التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

إنجاز حلب: فرصة انتصار وطن؟! 

استطاع الجيش السوري أن يستعيد معظم الجغرافيا التي كان قد فقدها لا سيما في معركة الشمال السوري حلب. وبات الحديث عن انتصار الجيش السوري أمراً حتمياً. لكن مقاربة الانتصار من بوابة أنه انتصار طرفٍ على آخر داخلياً أو انتصار محورٍ على آخر خارجياً، لا يكفي. بل لن يكون في صالح الشعب السوري، صاحب الانتصار الحقيقي وصاحب التضحيات الكبيرة. لذلك ومن باب إدراك خطورة المرحلة وحساسيتها، وتماشياً مع احترام أولوية مصالح الشعب السوري، نوجه ومن خلال هذه السطور، قراءةً مُغايرة للانتصار، قد تكون باباً لمرحلةٍ جديدة، نتمنى أن تعيشها سوريا.

النصر الذي بات حتمياً

يختلف الأمر عند الحديث عن معركة حلب، لأسبابٍ كثيرة باتت معروفة. وهنا نُشير لأهم النقاط التي تتعلق بأسباب اعتبار النصر في حلب حتمياً:

أولاً: إن الظروف الحالية تحسم فرضية انتصار الجيش السوري، حيث لم يعد ممكناً حصول أي إنعطافة غير محسوبةٍ في المجرى العسكري للمعارك هناك. مما يعني بالنتيجة حتمية النصر، مع أخذ ما يعنيه ذلك عسكرياً على صعيد الجغرافيا السورية كاملاً.

ثانياً: بات واضحاً أن المدينة وبأكملها انتفضت لإزالة غبار الحرب وتأمين عودة الأهالي. وهو ما تُثبته المساعي التي يقوم بها الصليب الأحمر إلى جانب استنفار ورش العمل في بلدية المدينة، بالتعاون مع وحدات الهندسة العسكرية في الجيش السوري والتي تجهد في إزالة ما خلّفه المسلحون من أسلحة وعبوات.

انتصار حلب مقدمة لانتصار الجيش السوري الكامل؟

إن انتصار الجيش السوري في حلب يعني انتصاراً بعد أربع سنواتٍ من القتال في معركة بدأت في أيلول عام 2012. ومنذ ذلك الوقت، انشغل العالم برصد تطوّرات عاصمة الشمال السوري عسكرياً. ومع الميدان الحلبي، ترسَّخت معادلة “الأوراق السياسية تعني إنجازات الميدان”. فكانت ترتفع إنجازات الميدان لصالح سوريا وحلفائها، وتزداد معها أوراقهم السياسية في المقابل. فيما شكَّلت الأوراق الميدانية في حلب، علامة فارقة أثرت على كافة الجغرافيا العسكرية السورية. وهو ما يعنيه أيضاً الانتصار في معركة حلب.
حقائق بين بندقية الجيش السوري و… آخرين!

يمكن ومن خلال الاستفادة من نتائج معركة حلب قول التالي:

أولاً: أثبت الجيش السوري أنه متماسك وقادر على أن يكون جيشاً لكل الوطن وليس للنظام فقط، كما يحاول الكثيرون تقديمه. بل إن إنجازات الجيش لم تنحصر في بقعة معينة أو جغرافيا محدودة. كما أن حسابات الديموغرافيا لم تدخل معادلاته الميدانية، وانطلق من معادلة واحدة هي فقط، معادلة الانتماء لكل شبرٍ من الأرض السورية.

ثانياً: أثبتت حركة ما يُسمى بمجموعات المعارضة السياسية، أنها تنتمي لأجندة سياسية خارجية، تمتد من تركيا إلى الدول الخليجية فالغربية. وبين كل هذه الأطراف تداخلت المصالح وتعارضت. مما أثر على أداء هذه المعارضات. فيما فضح تناغمها مع المجموعات الإرهابية المسلحة، حجم استغلالها من قِبَل الغرب والدول الإقليمية الأخرى، ليس لصالح سوريا بل خدمةً لمصالحها الظرفية. كما سقطت ورقة المعارضة السياسية في الميدان السوري وفي أكثر من معركة، بعد أن باتت فيما مضى ورقة تُستخدم للحرب على النظام وإسقاط الرئيس السوري.

كيف يمكن استثمار الإنجاز وطنياً؟

لا شك أن إنجاز حلب سيكون منعطفاً سورياً بامتياز. بل سيؤثر في مفاعيله على الوضعين الإقليمي والدولي. وهنا فإن الحديث عن مفاعيل الإنجاز إقليمياً ودولياً بات معروفاً. فيما لم يتطرق أحد للحديث عن مفاعيل الإنجاز محلياً. خصوصاً أن الأطراف السورية قادرة على استغلال الإنجاز لبناء وطنهم، والذي نعتبره الهدف الأهم الذي يخدم مصلحة الشعب السوري.

انطلاقاً مما تقدم نقول التالي:

أولاً: على الأطراف السورية التي كان لديها شك بولاء الجيش السوري، أو مارست وشكَّكت بانتمائه الوطني، ودخلت في بازار الرهانات الخارجية حتى أصبحت ورقة بيد الأطراف الإقليمية والدولية، أن تُعيد حساباتها، ليس فقط في ميزان الربح والخسارة بل في ميزان إمكانية تحقيق الأهداف التي تسعى لها أي معارضة في العالم من موقعها الطبيعي الهادف للإصلاح. وهو ما يُمكن أن ينقل الصورة التي بشَّعها سلوك ما يُسمى بالمعارضة السورية، إلى صورة مُشرِّفة تُساهم في نهوض سوريا الوطن الذي يستطيع أن يحتضن جميع أبنائه.

ثانياً: إن مشروع الوطن والدولة يحتاج لإعادة ترتيب البيت الداخلي. وهو ما يجب أن يقوم به النظام السوري، لا سيما أنه أعلن مراراً نيته تحقيق ذلك. لكن أولويات الحرب الدولية التي شنَّها العالم عليه، ودخوله في معركة وجودٍ مصيرية خرج منها مُنتصراً، جعل ترجمة هذه النية صعبة، أمام أطرافٍ نادت ببعض المطالب الإصلاحية وانغمست للأسف في رهانات الأطراف الخارجية، بل دخلت في حسابات عسكرية. حينها خرجت الدولة السورية لتسأل عن الطرف المقابل. فهل من المعقول أن تُفاوض الدولة طرفاً يتبنى مطالب إصلاحية مُحقة، لكنه يُمارس في الوقت عينه سياسة الرهان على سقوط النظام عبر دعم الخيارات العسكرية الإرهابية ضده؟ بالطبع هذا لن يحصل.

ثالثاً: على الأطراف التي تمتلك مشروعاً إصلاحياً مُحقاً، أن تنظر إلى أن الحرب التي شارك البعض محلياً في تأجيجها، كان من نتائجها أن دفع الشعب السوري فيها ثمناً باهظاً، ناهيك عما قدّمته الدولة من تضحيات في كافة المجالات لا سيما العسكرية. وهو ما يجب أن يُقابل، بمد اليد نحو الدولة الحالية والتي أثبتت أنها المرجعية الوحيدة في كل الأزمات للداخل والخارج. وهو ما يُسهِّل عودة الحياة السياسية والمساعي الجديَّة للانتقال السياسي في سوريا كما يرغب شعبها.

إذن، بات واضحاً أن الجيش السوري هو الضامن لسيادة واستقلال سوريا. وبات واضحاً أيضاً أن النظام الحالي قادرٌ على اختيار الأولويات فيما يصب في صالح الدولة السورية. ويجب أن يكون واضحاً أمام من يطلبون الإصلاح ويضعون أنفسهم تحت خانة المعارضة – وهو الحق السياسي الطبيعي الموجود في أي بلد – أن يتصرفوا على قدر المسؤولية، وبحجم إنجازات الجيش السوري. لنجعل من حقيقة إنجاز الجيش السوري في معركة حلب، انتصاراً سورياً بامتياز، وفرصة انتصار وطن.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق