الخلافات السعودية الأمريكية بشأن ايران
تعتبر ايران عدوة للكيان الإسرائيلي والنظام السعودي ويدرك النظامان الإسرائيلي والسعودي ذلك جيدا وهما على يقين بأن ايران لديها برنامج منظم للقضاء عليهما وهي تقترب من ذلك خطوة بخطوة لكن الأمريكان لديهم شعور يختلف عن ذلك حيث انهم ورغم عدائهم المتناهي لإيران يعتقدون بضرورة مواجهة ايران بشكل متفاوت عبر تضعيف قدراتها وحياكة المؤامرات والمخططات ضدها ولذلك تتهم تل أبيب والرياض المسؤولين الأمريكيين بأنهم عاجزون عن فهم حجم الخطر الايراني وإنهم منشغلون بتضعيف ايران ويهدرون الوقت بدلا من القضاء على ايران عسكريا.
ان النظام السعودي يرى ان ايديولوجيته المحافظة والمتطرفة عاجزة عن مواجهة الإيديولوجية الثورية والدينية والشعبية للثورة الإسلامية الايرانية وهذا ما تعتبره الرياض السبب الرئيسي لفشل سياساتها طوال العقدين الماضيين في المنطقة.
ان الحاق الهزيمة بمحور المقاومة والممانعة والذي كانت السعودية تعتبره ممكنا من البوابة السورية كان يحظى بأهمية فائقة لدى السعوديين الى درجة قال الملك السعودي السابق عبدالله صراحة في وسائل الإعلام بأنه رصد 200 مليار دولار لتدمير سوريا لكن في خضم الأزمة السورية أخرجت أنصار الله اليمن من سيطرة وهيمنة عملاء السعودية وان السعوديين الذين كانوا يحجمون عن الدخول المباشر في الحروب دخلوا في حرب ضروس مع أنصار الله في اليمن وفي الحقيقة فإن سياسة جر ايران نحو الحرب المباشرة أدت الى إنزلاق السعودية نفسها الى الحرب المباشرة.
اما الكيان الإسرائيلي الذي كان يظن بأن الثورة الايرانية قد أفلت مع مرور الوقت وان التيارات الثورية التي تريد محو الكيان الإسرائيلي ستصاب باليأس، قد أجبر على مراجعة حساباته ومع الأحداث التي وقعت بعد عام 1996 أدرك الإسرائيليون ان أوضاع المنطقة لايمكن التكهن بها ولذلك وضع الإسرائيليون التحفظات جانبا وتوجهوا نحو الحرب وضغطوا على الأمريكيين بقوة للدخول في حرب مع ايران لكن إدراك الأمريكيين بأن الانتصار في الحرب ضد ايران يعتبر مستحيلا وكلفته باهظة جدا فإنهم تجنوا المواجهة المباشرة مع ايران، وقد أثبتت الأيام بأنهم كانوا غير مخطئين في ذلك.
وهكذا يمكن القول ان العقد الأخير شهد خلافا كبيرا بين الأمريكيين والإسرائيليين والسعوديين حول كيفية مواجهة إيران فالملك السعودي السابق عبد الله قال في آخر أيامه في مقابلة مع جريدة أوروبية ان على امريكا ان تهاجم إيران ونحن نتكفل بالأموال وتأمين الطريق للهجوم، كما أكد نتنياهو ايضا مرارا وتكرارا على عدم صوابية سياسة الاحتواء غير العسكري التي ينتهجها الأمريكيون تجاه ايران وكان نتنياهو يقول ان الطريق الوحيد والسريع لإصابة ايران بالشلل هو قصف بناها التحتية.
لكن الأمريكيين كانوا يعتقدون ان ايران بلغت مستوى من القوة العسكرية تجعل الحرب معها دون جدوى ولذلك إتجه الأمريكيون نحو إسقاط ايران من الداخل وإحداث شرخ في داخل البلاد وقد إستخدمت وزيرة الخارجية الأمريكية مصطلح “الحرب الذكية” في مواجهة الأمريكيين لإيران، لكن الحقيقة هي انه خلافا لما قالته هيلاري كلينتون لاتمتلك أمريكا فرصة لشن حرب ذكية لأن مثل تلك الحرب تحتاج الى التغلغل في المفاصل الإستراتيجية والأمنية والعسكرية والسياسية لايران لكن هذه الإمكانية غير متوفرة للامريكيين بسبب وجود عناصر ثورية ايرانية في هذه القطاعات.
ان الأمريكيين قد قالوا مرارا وتكرارا للسعوديين والإسرائيليين بأنكم ان كنتم تظنون بأن الإنتصار على إيران في الحرب أمر ممكن فلماذا لاتهاجمون ايران بنفسكم؟ ويبقى هناك أمر هام ينبغي الإلتفات اليه وهو ان الأمريكيين لايضعون مكائدهم لتغيير إيران جانبا بل ان خلافهم مع السعودية والكيان الإسرائيلي ليس خلافا استراتيجيا فهو خلاف على التكتيكات.
المصدر / الوقت