ولي العهد السعودي… بين الشعارات الملونة والحقيقة المرة
“بذلت المملكة منذ مشاركتها في تأسيس الأمم المتحدة جهوداً كبيرة لتحقيق المقاصد السامية التي نتطلع إليها جميعاً.
وتواصل اليوم جهودها الخيرة للمساهمة في إحلال السلام وإرساء الأمن والاستقرار، ليس في منطقتنا فحسب، بل في أرجاء المعمورة.. تولي المملكة أهمية قصوى لمحاربة الإرهاب.
إن المملكة ملتزمة بتعزيز حقوق الإنسان، وحمايتها وضمانها وفقاً لمبادئ الشريعة الإسلامية.. تعبر المملكة عن رفضها لاستغلال حرية الرأي في إهانة وازدراء الأديان، وتجدد توصيتها بأهمية تبني قوانين تجرّم ذلك.. إن ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من مآسي يستوجب من المجتمع الدولي اتخاذ كافة التدابير لوقف معاناة هذا الشعب الصامد.. لقد وقفت دول التحالف لدعم الشرعية إلى جانب الشعب اليمني الشقيق.. الصراع في سوريا.. يدعونا جميعاً إلى الإسراع في وضع حد لهذه المأساة الفظيعة.
وحان الوقت لإيجاد حل سياسي للأزمة يضمن وحدة سوريا ويحافظ على مؤسساتها.. وفيما يتعلق بالوضع في العراق فإننا نؤكد أهمية الحفاظ على وحدة العراق، وسلامة أراضيه وتخليصه من جميع التنظيمات الإرهابية، ونشجب أي أعمال تؤدي للعنف الطائفي والفرقة.. لن تألو المملكة جهداً في العمل مع المجتمع الدولي في سبيل تحقيق كل ما فيه خير البشرية”.
مقتطفات من كلمة ولي العهد محمد بن نايف أمام اجتماع الدورة السنوية الـ (71) للجمعية العامة للأمم المتحدة قبل ايام في نيويوك، قوبلت بتصفيق الحاضرين من أنظمة ديكتاتورية متخلفة وفقيرة منصاعة لمساعدات الرياض المالية أو أنظمة سلطوية همها الوحيد نهب ثروات الشعوب وبيع أنظمتها القمعية والبطشية السلاح لتفتك بحرية الفرد والرأي والمجتمع وتسلب أبسط حقوقه تحت يافطة الدين المزيفة وسلطة عقلية القبيلة البدوية المتعجرفة التي لا تعرف للحضارة من معنى ولا للتقدم من لون ولا تعترف بمؤسساتها السياسية والدينية والاجتماعية للديمقراطية من مكانة في أمور البلاد، تعيش شعوبها طيلة عقود طويلة وقرون متتالية القمع والعنف والكبت الفكري والتكفير والتهجير ورفض الآخر وسلب أبسط الحقوق المشروعة والمنصوصة في المواثيق والقرارات الدولية وتعاليم الأديان السماوية وفي مقدمتها ديننا الاسلامي السميح.
ففي البعد الداخلي، “المملكة ملتزمة بتعزيز حقوق الإنسان، وحمايتها وضمانها وفقاً لمبادئ الشريعة الإسلامية، وتعبر عن رفضها لاستغلال حرية الرأي في إهانة وإزدراء الأديان” فيما منهجية النظام الحاكم خلاف ذلك وسياسته قائمة على شعار “فرق تسد” للراعي البريطاني الخبيث، ومنذ توليه السلطة في بلاد الحجاز؛ ونظرته الشوفينية الطائفية تزدري لشق صفوف الشعب المسامح الذي عاش طوال قرون طويلة جنباً الى جنب بعيداً على الرؤية الطائفية ورفض الآخر وكراهية الأخ والشقيق والصديق تلك التي أضحت منهج تعليم الأطفال في مدارسنا منذ نعومة أظفارهم ليتخرجوا حاملين معهم الضغينة والحقد والميل للدمار والتفجير والتفخيخ وقتل أبن البلد والجار وشعوب المعمورة لأنهم يختلفون معنا في المعتقد والديانة والرؤية نحو العيش السليم والعادل والحر.
“حقوق الإنسان، وحمايتها وضمانها وفقاً لمبادئ الشريعة الإسلامية” تعني بمنهجية بن نايف واسرته الحاكمة يعني أن يكون هناك أكثر من أربعين سجناً ومعتقلاً كبيراً منتشراً في ربوع المملكة وفي مقدمتها سجن حاير أو الحائر، والذي يجسد مدينة كبيرة تحت الأرض ويقع على بعد 29 كيلومتراً جنوبي العاصمة الرياض، تم إفتتاحه عام 1983 بحراسة مشددة يمنع دخوله حتى منظمات حقوق الانسان الدولية، ويضم بين جدرانه من طفل صغير وحتى شيخ طاعن في السن، من دعاة للاصلاح والتغيير والسيرة على نهج الاسلام والإلتزام بالمواثيق الدولية وتنفيذها بما لا يتعارض وأحكام ديننا، وناشطين وحقوقين وعلماء وجامعيين وطلبة مدارس قصر، ينفذ في عدد منهم حكم “الحرابة” وتقطع رؤوسهم دون ذنب بعد محاكمات صورية وهمية بعيدة كل البعد عن العدالة ودون حضور وكلاء دفاع – وفق تقارير الأمم المتحدة ومنظمة العفو الدولية وأخريات معنيات بحقو الانسان العربية منها والغربية.
وفي بعد مكافحة الارهاب حسب ما ادعاه بن نايف وهو يشمر عن ذراعيه أمام الحضور في المنظمة الأممية قائلا “المملكة أحبطت 268 عملية إرهابية بعضها كان موجها لدول صديقة.
والمملكة كانت من أوائل الدول التي أدانت هجمات 11 سبتمبر، وأكدت أن محاربة الإرهاب مسؤولية دولية مشتركة”، ووثائق الاستخبارات الأميركية تؤكد تورط مسؤولين سعوديين كبار من أفراد العائلة الحاكمة في أحداث 9 سبتمبر ما دفع الكونغرس الأميركي للتصويت على قرار يسمح للمواطن الأميركي مقاضاة السلطات السعودية والذي سارع الرئيس الأميركي قبل يومين لإستخدام “الفيتو” ضده والذي سوف لن يدوم القرار هذا طويلاً، حيث المؤشرات تدلل على عزم الإدارة الأميركية الى فتح باب الكشف عن فضائح آل سعود على مصراعيه بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة، وهو ما أكده مرشحا الجمهوريين والديمقراطيين.
ونضيف الى ذلك ما تكشفه تقارير الاستخبارات ووسائل الاعلام الغربية عن الكم الهائل من الارهابيين السعوديين الذين ينهالون على مراكز الصراع الاقليمي في سوريا عموماً والعراق ليتصدروا بعددهم الكبير المجموعات الإنغماسية (الانتحارية) ليفجروا أنفسهم بين البرياء العزل وتسير أنهار الدماء في شوارع مدن الجوار العربي بدعم السلطة ودعاتها وفضائياتها واعلامها صباح مساء، بدلاً من الدعوة للسلم والحوار والقيام بدور الأخ الكبير لحلحلة الأزمات العربية والاسلامية فيما الواقع السعودي بعكس ذلك يصب الزيت على نار العداء الطائفي والقومي والديني ويدفع الأخوة وأبناء البلد الواحد نحو الإقتتال والتناحر والدمار، ثم نقف متفرجين نصفق للقاتل وندين المقتول المظلوم.
ونزيد في البعد الاقليمي العربي، دور مؤسساتنا الرسمية سياسية كانت أم دعوية في تذليل طريق التطبيع نحو الكيان الاسرائيلي المحتل لأرض المعراج وأولى قبلتنا، وقاتل أشقائنا الفلسطينيين والعرب طيلة أكثر من ستة عقود؛ ونواصل عدواناً وحربنا الشرسة الظروس على جارنا اليمن ظلماً وبهتاناً بذريعة “الدفاع عن الشرعية” فيما لم ولن نعترف بهذه “الشرعية” في سوريا والعراق ومصر والبحرين، فندفع بمال البترول نحو إشعال فتيل الحروب والدمار والتقسيم في هذه البلدان العربية الشقيقة.
وما معنى كلام بن نايف بأن “المملكة جهداً لن تألو في العمل مع المجتمع الدولي في سبيل تحقيق كل ما فيه خير البشرية”، هو أن نسقط بقنابلنا الفسفورية والفراغية والمنضبة باليورانيوم يومياً على رؤوس الأطفال والنساء والشيوخ في اليمن وندفع بالأسلحة الحديثة والفتاكة والمدمرة نحو المجموعات الارهابية المسلحة الناشطة في سوريا والعراق، وندفع بالسلطة في البحرين في قمع مطالب شعبها الحقة خوفاً من سريان مفعول مطالباتهم نحو مملكتنا.
بقلم الكاتب السعودي: حسن العمري
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق