السعودية وإفريقيا .. مخططات النفوذ والهيمنة
بعد وصل الملك السعودي الجديد الى سدة الحكم وشن الحرب على اليمن بات واضحا ان الحكام السعوديين الجدد اختاروا وضع الإحتياط جانبا والتعامل بشكل مختلف مع الاحداث التي تدور حول مملكتهم.
ان التغييرات الحاصلة في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا والدول العربية والمسلمة جعلت من الصعب بالنسبة للسعوديين الإحتفاظ بهيمنتهم على العالم العربي ولذلك بادر السعوديون الى تغيير جدول اعمالهم خاصة بعد فشلهم في العراق وسوريا واليمن وليبيا.
ومن جهة أخرى فإن دخول روسيا على خط الاحداث في المنطقة هو امر جديد آخر يضعّف مكانة السعودية ايضا كما ان التقارب المحتمل بين الغرب وايران بعد إبرام الإتفاق النووي زاد الشعور لدى السعوديين بأن الغرب يريد إستبدالهم بغيرهم، ويضاف الى هذا سقوط أنظمة حليفة للسعودية بفعل الثورات العربية حيث بات السعوديون يخافون على انفسهم أيضا.
أما الرد السعودي على هذه التغييرات كان متغيرا أيضا فالرياض سعت الى إيجاد نظم إقليمي جديد في إطار الإصطفافات الإيديولوجية كما وظفت الرياض عدة منظمات إقليمية مثل مجلس التعاون لدول الخليج الفارسي ومنظمة التعاون الإسلامي والمؤتمر الإسلامي وباقي المنظمات الإسلامية لصالحها من أجل ان تتحول السعودية الى قوة مهيمنة على العالم العربي السني ومن أجل تحقيق هذا الهدف ترى الرياض ان للقارة الإفريقية والدول الإسلامية في هذه القارة دور هام في بسط النفوذ السعودي وتوسيع حدود الدائرة الإستراتيجية للسعودية وزيادة الحلفاء وإدخالهم في الأحلاف الإستراتيجية التي تؤمن النظم الإقليمي الذي تتوخاه السعودية.
ومن جهة أخرى هناك حاجة سعودية مبرمة الى الدول الإفريقية من ناحية الأمن الغذائي والأمن المائي نظرا لارتفاع عدد السكان في السعودية وشحّ مصادر الغذاء والمياه في هذا البلد ولذلك نرى إستثمارات سعودية في قطاع الزراعة في السودان وإثيوبيا وتنزانيا وباقي الدول الزراعية.
وتتبع السعودية في مساعيها الدبلوماسية فيما يتعلق بالعلاقات مع القارة الإفريقية عدة استراتيجيات كبرى لجعل الدول الإفريقية المسلمة حليفة مع الرياض ومن اجل ذلك تقوم السعودية بما يلي:
– نشر الوهابية في القارة الإفريقية في اطار تحويل الإسلام الصوفي المعتدل الإفريقي الى إسلام وهابي متطرف.
– بسط النفوذ السعودي من أجل كسب مكانة إجتماعية عبر تقديم خدمات إجتماعية وتقديم مساعدات ضخمة للفقراء الإفريقيين.
– تقديم حوافز مالية والقيام باستثمارات كبيرة وشراء الأصوات والذمم وتغيير جدول الاعمال والسياسات الخارجية للدول المسلمة الإفريقية لجعلهم متوافقين مع السياسات السعودية.
-السعي لزيادة القدرات اللوجستية الإستراتيجية السعودية عبر السيطرة على مضيق باب المندب والممرات الرئيسية في البحر الأحمر وجعل دول مثل جيبوتي وإريتريا والسودان وتنزانيا وإثيوبيا واليمن تحت السيطرة السعودية لبسط النفوذ السعودي في القرن الإفريقي والتحكم بالبحر الأحمر.
– محاولة إنشاء جيش عربي سني مشترك تحت القيادة السعودية بالإستفادة من القدرات الموجودة في دول مثل مصر والسودان.
– السعي لزيادة أوراق اللعب الدبلوماسي وزيادة القدرة على التفاوض مع الغرب ومحاولة استخدام دبلوماسية القوة اذا نجحوا في المحاولات الأخرى.
– مواجهة ايران وبسط النفوذ السعودي في المناطق التي تسبب الغرب بحدوث فراغ فيها.
واخيرا يمكن القول ان الإستراتيجية السعودية في إفريقيا هي إستمرار لجدول أعمال السعودية لتحويل نفسها الى جهة إقليمية مهيمنة تقود العالم السني والعربي وذلك عبر تنفيذ مخططات أمنية ولوجستية وعسكرية وإقتصادية وسياسية.
المصدر / الوقت