التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, نوفمبر 25, 2024

المشهد السوري يحتدم والجيش يصنع البطولات والكلمة ما تزال للميدان العسكري! 

في ظل الحديث عن التغيرات الدولية الحاصلة، لا سيما بعد انتخاب دونالد ترامب رئيسا لأمريكا، يخرج البعض ليضع الشأن السوري ضمن الملفات القابلة للحل. وهو الأمر الممكن ولكن ليس قبل أن تتضح سياسة الرئيس الجديد، والتي ستأخذ وقتاً. مما يعني أن الفرصة الآن هي فقط للميدان، والذي يتجه لتعزيز وضع الجيش السوري وحلفائه كافة. فماذا في بقاء الخيار العسكري حالياً فيما يخص الأزمة السورية؟ وكيف تترقب أمريكا ذلك؟ وما هو التوصيف الأمثل للمشهد السوري بمنظاره الدولي؟

السلوك الروسي: التوجه نحو الحسم العسكري في ظل ترقبٍ أمريكي

لا شك أن التطورات الميدانية في حلب تؤكد توجه الأطراف الحليفة للجيش السوري نحو الحسم العسكري. وهو الأمر الذي باتت حديث أروقة وزارة الدفاع الأمريكية. حيث نقلت قناة روسيا اليوم عن مصادر في وزارة الدفاع الأميركية ترقبها لقيام القوات الروسية بعملية جوية مكثفة في مدينة حلب، بمشاركة القاذفات الحربية العاملة على متن حاملة الطائرات “الأميرال كوزنيتسوف” والتي وصلت إلى قبالة السواحل السورية. وأوضحت القناة أن مقاتلات “سو ــ 33″ و”ميغ ــ 29 كا” قد بدأت بالتحليق فوق الأراضي السورية، انطلاقاً من حاملة الطائرات، في حين قد تنضم أيضاً الى العملية المرتقبة، لفرقاطة “الأميرال غريغوروفيتش” المزوّدة بصواريخ “كاليبر” والموجودة شرق المتوسط.

الترويج الأمريكي الإستباقي: إستفاقة متأخرة

أكدت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، أن الرئيس الأميركي السابق باراك اوباما كان قد وجه أوامره للبنتاغون منذ يومين، لملاحقة وقتل مسؤولي تنظيم جبهة النصرة الإرهابي في سوريا. في حين روَّجت وزارة الدفاع الأمريكي الى أن الموضوع محسوم حيث أن الرئيس (اوباما) لا يريد لهذا التنظيم أن يرث سوريا بحسب تعبير الصحيفة. وهو ما جعل العديد من المراقبين يربطون السلوك الأمريكي بالفراغ الذي سيحصل نتيجة انتقال الرئاسة الأمريكية الى الخلف ترامب. حيث أن أوباما يعتقد بأنه بهكذا قرار قد يُعطي دوراً ما لأمريكا في الملف السوري لحين اتضاح المشهد وسياسات الرئيس الجديد. بينما شكَّكت القيادة العسكرية الروسية بجدية قرار أوباما خصوصاً أنه لم يظهر أي أثر عملي له، دون أن ينسى أحد أن أمريكا نفسها هي التي كانت تعتبر هذه الجماعة من الأطراف المعتدلة!

المشهد السوري بالمنظار الدولي

لا شك أن السياسات الدولية للأطراف المعنية بالملف السوري، تؤثر بالمشهد السوري. لكن الواضح أن هذه السياسات وأمام التطورات الميدانية الكبرى التي يصنعها الجيش السوري وحلفاؤه، لم تعد سهلة الصنع، خصوصاً بعد أن بات واضحاً بقاء الكلمة الفصل للميدان. وهو ما يمكن إبرازه بالتالي:

أولاً: الطرفين الروسي والإيراني يعتمدان سياسات واضحة بعيدة عن الخداع، تنطلق من أُطر التنسيق مع الدولة السورية. وهو ما بدا واضحاً منذ بداية دعم كلٍ من إيران وروسيا، حيث لم تتبدَّل أسس التعاون القائمة على دعم النظام ومحاربة الإرهاب. وهم اليوم يسيرون نحو تفعيل الدعم على الصعيد العسكري، لا سيما في ظل الحديث عن أن الشهرين الحاليين تعتبر من الأشهر الحاسمة. خصوصاً مع ربطها بما يجري من تغيُّرات دولية وتحديداً وصول رئيسٍ أمريكي جديد وما يعنيه ذلك من تبعات.

ثانياً: الطرف الأمريكي ما يزال اللاعب المُخادع. فعلى الرغم من أن واشنطن حاولت إدخال كلٍ من روسيا وإيران في معركة استنزافٍ طويلة، إلا أنها لم تنجح في تحقيق أهدافها لا سيما بعد فشل حلفائها الخليجيين وكذلك التركي. وفيما يجري اليوم الحديث عن تغيُّر قد يحصل نتيجة وصول ترامب لسدة الرئاسة، إلا أن ذلك يحتاج الى وقت كما أن ترامب لا يملك وحده القدرة على صنع القرار في القضايا الكبرى. بل هو جزء من مؤسسات أمريكية أهمها جماعات الضغط أو اللوبيات والتي تلعب دوراً أساسياً في تحديد الخيارات الإستراتيجية. كما أن التغيُّر في إدارة البيت الأبيض، يبدو أنه سيُلقي بظلاله على العلاقات بين أمريكا وحلفائها، لا سيما الخليجيين والغرب.

ثالثاً: يمكن الإشارة الى أن الطرف التركي الساعي الى تحسين أوراقه في اللعبة السورية، لا يمتلك جرأة التنفيذ أو التفرد بخيارات قد تُعيده الى ما قبل انعطافته نحو روسيا. خصوصاً أن وضعه الداخلي يزداد تعقيداً في ظل حملة التطهير السياسي التي يقودها أردوغان. كما أن الجماعات التي كانت أنقرة تعتمد عليها في سوريا باتت ضعيفة حكماً.

ما هي الأولوية اليوم؟

إن الواقع الميداني السوري أصبح أكثر تعقيداً بالنسبة لأمريكا وحلفائها كما بالنسبة للجماعات الإرهابية. حيث أن الأخيرة كانت وما تزال تُمثِّل الورقة الأساسية الميدانية لأمريكا وحلفائها، وهو ما يعني أن واقع هذه الجماعات والتي تعيش حالة من التقهقر والفشل، سيؤدي الى تحسين شروط الميدان للجيش السوري وحلفائه. وهو ما سينعكس حتماً على نتائج الأزمة السورية. حيث يبدو واضحاً أن المرحلة الحالية هي مرحلة فاصلة، خصوصاً تلك التي تمتد بين إنتهاء عهد أوباما وتسلم ترامب السلطة فعلياً. مما يمكن أن يكون فرصة للجانب السوري وحلفائه لحسم الواقع في الميدان العسكري. وهو ما سيؤدي لإبرام تفاهمات سيرضخ لها الطرف الإمريكي المتجه للخسارة في الأوراق الميدانية والتي ستكون لصالح الشعب السوري حتماً.

إذن لا شك أن الجميع ينظر للمشهد السوري، وكأنه كرة نارٍ تسير نحو نهايةٍ واحدة ستكون لصالح سوريا وشعبها. لكن التعقيدات الموجودة وتعدد الأطراف في ظل وضوح بعضها وخداع الآخر، يجعل الأزمة السورية في موقع التريُّث. تريُّثٌ سيستغله الجيش السوري وحلفاؤه في صنع المزيد من الإنجازات الميدانية، والتي حتماً ستُلقي بظلالها على أي مشهدٍ تفاوضيٍ مستقبليٍ قد يحصل. لنقول أن الترويج للحلول السياسية هو مجرد محاولةٍ لتبرير الضعف الأمريكي. ضعفٌ يبدو أنه سيزداد يوماً بعد يوم، مع فشل الجماعات الإرهابية في تحقيق أي نصر ميداني. لنجد أن المشهد السوري يحتدم والجيش السوري يصنع البطولات والكلمة ما تزال للميدان العسكري!
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق