مركز حقوقي فلسطيني: أهالي قطاع غزة واجهوا أهوالًا لا يمكن وصفها
وكالات – سياسة – الرأي –
إستهجن مركز حقوقي فلسطيني بشدة فشل “المجتمع الدولي” في اتخاذ خطوات ملموسة من شأنها أن تنهي حالة الإفلات من العقاب، وتكرس مبدأ المحاسبة على انتهاكات القانون الدولي الإنساني، وفشله كذلك في فك الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة.
جاء ذلك في بيان لمركز الميزان لحقوق الإنسان، بمناسبة مرور عامين على توقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والذي استمر على مدى 51 يومًا، وشهد أعمال قتل وهدم وتدمير، وسط صمت المجتمع الدولي، وعجزه عن الوفاء بواجباته في التدخل لوقف الانتهاكات، والسعي لملاحقة مرتكبي جرائم الحرب بحق المدنيين العزل.
وكانت قوات الاحتلال شرعت في هجومها على غزة، بشن مئات الغارات الجوية طالت أنحاء متفرقة من كافة مدن وأحياء القطاع، وتزامنت مع عمليات قصف مدفعي بري وبحري بالقذائف المدفعية والصاروخية. وطال العدوان الممتلكات والأعيان المدنية، ودمر آلاف المنازل السكنية التي سويت بالأرض، وقتل جراءه المئات من المدنيين ولاسيما داخل بيوتهم، بمن فيهم نساء وأطفال وشيوخ.
وبحسب البيان “لقد واجه المدنيون الفلسطينيون في قطاع غزة أهوالاً لا يمكن وصفها، في ظل غياب الحماية، وتعمد قوات الاحتلال قصف المنشآت المدنية، وملاجئ الأمم المتحدة التي ترفع العلم الأممي، واستهداف المستشفيات، وسيارات الإسعاف، وطواقمها والمساجد. وتسببت أعمال القتل المروعة والتدمير الهائل في الممتلكات والأعيان المدنية خلال العدوان الحربي بعمليات نزوح جماعي، حيث اضطر الآلاف من أفراد العائلات الأخرى إلى ترك وهجر منازلها حفاظاً على حياة أفرادها وأمنهم وسلامتهم وسط انقطاع متواصل للتيار الكهربائي ومياه الشرب”.
وأشارت خلاصة التحقيقات التي أجراها المركز، إلى أن قوات الاحتلال ارتكبت أعمال قتل منظمة بحق السكان المدنيين خلال عدوانها على قطاع غزة، حيث هاجمت المدنيين داخل منازلهم، وقتلت المئات بعد أن دمرت منازلهم فوق رؤوسهم في انتهاكات لأبسط قواعد القانون الدولي الإنساني.
وتشير التحقيقات الميدانية كذلك إلى أن قوات الاحتلال الإسرائيلي ارتكبت أنماطاً متعددة من الانتهاكات غير أعمال القتل والهدم والتدمير المباشرة، تراوحت بين منع وعرقلة وإعاقة عمليات نقل وإخلاء الجرحى والقتلى من الميدان، أو إخلاء المدنيين المحاصرين في مناطق تشهد عمليات عسكرية وفي ظروف إنسانية بالغة القسوة بعد انقطاع التيار الكهربائي والمياه وعجزهم عن التزود بالغذاء أو قدرتهم على الوصول للرعاية الصحية، واستهداف سيارات الإسعاف والطواقم الطبية بالقصف المباشر، ووقف عمل المستشفيات والوحدات الطبية في الأماكن القريبة من مناطق العمليات، وقصف مستشفيات ومداخلها ومحيطها على نحو مباغت ما شل قدرتها على العمل وتسبب في فقدان مدنيين من جرحى ومحاصرين لحياتهم.
وفي معرض سعي قوات الاحتلال لمنع نشر ما ترتكبه على الأرض من فظائع وبشاعات، عمدت تلك القوات إلى منع الصحفيين ووكالات الأنباء من الوصول إلى الأماكن التي تشهد مسرحًا لعملياتها العدوانية، كما استهدفت منشآت صحفية، وإذاعات محلية في انتهاكات خطيرة ومنظمة لقواعد القانون الدولي الإنساني.
هذا وتعزز حصيلة ما وثقته منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية من خسائر بشرية ومادية مدى شراسة هذا العدوان، حيث تسبب في حصيلته النهائية في استشهاد 2219 فلسطينيًا من بينهم 556 طفلًا، و299 امرأة، فيما أصيب 10670 آخرين، من بينهم 3551 طفلًا، و2070 امرأة.
وأشارت حصيلة أعمال الرصد والتوثيق إلى أن قوات الاحتلال دمرت 31979 منزلًا في قطاع غزة، من بينها 8164 عمارة سكنية. وكانت تلك المنازل تأوي 43789 عائلة يبلغ عدد أفرادها 252935 شخص، من بينهم 124683 طفل. ومن بين المنازل المدمرة 8381 منزل دمرت تدميرًا كليًا، من بينها 1718 عمارة سكنية.
كما دمرت قوات الاحتلال 2268 منشأة مدنية، من بينها 937 منشأة دمرت تدميرًا كليًا. وتشمل تلك المنشآت مستشفيات، عيادات صحية، مساجد، كنائس، بنوك، مؤسسات أهلية، مدارس، رياض أطفال، كليات، جامعات، مراكز شرطة، ملاعب ومراكز رياضية، ومنشآت صناعية وتجارية. كما دمرت 1097 مزرعة، من بينها 225 مزرعة حيوانات، 520 مزرعة دواجن، (350) مزرعة مزدوجة النشاط حيوانات ودواجن معًا، ومنحل واحد، ومزرعة واحدة لتربية الأسماك.
ونوه المركز إلى أنه وبعد مرور عامين على توقف العدوان الإسرائيلي، واستمرار الحصار المشدد الذي يقترب من إنهاء عامه العاشر، يستمر تغييب العدالة، ويشعر الضحايا أنهم أبعد ما يكونون عن الوصول إلى العدالة والإنصاف، ويفشل المجتمع الدولي في رفع الحصار عن قطاع غزة الذي ينتهك قواعد القانون الدولي الإنساني، فضلاً عن تقاعسه عن الوفاء بالتزاماته القانونية لجهة ملاحقة مرتكبي جرائم الحرب، ومن أمروا بارتكابها حتى الآن”.
وطبقًا للمركز الحقوقي فإن “العدوان الأخير الذي شنته قوات الاحتلال في تموز / يوليو 2014 يعزز شعور الضحايا بالإحباط جراء تكريس الحصانة لمجرمي الحرب”.
وشدد على ضرورة اتخاذ المجتمع الدولي لخطوات فورية وملموسة من أجل رفع الحصار غير القانوني وغير الأخلاقي المفروض على قطاع غزة، بما في ذلك ضمان مرور الأفراد والبضائع بما فيها مواد البناء الضرورية لإعادة الإعمار دون مزيد من الإبطاء.
ودعا المركز إلى توفير الحماية للمدنيين الفلسطينيين، في ظل تواصل الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي، وانتهاكها لحقوق الإنسان بشكل يومي. كما دعا لتفعيل أدوات المحاسبة الدولية وإنهاء حالة الحصانة، والإفلات من العقاب، لضمان حقوق ضحايا انتهاكات قوات الاحتلال في العدالة والتعويض، ومعاقبة مرتكبي الانتهاكات ومن أمروا بها.
ونبّه مركز الميزان إلى أنه يواصل جهوده الرامية لفضح ما يجري من انتهاكات منظمة لقواعد القانون الدولي الإنساني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والعمل مع منظمات حقوق الإنسان في فلسطين والعالم من أجل تحريك المجتمع الدولي للتخلي عن صمته، والتحرك وفاءً بالتزاماته القانونية، لاسيما اتفاقية جنيف الرابعة، لضمان حماية المدنيين، وملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين.
وتعهد المركز بأن يواصل جهوده لوضع المحكمة الجنائية الدولية أمام التزاماتها القانونية، واستمرار تزويدها بالحقائق التي تثبت تورط قوات الاحتلال بارتكاب جرائم حرب، لافتًا إلى أن الحرب القذرة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي عبر محاولات تشويه منظمات حقوق الإنسان وتهديد نشطائها وكل من يسعون لدفع ملف العدالة إلى الأمام، لن تثنيه عن عزمه.انتهى