إزدواجية سياسات اردوغان حيال أزمات المنطقة
اصبحت تصريحات الرئيس التركي خلال الأشهر الماضية محل اهتمام وسائل الإعلام العالمية فهذه التصريحات أثارت الإستغراب والحيرة ولم يكن أحد يتوقع من اردوغان ان يطلق مثل هذه التصريحات فاردوغان بات يتعامل مع الكثير من الملفات بعدم الإتزان ودون حكمة وتأمل ووصل الى الإزدواجية في قراراته.
وفي الكثير من القضايا ايضا نجد ان اردوغان يركز على الخلافات من جهة وعلى التنسيق مع الآخرين في نفس الوقت، ونحن هنا نريد مراجعة مواقف اردوغان الإزدواجية وسنشير الى أهمها ومنها 4 قضايا رئيسية هي التالية:
قضية التعامل مع الاتحاد الأوروبي
بعد ان اوقف الاوروبيون الحوار مع تركيا حول إنضمام هذا البلد الى الإتحاد الأوروبي اتخذ اردوغان مواقف إزدواجية تنم عن خلل نفسي فهو من جهة طرح موضوع الإستفتاء الشعبي لإستمرار الحوار من اجل الإنضمام للإتحاد الأوروبي ما يدل على عدم وجود رغبة لديه للإنضمام الى الإتحاد، لكنه في نفس الوقت هاجم في خطابه الأخير الدول الأوروبية وهددها بفتح الحدود التركية أمام اللاجئين ليجتازوها نحو الدول الأوروبية وهذا يظهر ان عين اردوغان لازالت على الإنضمام للإتحاد الأوروبي، وبعبارة أخرى يتحدث أردوغان مرة عن عدم أهمية الإنضمام لاوروبا ومرة أخرى يبدي ردة فعل حادة على تعليق الأوروبيين للحوار مع تركيا حول إنضمامها ويهددهم بفتح الحدود أمام اللاجئين.
2. إزدواجية النظرة الى قضية فلسطين والكيان الإسرائيلي
يقول اردوغان في أحدث تصريحاته في مقابلة مع القناة الثانية الإسرائيلية حينما سئل عن تصريحاته في عام 2014 ووصفه الجرائم الاسرائيلية في غزة بأنها أكثر وحشية من جرائم هتلر، انه لا يمكنه ان ينسى مشاهد قتل آلاف الفلسطينيين، كما أشار اردوغان الى تلاسنه مع الرئيس الإسرائيلي الأسبق شيمون بيريز في مؤتمر دافوس وقوله لبيريز بأن الاسرائيليين يجيدون القتل، ويضيف اردوغان انه في حال استمر الكيان الإسرائيلي في جرائم القتل هذه فإنه سيتصرف “بشكل عادل” (أي انه يدين الكيان الاسرائيلي)، لكن اردوغان يتحدث عن التطبيع مع تل أبيب في قسم آخر من كلامه ويؤكد بأن تل أبيب اعتذرت عن حادثة سفينة مرمرة، وهكذا يتضح ان اردوغان يطلق ايضا تصريحات فيها إزدواجية واضحة فهو من جهة يريد إظهار نفسه مدافعا عن الشعب الفلسطيني ومن جهة يظهر نفسه حليفا لتل أبيب وهذا يدل على منطقه الإزدواجي حيال القضية الفلسطينية والكيان الإسرائيلي.
3. الإزدواجية في المنطق عند التعامل مع قضية أكراد تركيا وقضية بقاء الأسد
يقول اردوغان في مقابلته مع القناة الثانية الإسرائيلية “اننا نعارض اي نوع من القتل والارهاب، ان الأسد قد تسبب بمقتل 600 ألف من مواطنيه ونحن نعتبر هذا الشخص قاتلا وإرهابيا في وقت كانت هناك بيني وبينه علاقات عائلية في السابق لكن الامر إختلف اليوم لأنه قام بأعمال ارهابية وأعمال قتل”، وتأتي تصريحات اردوغان هذه في وقت رأى الجميع كيف أصر اردوغان على قمع معارضيه بعد الإنقلاب العسكري الفاشل في تركيا وأوجد أجواء الرعب والكراهية في المجتمع التركي، ان هذه القضية تثبت ايضا وجود الإزدواجية في المنطق والاختلال لدى اردوغان.
4. الإزدواجية في التعامل مع داعش
في مقابلته التلفزيونية يصف اردوغان تركيا بأنها قوة كبيرة في مواجهة داعش لكنه في نفس الوقت يشن هجوما على الغرب ويتهمه بدعم داعش بدل محاربته، ويضيف اردوغان “ان الذي يحارب داعش هي تركيا وليس الغرب الذي يعطي السلاح الى داعش والى أكراد سوريا في وقت تحارب تركيا داعش”، لكن هذه التصريحات من قبل اردوغان تأتي في وقت يعلم الجميع بأن الدول الغربية ودول المنطقة قد انتقدوا تركيا مرارا وتكرارا منذ عام 2014 بسبب دعمها الخفي لداعش.
وفي الحقيقة يمكن القول ان اردوغان يريد من جهة لعب دور المدافع عن الإنسانية وحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب ليظهر بمظهر منطقي وعقلاني، لكن تصرفاته ونهجه الدكتاتوري في داخل تركيا وقمعه لأية معارضة داخلية واتباع سياسة عدائية ضد دول المنطقة والإتحاد الأوروبي تكشف عن شخصيته غير العقلانية وهذا ما يمكن ان نسميه المعايير المزدوجة لدى اردوغان.
المصدر / الوقت