اين تكمن حساسية معارك ارياف حماه في الميدان السوري ؟
قد يكون المشهد المستجد في ارياف حماه الشمالية هو الأكثر حساسية ودقة فيما تشهده مختلف الجبهات السورية هذه الايام. جبهة حماه مرشحة لأن تخطف الاضواء من الجبهة النافرة في ريف حلب الجنوبي الغربي وما ادخلته من اهمية على جغرافيا المعارك في الحرب على سوريا بشكل خاص وعلى المشهد الاقليمي والدولي بشكل عام .
اللافت في هذه الميادين التابعة لأرياف حماه أنها قد تتخطى في أهميتها ما تشهده الميادين السورية ما بين أرياف اللاذقية وحلب او حتى ريف حمص الشرقي البعيد وامتدادا الى دير الزور. حماه قد تصبح احد الميادين التي ستشكل مفصلا في الحرب على سوريا وذلك للاسباب التالية:
1 – جغرافيا: يكفي النظر الى خارطة المواقع التي تشهد معارك حاليا في ارياف حماه الشمالية ، الشرقية منها او الغربية ما بين معان وصوران ومعردس و شمال القمحانة او حلفايا و شمال محردة ، لنستنتج الأهمية الجغرافية لتلك النقاط حيث تشكل وتكمل مع مدينة حماه مثلث حماية نقاط التوزع والانتقال الأكثر حيوية ما بين دمشق – حمص فحماه مع الامتداد غربا نحو طرطوس فاللاذقية او شرقا نحو مداخل الرقة او مداخل حلب الجنوبية الغربية ، كما وتشكل تلك المواقع حاليا نقطة وسيطة في عمق اماكن السيطرة الفعالة لوحدات الجيش العربي السوري .
2 – ميدانيا: تشكل عقدة حماه مع اريافها نقطة الارتكاز الاساسية حاليا في معركة الجيش العربي السوري الدفاعية عن الساحل السوري ما بين طرطوس وجبلة (حميميم ) واللاذقية ، او الدفاعية عن المداخل الشمالية للعاصمة ما بين حماه فحمص والقلمون حيث اكتمل مبدئيا حزام امن دمشق بالكامل وتم تخطي نقاط الخطر السابقة وتتحضر العاصمة لان تنضم اليها مواقع مهمة من الغوطتين الشرقية والغربية من خلال السيطرة الميدانية او من خلال التسويات والمصالحات المرتقبة او من خلال اقتراب استسلام مجموعات معينة من المسلحين في بعض النقاط ، وايضا كنقطة ارتكاز دفاعية عند مداخل حلب الجنوبية والغربية والتي على الطريق لاستكمال السيطرة عليها بالكامل حيث فشل المسلحون في فك الحصار عن احيائها الشرقية الداخلية وهم الان محاصرون في بقعة الكليات والراموسة والتلال المشرفة ويتحضرون للاستسلام او للانسحاب باتجاه خان طومان وربما بعيدا باتجاه ادلب .
ايضا تشكل عقدة حماه واريافها نقطة ارتكاز هجومية في معركة الجيش العربي السوري حيث تؤمن الربط والتواصل لكافة الوحدات التي ستندفع تبعا للمناورة الهجومية التي سيختارها هذا الجيش وذلك اما استكمالا لما بدأته وكان يتمتع بنسبة مرتفعة من امكانية النجاح باتجاه مطار الطبقة وامتدادا او تأسيسا نحو الرقة ، او لناحية التمدد شمالا عبر صوران – مورك – خان شيخون فادلب ، او شمال غرب باتجاه سهل الغاب مع ملاقاة محور آخر لوحداته يتمدد من ريف اللاذقية في كنسبا باتجاه السرمانية فجسر الشغور .
3 – استراتيجيا : قد تكون هذه المحاولة هي الفرصة الاخيرة للمسلحين الارهابيين ولمن يمثلون من دول او جهات دولية واقليمية ليعيدوا التوازن الى معركتهم الهادفة الى اسقاط الدولة والنظام والشرعية في سوريا ، وذلك بعد ان ثبت الجيش العربي السوري بشكل واضح واكيد مواقعه وسيطرته وانتشاره في مثلث القوة التي تشكل اساس الدولة وهو مثلث مدن ( دمشق – حلب – اللاذقية ) ، وبخسارة هذه المحاولة او هذه الفرصة التاريخية سيفقدون اي امكانية لاستكمال تلك المعركة وبالتالي سيخسرون الحرب التي خاضوها بكل ما يملكون من اموال وعتاد واسلحة واعلام وتحريض وارهاب .
من هنا ، ونظرا لهذه الأهمية الاستراتيجية لعقدة حماه واريافها الشمالية شرقا وغربا من الناحيتين الميدانية و الجغرافية ، تبرز الحاجة القصوى والضرورية والحيوية للسيطرة على تلك المواقع بالنسبة للمسلحين الارهابيين ولداعميهم من جهة ، او للمحافظة عليها والتمسك بها وتوسيعها اذا امكن بالنسبة للجيش العربي السوري ولحلفائه من جهة اخرى ، وتبقى معادلة الثبات في الميدان اساس الانتصار في المعركة التي تحددها دائما وتفرض مسارها نقطة ميدانية متواضعة او موقع صغير ، منه يتمدد النصر ويتوسع ويكبر ، او منه ايضا تبدأ الهزيمة وتتمدد وتنتشر .
شارل أبي نادر / المصدر فارس
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق