من جنيف الى لوزان .. الدروس والعبر السياسية
إنعقد في مدينة لوزان السويسرية الاجتماع الدولي حول النزاع في سوريا بمشاركة ايران وروسيا والعراق ومصر والاردن وامريكا وقطر والسعودية وتركيا بالاضافة الى مبعوث الامم المتحدة الى سوريا لإيجاد حل سلمي للأزمة السورية.
وأتى اجتماع لوزان بعد خرق وقف إطلاق النار في سوريا وتصاعد المواجهة السياسية بين امريكا وروسيا وكذلك بين بعض الدول الإقليمية، وفي الحقيقة فإن أمريكا وروسيا قد دخلتا مرحلة جديدة من الحرب الباردة بسبب الأزمة السورية.
أما فيما يتعلق بإجتماع لوزان فهناك عدة قضايا وأمور ينبغي الوقوف عندها وإن أهم هذه القضايا هي كالتالي:
– ان اجتماع لوزان إنعقد من دون شروط مسبقة فيما كانت الإجتماعات السابقة تبحث دوما موضوع تنحية الرئيس السوري من السلطة، ويأتي ذلك بعد تقرير رفعته أخيرا “وكالة المعلومات الدفاعية الامريكية” تحت عنوان “تقييم الأخطار العالمية” الى لجنة القوات المسلحة في الكونغرس الأمريكي حيث أكد التقرير ان سقوط الأسد قريبا بات أمرا مستبعدا ولذلك لايمكن رسم السياسات حسب مبدأ “تغيير النظام” في سوريا بالطرق العسكرية.
كما يحذر التقرير من مغبة أية مغامرة برية في سوريا وتبعاتها ويشجع الساسة الأمريكيين على توكيل مثل هذا الامر الى الحلفاء المتهورين اذا أرادوا التدخل العسكري في سوريا.
ويشير التقرير ايضا الى النجاحات التي حققها الجيش السوري والمقاومة في سوريا ويعتبر الدعم الروسي لسوريا رسالة من موسكو الى واشنطن لكي ينتبه الأمريكان الى قوة روسيا ولايستخفوا بها في المواجهات الميدانية فإذا تخطت التحركات الامريكية في سوريا الحد المعقول فعندئذ تندلع مواجهة وحرب مكلفة بين أمريكا وروسيا وهذا سيطيح أيضا بالإتفاق النووي بين ايران والغرب.
– ان أهم ما يجب ان يركز عليه كل الدول من الآن فصاعدا هو قطع الإمدادات عن الإرهابيين وعدم دعمهم في سوريا لكننا نجد ان الأمريكيين وحلفائهم يركزون على وقف إطلاق النار وهذا يعني العودة الى المربع الأول.
على روسيا وايران اللتين تعتبران أهم داعمي الشعب السوري وحكومته ان تركزا جهودهما على وقف إمدادات امريكا وإمدادات الدول العربية الرجعية للإرهابيين وهذا يمكن ان يؤدي الى تحرير مناطق عديدة في سوريا ويوفر إمكانية بناء عملية سياسية بشكل أسرع.
ان الاجتماعات السياسية التي تعقد بشأن سوريا مثل اجتماع لوزان تستفيد منها الدول التي تريد خداع الرأي العام والإيحاء بأنها تريد حلا سياسيا للأزمة السورية فعلى سبيل المثال أدى اجتماع ميونيخ الى حصول إتفاق تعذر التوصل اليه في اجتماع جنيف 3 حيث كان موضوع ارسال المساعدات الإنسانية الى الشعب السوري من صلب هذه التوافقات، كما تم الاتفاق في ميونيخ على وقف الإشتباكات وعودة الأطراف الى فحوى مفاوضات جنيف 3 لكن لم يتم تنفيذ أي من هذه الإتفاقيات على أرض الواقع أو طبقت بشكل جزئي وناقص.
ان وقف إطلاق النار التي يتم التباحث حوله مرارا وتكرارا يخرقه المسلحون الإرهابيون ولذلك لايمكن عقد الآمال كثيرا على إجتماعات مثل لوزان وميونيخ وجنيف ولذلك ينبغي على الدول الداعمة لسوريا وخاصة ايران وروسيا ان تدخل في قضايا أخرى وتتجنب التفاوض حول وقف إطلاق النار وتركّز على قتال الارهابيين وقطع الإمدادات عنهم.
وأخيرا يجب القول ان عقد إجتماعات متعددة حول سوريا لم تؤدي حتى الآن الى نتيجة واضحة وان الطريق الوحيد لإنهاء هذه الازمة هو احترام إرادة الشعب وإجراء إنتخابات نزيهة ومشاركة كافة الأطراف السورية في هذه الإنتخابات من دون تدخل خارجي.
المصدر : الوقت