهة الجيش وفك الحصار عن داريا يقول ان الجماعات المسلحة في درعا ما كانت تتمكن من فك الحصار عن داريا لان وصولهم الى داريا يحتاج الى ثلاثة اشهر من القتال ولكن لو ساند المقاتلين في الجبهات الجماعات المتواجدة في الغوطة الشرقية لتمكنا من بدء عمليات عسكرية من شانها تخفيف الضغط على داريا.

مراجعة الماضي

خضعت داريا في 2012 لمحاصرة الجيش السوري وتمكن الجيش من قطع ارتباطها مع مدينة المعضمية منذ شباط الماضي لتفقد بذلك واحدة من اهم طرق امدادها.

وفي النهاية اعطى تكتيك القضم للجيش السوري بدعم من حزب الله لبنان ثماره وقاد التقدم من بناية الى بناية في داريا الى تشديد الضغط على الف مسلح وبالنتيجة انصاع المسلحون في داريا قبل يومين الى شروط الجيش السوري.

وتقرر تسوية اوضاع من يرغب من المسلحين الاستفادة من العفو العام للرئيس بشار الاسد تسوية اوضاعهم مع الجيش بل وحتى السماح لهم الالتحاق بقوات الدفاع الوطني ان شاؤوا ذلك فيما سيجري نقل من لايرغب من المسلحين تسليم نفسه الى مدينة ادلب.

اما اهالي المسلحين الذين بقوا في مدينة داريا (بعد ان غادرها اهلها جراء القتال) ويقدر عددهم بنحو 4 الاف شخص فقد جرى نقلهم الجمعة الى بلدتي قدسيا والكسوة فيما سيجري السبت نقل 700 مسلح الى ادلب ليكتمل بذلك سقوط رمز ثورة الارهاب في سوريا.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق