التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 17, 2024

للعراق بشعبه ودولته: 27 مليون زائر يقولون شكراً لكم… 

غصت شاشات التلفزة بالتقارير والصور التي تُعبِّر عن حجم الإنجاز الذي حققه العراقيون خلال الأيام الماضية بإستضافتهم لأكثر من 27 مليون زائر من أكثر من 80 دولة ومن كافة الديانات والمذاهب. فالحدث شكَّل نموذجاً يمكن الإقتداء به، خصوصاً أمام تاريخٍ من الفشل يتصف به البعض من الدول الخليجية الذين دائماً ما كانت صفة الحوادث صبغة مناسباتهم الدينية التي يُديرونها. في حين باتت هذه المناسبة التي يستضيفها العراق كل عام، ظاهرة شعبية بإمتياز، حيث يُديرها شعب العراق بكل أطيافه. فكيف يمكن تبيين ارتفاع وتيرة الإقدام على زيارة الأربعين عبر السنوات؟ وما هي بعض تقديمات العراق رسمياً وشعبياً للزائرين؟ وعلى ماذا يدل ذلك؟

زيارة الأربعين: بعضٌ من إحصائيات التاريخ

يتزايد عدد زوار الأربعين سنة بعد اخرى، حيث تشير الإحصائيات الى أن عدد زوار يوم الأربعين سنة 1968 بلغ اكثر من نصف مليون زائر، ليصل عددهم في بداية السبعينات الى حوالي مليون زائر، حتى بدأت سلطات نظام صدام حسين حينها بقمع الزوار ومنعهم من أداء الزيارة. بقي الزوار يحتشدون لسنوات ويقع بينهم شهداء وجرحى ويُسجن آخرون، حتى سقوط نظام صدام حسين عام 2003. خلال السنوات التي اعقبت 2003 بدأ يصل عدد الزوار الى خمسة ملايين زائر، واستمر الإرتفاع في عدد الزوار حتى وصل عام 2013 وبحسب التقديرات الدولية الى أکثر من 17 مليون زائر وفي عام 2014 الى أکثر من 20 مليون زائر وصولاً الى 26 مليون زائر عام 2015 و 27 مليون لهذا العام.

بعض ما يُقدمه العراق على الصعيد الرسمي

يمكن تصنيف بعض تقديمات الجهات الرسمية العراقية للزوار القادمين من 80 دولة على الشكل التالي:

أولاً: وزارة النقل

اعلنت وزارة النقل أمس الإثنين، عن إحصائية لملخص مشاركتها بزيارة الأربعين منذ انطلاقها وحتى العشرين من شهر صفر الحالي حيث أشارت الى الإحصاءات التالية:

– شاركت الشركة العامة للنقل الخاص بـ ١٧٠٠٠ ألف آلية تابعة للقطاع الخاص فيما شاركت الشركة العامة للمسافرين والوفود بـ ٦٨٠ حافلة.

– شاركت الشركة العامة لسكك الحديد العراقية بـ ٢٤ قطار تضمن ٥٥ رحلة يوميا.

– شاركت الشركة العامة للنقل البحري بـ ٣٠ حافلة، وشاركت الخطوط الجوية العراقية بـ ٢٨ حافلة وشاركت المنشأة العامة للطيران المدني بـ ٣٠ حافلة.

– 2500 حافلة قد اوفدت الى المنافذ الحدودية مع العراق لنقل الزائرين.

ثانياً: وزارة الإعمار والإسكان

بحسب ما أعلنت وزارة الإعمار والإسكان العراقية، فإن عدد الكوادر العاملة التي شاركت بالخطة الخدماتية بلغ 5580. كما تم توفير 500 الف متر مكعب من المياه الصالحة للشرب يومياً، بالإضافة الى 300 ألف متر مكعب من المياه لصرفها في المجاري. بالإضافة الى ما تقدم، فقد شاركت الوزارة بتقديم 600 آلية لنقل الزائرين الوافدين الى محافظة كربلاء.

ثالثاً: الهيئات والمساجد

تم إحصاء 30 الف موكب وحسينية ومسجد تم إنشاؤهم على الطريق الواصل بين مدينتي النجف الأشرف وكربلاء المقدستين والتي يفصل بينهما نحو 80 كيلومترا. مهمتها استضافة الزائرين وتقديم الخدمات لهم.

رابعاً: عناصر الأمن والشرطة

تم استنفار نحو مئتين وخمسين ألف عنصر أمني عراقي بالإضافة الى مشاركة 50 ألف متطوع من أبناء الشعب العراقي لحماية الزوار الوافدين الى مدن العتبات المقدسة لا سيما مدينتي النجف وكربلاء.

بعض ما يقدمه الشعب العراقي

لا شك أن شاشات التلفزة بيَّنت وبشكلٍ واضح، بعض ما يقدمه الشعب العراقي من خدمات لزوار أربعين الإمام الحسين(ع). وهنا نُشير للتالي:

-على مدى شهري محرم وصفر، يتحول العراق بجميع مدنه وبلداته وقراه الى أكبر مُضيفٍ في العالم، حيث يتحضر الشعب العراقي لاستضافة زوار الإمام الحسين(ع) الآتين من أكثر من 80 دولة ومن مختلف الجنسيات والمذاهب والأديان واللغات.

-لدى الأسر العراقية عرفٌ إجتماعي يتمثل بأنه على الأسرة العراقية أن توزع على أعضائها مهمات استضافة الزائرين، فيتولى جزء منها مهمة تنظيف المنزل ويتوجه البعض الى مسير الزوار لدعوتهم بالحاح واستضافتهم. فيما يجلس البعض على الطريق ليوزع عليهم الأطعمة والمشروبات كما يقدم البعض الخدمات كتنظيف ومسح أحذية الزوار وتدليك أقدامهم.

-أما الأسر العراقية الفقيرة والتي لا تجد ما عندها للإستضافة، فهي تقوم عادة ببيع بعض الوسائل والمعدات المنزلية وذلك لإيفاء ما تعتبره واجباً تجاه الزوار وحُسن استضافتهم.

ما يجب الوقوف عنده: دلالات وتحليل

عدد من المسائل يجب الوقوف عندها، لعلنا نُعطي بعض الحق للشعب العراقي. وهو ما نُشير له بالتالي:

أولاً: لا بد من تقديم الشكر للشعب العراقي وتقدير حجم الإنجاز العراقي. فقيام الشعب العراقي بإستضافة ما يقارب 27 ملیون زائر خلال أیام دون حدوث أي حالة إختناق أو وفاة نتيجة تصادم، وفي ظل وضعٍ أمنيٍ واقتصادي صعب، يعيشه العراق، وتنتهي مجريات الزيارة دون حصول أي حدثٍ أمني أو يُسجَّل أي خسارة نتيجة سوء إدارة، فإن ذلك يُعتبر إنجازاً عظيماً وجبَّاراً.

ثانياً: تعتبر الزيارة وبالطريقة التي تحصل، ظاهرة إنسانية شعبیة ليس لها أي صلة بأطراف رسمية دولية أو حكومية. وهو ما يجعل من نجاح العراقيين في إدارتها نموذجاً يجب أن يُحتذى به في إدارة المناسبات الدينية لا سيما مناسك الحج، والتي يكون فيها عادة ما يُقارب 3 ملايين شخص فقط، في حين يحصل العديد من الكوراث نتيجة سوء الإدارة.

ثالثاً: يجب تقديم الشكر للجهات الرسمية العراقية، لا سيما لأسلوبها الناجح والمتميِّز في إدارة برامج استضافة الزائرين. خصوصاً أن محافظة کربلاء المقدسة تقوم مؤخراً بإعتبار الزيارة ومُتطلباتها جزءاً من خطة التنمية المستدامة، واضعة هدف القدرة على استيعاب 50 مليون زائر مستقبلاً. وهذا يدل على حجم الجديَّة والمسؤولية التي تضعها الدولة العراقية على عاتقها أمام هكذا حدث ضخم يحتاج لجهود جبارة.

إذن لن تكفي كلمات الشكر للشعب العراقي الذي بات نموذجاً في إدارة التجمعات البشرية الضخمة. فالحدث الذي بات يتكرر سنوياً مع ارتفاعٍ دائم في أعداد الزوار، يدل على حجم النجاح العراقي. في حين لا يمكن إلا تقديم الإعتزاز والإفتخار، حيث تضعف الكلمات للتعبير عن حجم الإنجاز. وها هو الشعب العراقي من جديد، يبني ملحمة إنسانية يمكن إضافتها الى ملاحمه البطولية في الدفاع عن وطنه وشعوب الأمة. ملحمة إنسانية باتت محط إفتخار الحريصين على مصلحة العراق، ومحط ترقُّب الحاقدين على شعبٍ استطاع النهوض من لا شيء. وهنا نختم ونقول للعراق بشعبه ودولته: 27 مليون زائر يقولون شكراً لكم.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق