نيويورك تايمز: الـ “سي آي إيه” تتصارع مع البنتاغون شمال سوريا
خروج الأمريكان من المستنقع الذي خلقوه في سوريا ربما يبدو أكثر صعوبة حاليا من أي وقت مضى.
وإن أمعنا النظر بما يحصل شمال سوريا لتبين لنا أنه، بينما تدعم وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) قوات الجيش الحر، على الجبهة الشمالية من سوريا، تقوم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) بحماية “قوات سوريا الديمقراطية” التي تقودها قوات “ي ب ك”، والجالب في الأمر أن كل من هاتين القوتين الأمريكيتين تتصارعان فيما بينهما شمال سوريا للسيطرة على أطراف مدينة جرابلس.
وفي هذا السياق سلّطت جريدة “نيويورك تايمز” الأمريكية في تقرير نشرته بقلم الصحفية “آن بارنارد”، الضوء على التناقض الموجود في سياسة الخارجية الأمريكية بالنسبة لتحولات الأوضاع في سوريا، والعملية العسكرية التي أطلقتها تركيا تحت مسمى “درع الفرات” في المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش والأكراد شمال سوريا وغرب الفرات. ونشرت الجريدة هذا التقرير تحت عنوان “أوضاع أمريكا صعبة: سيا تتصارع مع البنتاغون شمال سوريا”.
وطبقا لهذا التقرير كشفت الجريدة بأن الولايات المتحدة لديها مخطط مناقض لعمليات “درع الفرات” التي أطلقتها القوات التركية. وجاءت زيارة “جو بايدن” نائب الرئيس الأمريكي خلال الأسبوع الماضي الى أنقرة، ولقائه مع العديد من المسؤولين الأتراك، لطمئنة الأتراك بأن أمريكا ستدعم الحملة العسكرية التركية على جرابلس لطرد تنظيم داعش الإرهابي، ولكن مالبث أن تبدل هذا الموقف الأمريكي حيال العملية العسكرية التركية في جرابلس، ليوجه المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية “بيتر كوك” انتقادات لاذعة لتركيا بسبب عملياتها العنيفة في تلك المناطق شمال سوريا.
ومنذ أن بدأت وحدات الجيش التركي وطائراته من طراز “اف16” بشنّ ضربات قاصمة على مواقع وحدات حماية الشعب الكردية (YPG) في غرب الفرات، وجهت وزارة الدفاع الأمريكية انتقادات لاستهداف مواقع الأكراد من قبل تركيا.
وادّعت الصحيفة أن “الجيش السوري الحر” المدعوم من قبل تركيا، والذي تمكّن من انتزاع السيطرة على مدينة جرابلس (بمحافظة حلب شمالي سوريا) من تنظيم داعش الإرهابي، يتلقى دعما تركيا مطلقا في مواجهة وحدات حماية الشعب الكردية، ناهيك عن تقديمه مساعدات لوجستية كاملة لطرد عناصر (YPG).
وقالت “نيويورك تايمز″: إن الحرب بين “الجيش السوري الحر” و”ي ب ك” في سوريا، أدّت إلى إثارة مواجهة بين وزارة الدفاع الأمريكية ووكالة المخابرات المركزية “سي آي إيه”.
وذكرت الصحفية “آن بارنارد” في التقرير، أن وكالة الاستخبارات المركزية والبنتاغون تدعمان مجموعات مختلفة في الحرب الدائرة في سوريا، وأن هذا الوضع قد يسبب في بعض التوترات.
ووفق “نيويورك تايمز”، فإن “قوات الجيش الحر”، المدعومة من قبل وكالة المخابرات المركزية والوكالات الاستخباراتية المتحالفة معها، تمكّنت من التقدم نحو الغرب باتجاه بلدات الباب ومارع، ومن المنتظر أن يحدث اشتباك بينها وبين مسلحي “سوريا الديمقراطية” التي يقودها تنظيم “ي ب ك”، الذي يتلقى الدعم من قبل البنتاغون.
واعتبرت الصحيفة أن طلب الولايات المتحدة من مسلحي “ي ب ك” الانسحاب إلى المناطق الواقعة شرق الفرات، جاء في إطار سعي واشنطن لخلق توازن بين القوات الحليفة لها والأخرى الحليفة لها ولتركيا العضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، مشيرة إلى أن موقف الولايات المتحدة يتسم بالغموض حيال احتمال استمرار الاشتباكات بين الطرفين المتحالفين معها.
أشارت الصحيفة الى أن الدولة التركية تعتبر المسلحين الأكراد أعداءاً لها، ويبدو أنها دوّنت وحدات حماية الشعب الكردية على قائمة الإرهاب التركية على غرار جماعة “ب ك ك” الكردية المتواجدة بتركيا، ولهذا تلهث قوات أنقرة وراء تطهير شمال سورية كما جنوب تركيا من الجماعات المسلحة الكردية.
ونقل موقع “شيكاغو تريبيون” عن فارس بيوش، قائد لواء فرسان الحق المنضوي تحت لواء الجيش الحر، قوله: سنحارب أي فصيل يهاجمنا، بغض النظر عن المكان الذي تلقى منه الدعم.
وكان قد حذّر رئيس الديمقراطيين في لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الامريكي النائب “آدم شيف” في وقت سابق من خطورة الأوضاع في سوريا، قائلا: إن الولايات المتحدة تواجه تحديا هائلا، كما وصف الاشتباكات بين الجماعات التي تدعمها الولايات المتحدة بأنها ظاهرة جديدة نوعا ما، مضيفا: كل هذا يعتبر جزءا من لعبة الشطرنج ثلاثية الأبعاد التي تمثل ميدان المعركة السورية.
وعلى هذا المنوال غير معلوم إن كانت القوات الكردية ستتحدى الأوامر الأمريكية لها بالإنسحاب من مناطق غرب الفرات، مقابل الإحتكاك الذي سيقع بين الأطراف المدعومة من قبل الولايات المتحدة (الأكراد مع الجيش السوري الحر والأتراك)، والسؤال المحير هو، ماهي السياسة التي ستنتهجها أمريكا لمواجهة هذا الوضع المعقد؟.
مما ورد نستنتج أن الإقتتال المستعر بين المجموعات المدعومة من أطراف أمريكية مختلفة في سوريا، يوضّح مشاكل تواجهها الولايات المتحدة للتنسيق بين التنظيمات التي تدعمها على الأرض.
ويشير مايحدث من فوضى في شمال سوريا إلى عدم وضوح الرؤية الأمريكية تجاه تسليح الفصائل المسلحة التي تقاتل القوات السورية وحلفائها.
المصدر / الوقت